الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

ذاكرة "أَتَايْ بْلَادِي".. عشق مغربي لـ "اَلصِّينِيَّةْ" و"اَلْبَرَّادْ" و"كِيسَانْ حَيَاتِي"

ذاكرة "أَتَايْ بْلَادِي".. عشق مغربي لـ "اَلصِّينِيَّةْ" و"اَلْبَرَّادْ" و"كِيسَانْ حَيَاتِي" من طقوس ثقافة الشاي المغربي الموغلة في التاريخ البعيد

في زمن الفردانية، وتهميش القيم الوطنية بشتى الطرق، وبالأساس من خلال تفتيت أواصر روابط مؤسسة الأسرة المغربية، في زمن تكنولوجيا الرقميات وعالم الوجبات السريعة التي ساهمت في انتشار عدة جوائح، أعدت جريدة "الوطن الآن" مادة صحفية (ننشر منها جزءا بـ "أنفاس بريس") من عمق ذاكرة موروثنا الثقافي الشعبي حول تاريخ "أَتَايْ بْلَادِي" وثقافة الشاي المغربي، في أفق فتح نقاش عمومي في الموضوع ودق ناقوس الخطر الذي يحدق بتراثنا المتعدد الروافد والخصوصيات.

 

إن الإحالة على مشروب "أَتَايْ" وطقوس ثقافة  الشاي المغربي الموغلة في التاريخ البعيد، لا يمكن أن نمُرّ على إثرها مُرور الكرام دون أن نشنف مسامعنا طربا بأغنية "أَتَايْ بْلَادِي" الشعبية والأصيلة التي أرَّختْ بأبياتها الشعرية/ الزجلية إبداعا متكامل الأوصاف مجموعة السهام هذا المشروب التراثي الجذاب بطعمه والساحر بنكهته، حيث نجحت ذات المجموعة المتميزة في تصوير ووصف طقوسه ومكوناته، وطريقة إعداده، وسِحر جَلْسَةْ "اَلَّلمَّةْ" العائلية في حضرة "اَلْبَرَّادْ" و"اَلصِّينِيَّةْ" مع تناغم صوفي موسيقي عريق بتقاليد وعادات "مَوَاسِمْ" المجتمع المغربي.

 

تقول أبيات أغنية "أَتَايْ بْلَادِي"

تْعَالَ، تْعَالَ، تْعَالَا، وَتْعَالَ تْعَالَا، تْعَالْا

تْعَالَ تَجْمَعْنَا اَلنَّسْمَةْ ثَانِي

أَتَايْ وَاَلنَّغْمَةْ مْعَانِي

وَ أَتَايْ اَلْحَبَّةْ غْوَانِي

تْكُونْ لُخْزَايَنْ وَاقْفَةْ

وَتْكُونْ اَلْبَابُورَاتْ مْصَافَّةْ

هَذَاكْ أَتَايْ، أَتَايْ بْلَادِي

تْكُونْ اَلرُّزَّةْ وَافْيَا

وَتْكُونْ اَلتَّشْحِيرَةْ دَافْيَةْ

تَاعْ اَلسَّرْوِيَّةْ وَرْكُوبْ اَلْخَيْلْ

وْلِيدِي، وْلِيدِي، وْلِيدِي

وَيَبْقَى أَتَايْ مَنْ جِيلْ لْجِيلْ

نَحْكِيوْ مْعَاهْ تَارِيخْ طْوِيلْ

اَلْـﯕـَعْدَةْ مَكْمُولَةْ وَاَلْكَاسْ خْلِيلْ

رَاهْ اَلصِّينِيَّةْ جَايَّنَا هْدِيَّا

رَاهْ اَلصِّينِيَّةْ جَامْعَنَا بِالنِّيَّةْ

هَذَاكْ، هَذَاكْ، أَتَايْ، أَتَايْ بْلَادِي

 

نوستالجيا: من وحي ذاكرة "تَعْمَارْ أَتَايْ" في حضرة الأسرة المغربية

كان عَقْدْ اجتماع "اَلَّلمَّةْ" حول صينية إعداد الشاي عند المغاربة من أهم لحظات فتح النقاش والدردشة في مختلف مواضيع جدول أعمال الأسرة سواء في المدينة أو البادية، بل كان يعتبر حرص رب الأسرة على إقامة جلسة الطقوس الاحتفالية لإعداد الشاي بشكل دوري (ثلاثة مرات في اليوم) مؤشر مهم على أن الأجواء العائلية يسودها الاحترام والانضباط والاطمئنان وحصلة التضامن، بعيدا عن كل ما من شأنه أن  يقلق ويُنغِّص الحياة بين أفرادها، على اعتبار أن تلك الجلسات الحميمة هي مناسبة يومية للتواصل ومراقبة وتشخيص نبض رابط الوضع العاطفي بين مكونات "اَلْبَيْتْ" والحرص جدّا على توزيع المهام وتحيين الأدوار على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والإنسانية.

التحلُّق حول صينية "أَتَايْ" وسط فضاء "اَلْقُبَّةْ" تسبقه إشارات تنبيه إلى توقيت الجلسة الحميمية التي تؤثثها الأم "عْمَارَةْ اَلدَّارْ" بحركاتها ومواقفها الصّارمة، باعتبارها مكلفة بمهمة أصيلة متوارثة أبا عن جد، لا يستقيم نجاحها إلا بفتح النافذة الخشبية لـ "اَلْقُبَّةْ" وتشغيل زِرْ راديو "اَلْكُتُبِيَّةْ" أزرق اللون، عبر موجة أثير الإذاعة الوطنية لاستقبال أغاني الفجر الجميل، بعد تجديدها لنظافة الفضاء الرحب مع مطلع تباشير شمس الصباح ونسيمه العليل، على إيقاع صيحات الديك، وتغاريد طائر "طِيبِيبَطْ" المقدسة.

 

ترقبوا تفاصيل أوفى في العدد القادم من أسبوعية "الوطن الآن"