السبت 4 مايو 2024
كتاب الرأي

الكثيري: المرحوم عبد الوهاب بلفقيه كان حقا جامعا للفضائل والمكرمات

الكثيري: المرحوم عبد الوهاب بلفقيه كان حقا جامعا للفضائل والمكرمات مصطفى الكثيري
شاءت إرادة الله تبارك وتعالى ولا راد لقضائه ولمشيئته، أن يستأثر برحمته الواسعة أحد أبناء  هذا الوطن البررة الذي اختطفته يد المنون من بين أهله وذويه ومحبيه وجاءت سكرة الموت بالحق، ذلك ما كنت منه تحيد، وكان المصاب فيه جللا، إنه الفاعل السياسي المشهود له بشجاعته وصلابة عوده وقوة شخصيته وصدق وطنيته وحبه لوطنه المرحوم عبد الوهاب بلفقيه، تغمده الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته..
فما أنبله من شعور نثني على من يستحق الثناء، ونكشف جوانب أفضاله وجميل أفعاله وكبير أثره، ونستغفر له فيما قد اخطأ فيه،  فقد كان المرحوم عبد الوهاب بلفقيه حقا جامعا للفضائل والمكرمات، يتسم بالسكينة، يعمل ويجد في هدوء، كان قويا في وطنيته متواضعا في نفسه عظيما عند ربه، معروفا في وسط أهالي جهة كلميم واد نون، لطيف المعشر وعذب الأحدوثة وعالي النفس وسامي المقاصد ودمث  الأخلاق، مؤمنا عزيزا لا يخاف في الله لومة لائم مخلصا لدينه ووطنه وملكه.
من ربوع آيت عبد الله هذه القبيلة المشهود لأهلها بالشهامة والنضال طلع الفقيد الراحل عبد الوهاب بلفقيه الذي رآى النور سنة 1974 وانتقل إلى  مدينة  كلميم شابا يافعا حيث صقل كفاءاته ومواهبه في مجال التجارة، وباحتكاكه اليومي بالشأن العام قاده حماسه النضالي وحسه المتقد للمشاركة في تدبير الشأن العام مستعينا برصيد نضالي ومعرفي مستمد من تربيته في وسط محافظ، فأجداده توارثوا حفظ القرآن الكريم وتربية أبنائهم على القيم الدينية والوطنية، وهم أسرة علم ومعرفة وجاه وتأثير في الشأن العام للقبيلة. وهكذا تظافرت هذه العوامل وغيرها في توجيه مساره لخوض غمار العمل السياسي بوعي وطني وحس عالي في خدمة منطقته ووطنه.
اشتغل عبر مساره النضالي مؤمنا بالتأني الموضوعي والنشاطات التنظيمية الصحيحة لقناعته بأهمية الوعي السياسي والنضج النضالي والفعل الهادف.
انتخب نائبا ومستشارا برلمانيا كما اضطلع بمهام رئيس المجلس البلدي لمدينة كلميم لتدبير الشأن المحلي، وكان في عمله مثالا للشاب المشبع روحا والمتقد حماسة في مساعيه ومهامه في بناء وطنه، تميز بمناقبه الحميدة وخصاله الإنسانية والأخلاقية المثلى في الالتزام والوفاء والجدية والاستقامة والإخلاص في العمل والإيثار ونكران الذات، ولم يلحقه غرور بل كان متواصلا مع عموم المواطنين، يشعرك في أول لقاء به أنك تعرفه منذ أمد بعيد، فقد سكن الوطن قلبه وانفتحت قلوب الناس له، قريب من الجماهير الشعبية وحامل لهمومها وهواجسها النضالية وتطلعاتها. 
يعتبر المرحوم عبد الوهاب بلفقيه من طينة ومعدن الرجال الصادقين المخلصين للمبادئ السامية والمثل العليا ومكارم الأخلاق قضى حياته الحافلة بالأعمال الجليلة والتضحيات الجسام وخالد المآثر واجل الإسهامات وظل بذلك طيلة حياته مثالا للمغربي الأصيل يتحلى بالقيم الوطنية الصادقة والمواطنة الايجابية خدوما للثوابت الوطنية مستهينا بكل ما يحد من الاستمرارية في مسير ته غير عابئ بالعوائق التي تعترض سبيله..
كان رحمه الله يتمتع بمكارم الأخلاق منها صدق القول والفعل وبذل المعروف والجهد وصيانة الأمانة ونكران الذات والعمل في صمت فكان بذلك مثالا حيا لذلك الطراز الفريد من الرجال الذين يؤدون واجبهم بكل تواضع ضاربا أروع الأمثلة في العزة والإباء، فرض التقدير والحب بفضل القيم النبيلة والمثل القويمة التي طبعت سلوكه ومواقفه في الحياة وفي المجتمع.
لقد أنجبت قبائل آيت باعمران هذا الرجل الفذ السخي بعطاءاته النضالية ولا غرو في ذلك فتاريخ قبائل آيت باعمران زاخر بالملاحم والبطولات طافح بالأمجاد والمكرمات، ويخلد الشعب المغربي سنويا ذكرى انتفاضتهم التاريخية الشهيرة ضد المستعمر الاسباني.
والى جانب هذا وذاك كان الفقيد عبد الوهاب بلفقيه قوي العزيمة، فولاذي الإرادة، أبي النفس، كريما، حليما، صريحا سموحا، ودودا، طيبا، محبوبا، لينا في حزم حازما في لين، متصفا بصفات حميدة وأخلاق أصيلة، طيب المعشر واسع الصدر لين الجانب، ديمقراطي الطبع، شعبي السلوك يصل الرحم ويعين المحتاج، ويواسي المريض، إذ أن مبادراته في الحقل الإنساني والاحساني والاجتماعي لم تكن تقل عن نضالاته في الحقل السياسي والشأن المحلي.
 وصفوة القول ان المرحوم عبد الوهاب بلفقيه كان من خيرة الناس ومن معدن الفاعلين السياسيين والاجتماعيين الأصفياء الذين امنوا برسالتهم النبيلة وأدوا واجبهم الوطني على أحسن وجه..
 
مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء
( كلمته التأبينية في حق الراحل عبد الوهاب بلفقيه)