الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد توبير: تمرين الانتخابات المغربية في ضوء التحولات الجيو استراتيجية

سعيد توبير: تمرين الانتخابات المغربية في ضوء التحولات الجيو استراتيجية سعيد توبير
تتأطرهذه الورقة المتواضعة ضمن تصور -"الوطنيون الجدد" كوعي ثقافي تاريخي وسياسي حريص على التعبئة الجماعية الممنهجة اعتمادا على وثائق و نصوص تاريخية لشحذ همم الرأي العام لصالح قضايا الوحدة الترابية، والتفاني في حماية حدود البلاد وإعلاء شأن السيادة الوطنية والثقافة المشتركة و العمل على النهوض الشامل والسيادة الكاملة على ترابه التاريخي.
وبالتالي فاننا نثمن نجاح التجربة المغربية في اجتياز هذا التمرين الديمقراطي المتصل بتنظيم الانتخابات. على أساس أن هذا التمرين يحتاج مستقبلا الى تصويب و تأهيل لترسيخ أسس الديمقراطية الحديثة.
المهم هو أن التمرين شارك فيه الجميع حكومة وشعبا و دولة و ادى في النهاية الى تشكيل حكومة جديدة بالاستناد الى مقتضيات دستورية واضحة.
الواقع هو ان هذا التمرين الانتخابي عبر عن ارادة شعبية جماهيرية وبشكل كبير في اقاليمنا الجنوبية  بهدف التغيير والاستجابة لحاجيات المجتمع المغربي، الذي اصبح يعيش على ايقاع استحقاقات الاستقرار السياسي والاجتماعي للمغرب المستهدف في وحدته الترابية وموارده الطبيعية من طرف الجارة البئيسة في تصورها لمستقبل التعاون والأمن المشترك، ومحاولات دول السوق الاوربية ابتزاز المغرب وتأبيد هيمنتهم الغاشمة. ناهيك عن التهديدات الأمنية التي تخيم سحبها على سماء الشمال الافريقي، إضافة الى تحولات خطيرة على مستوى رهانات صراع القوى بين مكونات نظام الانظمة وما ترتب عنها من اعادة بناء خرائط تحالف جديدة " أزمة الغواصات الفرنسية"، واعتراف الولايات المتحدة الامريكية بمغربية الصحراء.
على العموم يمكن القول بأن التجربة السياسية الناشئة في المغرب هي تمرين ديمقراطي يبنى ولا يعطي. بحيث أن الدكتور الفلسطيني "ابراهيم ابراش" يكشف في موقف موضوعي من الانتخابات المغربية: على أنه في الوقت الذي تغيب فيه الديمقراطية كلياً عن بعض الدول العربية التي ما زالت ترى في الديمقراطية ومستلزماتها من انتخابات وتعددية سياسية وحزبية ودستور الخ تعارضاً مع الدين الإسلامي ومع الخصوصية الثقافية والمجتمعية أو تهديدا لهيمنة الطبقة أو الطائفة المهيمنة.
فإن المغرب يواصل مسيرته الديمقراطية بانتخابات تشريعية هي الخامسة في عهد الملك الحالي محمد السادس وسبقها تسع جولات انتخابية في عهد الملك الحسن الثاني كانت أولاها في 1963، مما يعني أن خيار التعددية السياسية والديمقراطية أصبح ثابتاً من ثوابت الحياة السياسية في المغرب. 
وعليه فان المغاربة اليوم "ملكا وشعبا وحكومة" مدعويين الى نهج سياسة رص الصفوف الداخلية والتعبئة الشاملة لمواجهة تحديات "النموذج التنموي الجديد".
ويظهر ذلك بشكل واضح في افتتاحية العاهل المغربي للدورة التشريعية على (تعزيز مكانة المغرب، والدفاع عن مصالحه العليا، لاسيما في ظرفية مشحونة بالعديد من التحديات والمخاطر والتهديدات).
وبالتالي فان التهديدات الخارجية لن تخطئ سياسة الجزائر الفاقدة لبوصلة النهج الديمقراطي الحديث بسبب هيمنة حكم العسكر البائد و ارتباطها المسعور بدمية "الكيان الوهمي". اضافة الى سياسة السوق الاوربية التي تتبث بما لايدع الشك مفارقة القول (الحرية، حقوق الإنسان والعدالة والمساواة) والفعل من (تسويف، هيمنة وابتزاز وخلط للاوراق).
وفي النهاية يمكن اجمال القول في حاجة المغرب الملحة الى نخب ثقافية وسياسية جديدة " الوطنيون الجدد" قادرة على بلورة خطاب وطني يربط الماضي المشرق بالحاضر التاريخي الذي يثوق الى اكتساب المناعة. و ذلك بالرفع  من منسوب الوعي الثقافي والعلمي الجامعي العام لفهم منطق صراع القوى وتشخيص طبيعة واقعنا الاجتماعي والاقتصادي علميا ومنهجيا، بالرهان على التغلب على التحديات الداخلية "الصحة التعليم والشغل" والتهديدات الخارجية " إرهاب، هجرة غير شرعية وتهريب الأسلحة والجرائم العابرة للقارات التي يمكن أن تقوي كل من التضامن بين الفئات الاجتماعية والاقتصادية والتعاون ما بين الجهات والمجالات بأفكار ودراسات وأبحاث تصب في اتجاه التعبئة والتحدي .
 
سعيد توبير/خريج جامعة محمد الخامس بالرباط باحث في الفلسفة والتربية