السبت 20 إبريل 2024
سياسة

الخبير المغربي الهيبة يعود بقوة للجنة المعنية بحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة

الخبير المغربي الهيبة يعود بقوة للجنة المعنية بحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة صورة التقطت عبر الوبكاست للأستاذ المحجوب الهيبة خلال تدخله في الحوار التفاعلي مع الوفد الحكومي لألمانيا بقصر ويلسن بجنيف

أنهت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بجنيف دورتها 133 حضوريا بعد ثلاث دورات سابقة نظمت عن بعد. وقد شارك الخبير المغربي المحجوب الهيبة الذي انتخب في هذه اللجنة في أشغال هذه الدورة التي دامت خمسة أسابيع، حيث اختتمت أشغالها يوم الجمعة 5 نونبر 2021. ومعلوم أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان هي هيئة من هيئات المعاهدات التي تقوم برصد مدى احترام الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لمقتضياته وأيضا البروتوكولين الاختياريين الملحقين به: الأول المتعلق بالبلاغات الفردية، والثاني المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام. وقد بلغ لحد اليوم عدد الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 173 دولة.

 

وتعد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أقدم لجنة، حيث أنها تعتبر لجنة اللجان ضمن تسع لجان أخرى مكونة من خبراء ترشحهم دولهم، ويشتغلون بعد انتخابهم من طرف ما يسمى بمؤتمرات الأطراف في الاتفاقية المذكورة بصفتهم خبراء مستقلين.

 

وقد ابتدأت الدورة 133 للجنة المعنية بحقوق الإنسان، والتي تتكون من 18 خبيرا يمثلون مختلف الأنظمة القانونية الرئيسية في العالم منذ 11 أكتوبر 2021، مع ضرورة الإشارة إلى أنه سبقتها دورة خاصة حضرها 7 خبراء من ضمنهم الخبير المغربي المحجوب الهيبة، إذ عمل فريق عمل خلالها على إعداد  مشاريع الآراء المتعلقة بالشكايات الفردية التي قدمت إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في جلساتها العامة، كما قامت اللجنة بتنظيم حوارات تفاعلية مع أربع دول، حيث استعرضت تقاريرها الوطنية، وهي ألمانيا وبوتسوانا وأرمينيا وأوكرانيا. وقد كان الحوار التفاعلي مفتوحا للعموم عبر تقنية "الويب كاست".

رئيسة اللجنة وجانب من القاعة خلال نفس الحوار مع الوفد الألماني.

 

جريدة "الوطن الآن"، وموقع "أنفاس بريس"، تابعا هذه الحوارات التي انعقد جزء منها في قصر "ويلسون" بالنسبة لألمانيا وبوتسوانا، وفي قصر الأمم بالنسبة لأرمينيا وأوكرانيا بجنيف، بما فيها تدخلات الخبير المغربي المحجوب الهيبة التي أتاحت له فرصة طرح مجموعة من الأسئلة على الوفد الألماني ووفد بوتسوانا.

 

ولاحظنا من خلال حوارات "الويب كاست" التفاعلية، الحرص التام على احترام التدابير الاحترازية داخل القاعة، حيث أن كل الخبيرات والخبراء كانوا يرتدون الكمامات خلال ساعات العمل (ثلاث ساعات في الصباح وثلاث ساعات في الفترة المسائية) مع إزالتها استثناء عند التدخلات، في حين كان البعض الآخر وضمنهم الأستاذ المحجوب الهيبة يحرصون على عدم إزالتها بشكل مطلق. وفي ما يتعلق بلغات عمل اللجنة فهي بالأولوية الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، في حين سجل تدخل الوفد الأوكراني الذي لم يحضر بكامله باللغة الروسية، وبينما حضرا سفيري أوكرانيا وأرمينيا بالقاعة، سجل تدخل الوفد الحكومي بكامله تقريبا من عاصمة البلدين استثناء.

