الثلاثاء 16 إبريل 2024
مجتمع

القاضي الجباري: تأخر صرف اعتمادات القضاء يطرح بحدة مبدأ الاستقلالية

القاضي الجباري: تأخر صرف اعتمادات القضاء يطرح بحدة مبدأ الاستقلالية الجباري (يمينا) إلى جانب الشنتوف الرئيس السابق لنادي قضاة المغرب
تبعا لما نشرته جريدة "أنفاس بريس" بخصوص تأخر تسوية الوضعية المالية لقضاة الفوج 43، منذ أكثر من 5 أشهر، أكد الأستاذ عبد الرزاق الجباري الكاتب العام لنادي قضاة المغرب، أن الجمعيات المهنية القضائية لم تفتأ خلال إعداد القوانين التنظيمية المنظمة للسلطة القضائية، عن المطالبة والترافع من أجل تكريس الاستقلال المالي لهذه السلطة، حتى يشتَدّ عود "الاستقلالية" ويَبسُق في العُلى ليُرخي بظلاله على أرض الواقع. 

وأضاف أمرد هذا الموقف، بالأساس، هو ما استقر عليه الفكر الدستوري المعاصر، وبالتبع العديد من الدساتير المقارنة، من أن ترك تحديد وصرف الموارد المالية الكفيلة بأداء السلطة القضائية لمهامها بيد سلطة أخرى، قد يؤدي إلى تقويض استقلاليتها ونزاهتها وحيادها.

وقد عملت العديد من الإعلانات الدولية على تكريس هذا المبدأ، وفي مقدمتها المبادئ الأساسية للأمم المتحدة التي نصت على أنه: "من واجب كل دولة عضو أن توفر الموارد الكافية لتمكين السلطة القضائية من أداء مهامها بطريقة سليمة". 
ومما جاء توضيحا لهذا المقتضى في أدبيات الأمم المتحدة، أن: "ترك وتوزيع وإدارة الموارد المخصصة للقضاء للفروع الأخرى في السلطة، يعطي هذه الأخيرة إمكانية حقيقية للتأثير على سير أعمال التحقيقات ونتائج الدعاوى، ويشكل اعتداء على استقلالية القضاء" (دليل الممارسين رقم: 1، ص 27).

ولما جاءت اختيارات المشرع المغربي خلوا من هذا المنهج في تنظيم مالية السلطة القضائية، فإن على السلطة التنفيذية أن تعطي، على الأقل، أولوية قصوى لصرف اعتمادات السلطة القضائية، احتراما لما نصت عليه مبادئ "بيكين" التي نصت على ما يلي: "في الحالات التي تحول المعوقات الاقتصادية دون تخصيص موارد كافية لمرافق أنظمة المحاكم، والتي من شأنها أن تمنع القضاة من أداء وظائفهم، فإن المحافظة على سيادة القانون وحقوق الإنسان تتطلب إيلاء درجة عالية من الأولوية لتخصيص الموارد للجهاز القضائي والمحاكم".

وزاد الأستاذ عبد الرزاق الجباري، قائلا: ولعل من أبرز الاعتمادات التي لم تحظ بأي أولوية، إلى حدود الآن، هي: أجور قضاة الفوج 43 المعينين حديثا، إذ تأخر صرفها لحوالي ستة أشهر دون أي مسوغ موضوعي يذكر، ثم ترقيات زملائهم بمختلف الدرجات، حيث تأخر صرفها، هي الأخرى، لحوالي سنة ونصف.

وتأسيسا على ما سلف، وأمام نكوص السلطة التنفيذية عن التزامها بصرف الاعتمادات المذكورة، يمكن الجزم بأن مطلب الجمعيات المهنية الرامي إلى تكريس الاستقلال المالي للسلطة القضائية كان -ولا زال- مطلبا موضوعيا، أثبت الواقع المعاش وجاهته وصوابيته، بل وراهنيته، مما يتعين معه تكثيف الجهود من أجل إحياء المطالبة به والعمل على تنزيله وتحقيقيه.