الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

وحيد مبارك: الدرس الديمقراطي المغربي في تخليد اليوم العالمي للديمقراطية

وحيد مبارك: الدرس الديمقراطي المغربي في تخليد اليوم العالمي للديمقراطية وحيد مبارك
يحتفي العالم يومه الأربعاء بفعاليات اليوم العالمي للديمقراطية، الذي يتزامن هذه السنة مع لحظة مهمة قطعها المغرب ديمقراطيا واستطاع النجاح بل والتميز خلالها، بتنظيمه لاستحقاقات انتخابية ثلاثية في يوم واحد، لأول مرة في مسيرة الانتخابات العامة في بلادنا، تشريعية، جهوية وجماعاتية.
انتخابات كرّست بعدا ديمقراطيا على مستويات عدة، مما جعل منها لحظة تاريخية في مسار الديمقراطية في بلادنا، على رأسها  نسبة المشاركة في ظل الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد، بتبعاتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية، التي لم تحدّ من عزيمة المغاربة، ولم تحل بين الناخبات والناخبين وبين صناديق الاقتراع، وإنما حفّزتهم أكثر للتوجه وبكثافة صوب مكاتب التصويت للمساهمة في بناء مغرب الغد ومغرب المستقبل، بالنظر إلى أن بلادنا مقبلة على أوراش جد متقدمة، سياسيا اجتماعيا واقتصاديا، انطلاقا من تنزيل مشروع النموذج التنموي الذي كان ثمرة نقاشات واسعة، مرورا بورش الحماية الاجتماعية الملكي، الذي سيعزز من قيم العدالة والمساواة والإنصاف، وضمنه الشق المرتبط بتعميم التغطية الصحية، وتطوير هذه المنظومة، تكريسا للمادة 31 من دستور المملكة، بما يسمح بولوج عادل ومتكافئ وسلس إلى الخدمات الصحية وإلى العلاج بكافة مستوياته، دون إغفال كل التحديات المطروحة، الداخلية منها والخارجية.
نفس ديمقراطي استنشق الجميع عبقه وأريجه، وعاين الكل تفاصيله، في الداخل والخارج، وهو ما ترجمته الشهادات والتقارير و"رسائل التهنئة، التي أجمعت على أن المسار الديمقراطي في المغرب يتطور يوما عن يوم، على امتداد جغرافية المملكة، ولعل أبلغ مثال على ذلك، الرسالة التي وجهتها ساكنة الأقاليم الجنوبية، وهي تنخرط بشكل مكثف لإنجاح هذه اللحظة، مؤكدة من جديد تشبثها بالعرش الملكي وبمؤسسات الدولة وبتراب هذه المملكة الشريفة.
دروس ديمقراطية في كل الاتجاهات، فاللحظة كانت أيضا مناسبة لمحاسبة مدبري الشأن العام والمحلي بكل ديمقراطية وبشكل مسؤول وواعٍ، ولتقييم أجرأة وتنزيل السياسات العمومية المسطرة، والوقوف على ما الذي تم تحقيقه ترابيا ومجاليا، على مستوى التنمية الجهوية وإعداد التراب، وبالنسبة لخدمات القرب وغيرها من المهام التي تروم خدمة المواطنات والمواطنين انطلاقا من الاختصاصات الذاتية أو المشتركة أو المنقولة، فكان للناخبات والناخبين كلمتهم، واختاروا ممثليهم الذين أفرزتهم صناديق الاقتراع، وتم إعلان النتائج في ظرف زمني معقول، بفضل ما تمت تعبئته من موارد بشرية وتقنية للإشراف على هذا العرس الديمقراطي.
عرس ديمقراطي، هكذا يمكن تسميته ووصفه، لأنه كان لكل رأي وموقف مكانه، وأدلى الجميع بدلوه وعبّر عن مواقفه دون قيود، واستطاع من يرى الجزء المملوء من الكأس أن يشيد بما تحقق، كما عبّر المنتقد عن رأيه كذلك دون أن تصادر حريته، ودعا هذا وذاك لما يعتقد كل واحد منهما بكل ديمقراطية، في مغرب "دستور الحقوق". دستور فعّل صاحب الجلالة الملك محمد السادس مادته 47 ، وهي خطوة جد ديمقراطية واضحة وتتكلم عن نفسها ولا تحتاج لأي تأويل، لأننا نتحدث عن دستور جاء ليعزز من منسوب الديمقراطية، على مستوى السلطات والمؤسسات وفي علاقة بالمواطنين والمواطنات، حيث استقبل جلالته رئيس الحزب الذي تصدّر الانتخابات التشريعية معيّنا إياه رئيسا للحكومة، وكلّفه بمباشرة المشاورات مع الجميع لتشكيل حكومة قادرة على الإجابة عن انتظارات الوطن والمواطنين، بنخب وطنية كفؤة، تستطيع تنزيل المشاريع وأجرأة الأوراش المسطّرة دون تعطيل، حتى يلامس المغاربة كافة أثرها ووقعها وعدالة مضامينها بشكل متكافئ وبكيفية ديمقراطية، وهذا هو صلب الدرس الديمقراطي الذي عشناه ونعيشه هذه الأيام في مغربنا، تزامنا وتخليد العالم كله لليوم العالمي للديمقراطية.