الاثنين 25 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

محمد يسين: كان الحجر قاب قوسين أو أدنى من اللقلاق

محمد يسين: كان الحجر قاب قوسين أو أدنى من اللقلاق محمد يسين
كان الحجر قاب قوسين أو أدنى من اللقلاق ، أدرك حمودة ذلك حين تطاير بعض الريش من جناح اللقلاق...جثم المسكين على حافة العش الكبير...صاح حمودة واو واو، استدار يمنة ويسرة للتأكد من أن عيون المارة لم ترصد حركته، طوى المقلاع، وضعه في جيبه وأقفل يعد خطواته في انتشاء قاصدا المنزل…
رمقته الجدة بنظرات لا تخلو من ألف سؤال وسؤال، صاحت: فين غبتي أداك العفريت ؟
كنت في الجوار فقط يا جدتي، ألهو مع رفاقي، عقب حمودة على جدته، صاحت أم حمودة: ياك ما كنتي مع داك النمرود ولد العباس، راه مايجي من وراه غير لبلا… خد محفظتك راه الإمتحان قريب…
بعد أسبوعين ، كان حمودة قد نفض يديه من المراجعة والتركيز والحفظ…
مر الامتحان، قال حمودة لوالده، أنني سأنجح ، لقد حفظت كثيرا، عقبت الجدة : لا تنسى سيكون ذلك بفضل بركة " الشريف "، توجس حمودة أمرا في نفسه، استرجع طقوس البركة ونوعيتها، استحضر حجرة المقلاع وهي تصل للطائر…
حار بين أمر الحفظ والبركة وتحدي تحذيرات الجدة في الإتيان بفعل كان محذورا.
في جو من الترقب والتوجس لأكثر من أسبوعين، سقط القناع ومعه تبخرت النتيجة والبركة وما شابه ذلك، أجاب حمودة عن سؤال الأهل: كيف جرا ليك، ياك كنتي غير كتحفظ أتعاود؟
صاح " حمودة" لربما أخطأت في تسجيل رقم الإمتحان الصحيح...
تناسلت احتمالات الرسوب في ذهن " حمودة" لملم مختلف أفكاره في انسجام مع أعماله، ضرب أخماسا في أسداس، تساءل:
أين ذهبت بركة " مقدم الزاوية ، لقد خلته متيقنا من نجاحي؟
بالمقابل، أتيت فعلا محظورا بمنطق الجدة، هل كانت تبعاته هي الأقوى في تحديد النتيجة؟
ومع ذلك حفظت الكثير وضبطت الشكل والإعراب والحساب، لمادا رسبت إذن؟
لكن هل قوة الطائر الشريف - بمنطق جدتي- كانت أقوى من بركة " المقدم" في تحديد نتيجتي؟
بعد طواف وطواف بأزقة وشوارع موطنه الصغير، جلس حمودة تحت شجرة " سالف عيشة"، مستحضرا سنة بأكملها، ذهبت مع الرياح، ولوازم الدراسة، وتحذيرات الجدة، وبركات الشرفاء من البشر والطير...أخد حجرا، أرسله وهو جالس جهة البركة المائية، رسمت دوائر متتالية ترتطم تباعا على حواف البركة، تخيلها المسكين أرغفة بغرير في مقلات الزمان...
ملاحظة:
نص من مجموعة قصصية مرتقبة.