 

وخلال الحوارات التي تابعناها عبر "الويب كاست"، طرحت جملة من الأسئلة حول مواضيع مختلفة لقضايا حقوق الإنسان منها وضع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في النظام الداخلي للدولة المعنية، ومدى استعمال القضاء الوطني لهذه الدول لمقتضيات العهد الدولي وللتوصيات الصادرة عن اللجنة المذكورة خلال الاستعراض السابق بالنسبة للدولة المعنية، ثم أيضا المسائل التي تتعلق بحرية التعبير، واستقلال القضاء وخاصة ما يتعلق بالتدابير المتخذة لضمان المحاكمة العادلة، مكافحة الحقد والكراهية في بعض الدول، حماية الأقليات اللغوية والثقافية، مشاركة النساء في الحياة السياسية والحياة العامة بشكل عام، ثم أيضا مسألة تعزيز التنسيق في مجال حقوق الإنسان، ونشر وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان من خلال نشر العهد الدولي والتوصيات التي تصدرها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على نطاق واسع بعد استعراضها لتقرير الدولة وإجراء الحوار التفاعلي.

صور التقطناها عبر الوابكاست لتدخلات خبراء من اللجنة، بما فيهم الاستاذ الهيبة خلال الحوار التفاعلي مع الوفد الحكومي لدولة بوتسوانا بقصر ويلسن.

 

وقد كانت الدورة 133 غنية، حيث دامت 5 أسابيع استدراكا للتأخر الحاصل، سواء على صعيد استعراض تقارير الدول أو في ما يتعلق بالشكايات الفردية. وقد سبق للخبير المحجوب الهيبة أن كان عضوا في هذه الهيئة لما كان أمينا عاما للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (المجلس الوطني لحقوق الإنسان حاليا)، ولكنه قدم استقالته عندما عينه الملك محمد السادس كأول مندوب وزاري مكلف بحقوق الإنسان، حيث كانت مهمته تتركز على تنسيق إعداد التقارير الوطنية الدورية للمملكة وتقديمها وتنظيم حوارات تفاعلية مع هذه اللجان، بما فيها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، بعد أن اعتبر ذلك متناقضا مع المهام المسندة إليه، وقد حبذت ذلك المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وخاصة المفوضة السامية لحقوق الإنسان السابقة "نافي بيلاي" التي زارت المغرب، وقد رافقها المحجوب الهيبة خلال هذه الزيارة، حيث أشادت بالتطور الحاصل في المغرب في مجال حقوق الإنسان.

 

ويمكن القول إن المغرب أصبح له تواجد مشرف من خلال الخبيرات والخبراء في هيئات المعاهدات، بما يعنيه ذلك من تراكم المعارف والخبرات في مجال حقوق الإنسان، وهو الأمر الذي يطرح بما لا شك فيه مسؤولية بالنسبة للدولة من أجل العمل والحرص المتواصل والفعال مع هيئات المعاهدات والالتزام بتقديم التقارير في الآجال المحددة لها، وتنظيم اللقاءات التفاعلية مع هيئات المعاهدات، كما ينبغي للدولة والسلطات المعنية أن تعمل على تعزيز آليات التنسيق وبرامج التكوين والتكوين المستمر لدى الأطراف المعنية، بما فيها البرلمان بمجلسيه، لأن التوصيات الصادرة عن هيئات المعاهدات وحتى عن مجلس حقوق الإنسان بعد الاستعراض الدوري الشامل معني بها على مستوى ملائمة التشريعات مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وعلى مستوى مساءلة الحكومة بالنسبة للسياسات العمومية في مجال حقوق الإنسان، وهو الأمر الذي يطرح تحديات كبرى بالنسبة للمغرب، أبرزها مسألة الموارد البشرية الكفؤة التي تتمكن من إحدى لغات عمل اللجان المعنية على الأقل (الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية)، علما أن الخبير لا يتلقى تكوينه من هيئات الأمم المتحدة بل داخل بلاده، فينبغي عليه إذاً أن يكون خبيرا في بلاده حتى وإن كان يشتغل بصفته كخبير مستقل، ولا ضير في أن تلجأ مؤسسة الدولة المعنية إلى خبرته وتجربته سواء في مجال التكوين والتكوين المستمر على غرار ما تقوم به رئاسة النيابة العامة منذ سنتين تقريبا في تكوين الوكلاء والوكلاء العامين والقضاة، عبر تراب المملكة لتملك مقتضيات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وعمل هيئات المعاهدات والتي يشارك فيها الأستاذ المحجوب الهيبة سواء بالنسبة للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أو بالنسبة لتيسير الجلسات المتعلقة بالنظام الأوروبي لحقوق الإنسان والنظام الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.