في حدث ثقافي بامتياز وغير مسبوق، تم السبت 13 دجنبر2025 بمدينة بنسليمان وبمبادرة شخصية من طرف الكاتبة الصحفية ليلى الشافعي رئيسة "منتدى مبدعات بلا حدود"، تقديم وتوقيع مؤلفات أربعة صحفيين سبق أن اشتغلوا بوكالة المغرب العربي للأنباء ويتعلق الأمر بإبراهيم بنحمو وأحمد الطاهري وسعيد رحيم ومحمد رضوان.
في ظل غياب أي اهتمام من طرف المؤسسات المهنية والجهات التي تشرف على قطاعات الثقافة والإعلام والنشر بإصدارت هؤلاء الإعلاميين، ارتأت ليلى بالرغم من ظروفها الصحية أن تجمع ثلة من العاملين السابقين بالوكالة بمدينة بنسليمان وأن تحتفي بمبدعين منهم لا لشيء إلا لأنها مسكونة بالفن والشعر والكلمة الملتزمة ولكونها لاتزال تؤمن بروح الإنتماء إلى هذه المؤسسة التي كانت في وقت ما بالنسبة للمحتفى بهم مدرسة في مهنة الصحافة وأيضاً فضاءً لربط علاقات إنسانية لا تزال قائمة تقاوم موجة الردة والرداءة والجحود التي تجتاح المجتمع في وقتنا الراهن.
اللقاء الذي احتضنه فضاء المركز الثقافي لبنسليمان ، وحضره عدد من الكفاءات التي اشتغلت في الوكالة من صحفيين وإداريين ، تميز أيضا بفقرات موسيقية أداها كل من الفنانين خديجة دوكار وجعفر الشرايبي ورشيد شنان مع إلقاء أشعار جادت بها قريحة المبدعة لطيفة مجاد .
وبخصوص مؤلف الكاتب الصحفي إبراهيم بنحمو الموسوم ب" " مغربيات مُلْهَمات .. وُجوهٌ ومسارات " الصادر عن مطبعة دار المناهل بالرباط والذي يتكون من 120 صفحة، فيتضمن بورتريهات و حوارات وتغطيات صحفية أنجزها عن كوكبة من النساء الاستثنائيات وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 2017 و2021 حيث كان حينها يشتغل مراسلا صحفياً معتمداً لوكالة المغرب العربي للأنباء في العاصمة الإماراتية أبوظبي .
وتسلط هذه المواد الإعلامية الضوء على إنجازات هؤلاء النساء في مجالات متنوعة كالأدب والفنون والطب والعلوم والإعلام والرياضة والتنمية المستدامة والفلاحة، وترتيل القرآن الكريم ،وجرى تكريمهن في تظاهرات ومنتديات ومعارض محلية ودولية استضافتها أبوظبي ودبي والشارقة .
يتوخى هذا العمل المساهمة في إبراز الوجه المشرق والمشرف للمرأة المغربية المتسلحة بالعلم و العزيمة القوية والرغبة في التألق والريادة ، و في الوقت ذاته كسر صورة نمطية تجاه المغربيات في بلدان الخليج يتم الترويج لها بين الفينة والأخرى في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وفي أعمال فنية.
أما كتاب "العين ترنو والكلمة تشاء.. نصوص على تخوم الصحافة والأدب" للكاتب الصحفي أحمد الطاهري والواقع في 240 صفحة من القطع المتوسط، والصادر دار النشر (سليكي أخوين)، فهو عمل أدبي جنيس بين التوثيق الصحفي والسرد الروائي. إذ استعاد فيه الزميل الطاهري، من خلال فصلين اثنين، أبرز محطات مواكبته الإعلامية في كل من الجزائر ولبنان (2001 – 2008) والبحرين (2013 – 2017)، حين كان مراسلا لوكالة المغرب العربي للأنباء.
ولم يبخل الكاتب على القراء بفصل ثالث جادت فيه قريحته بمجموعة من النصوص السردية التي حررها خارج الفضاء المهني في قالب قصصي، بعضها حول "الفقدان الفادح"، وأخرى حول قضايا وظواهر مجتمعية معينة.
فخلال المسار المهني للمحتفى به ، ظل هاجسه الآسر والضاغط هو العمل على الارتقاء بالمستوى التقريري العادي للمادة الصحفية الى المستوى الجمالي والابداعي. وخارج نطاق العمل التقريري الروتيني اليومي العادي، شكل النفس الإبداعي الهاجس الأكبر في تحرير العديد من المقالات والتقارير الصحفية، إذ بهذا النفس تتسع الرؤية ويتقوى تناول المواضيع المطروقة، ويتم التمكن من الانفلات من سطوة التقريرية السائدة في العمل الصحفي، وطغيان اللغة المكررة والمنمطة، كما جاء في مداخلته بمناسبة تقديم كتابه في بنسليمان.
أما كتاب " أوهام الغرب عن الإسلام" للكاتب الصحفي محمدرضوان ، فقد اشتملت فصوله على بعض تموجات رؤى الغرب ومواقفه من الإسلام وثقافته عبر محطات وحوادث ومنعطفات، وذلك وفق منهجية تاريخية استقرائية للأحداث والنصوص، مستعينا بالعديد من المراجع والمتون العربية والأجنبية .
وجاء في مقدمة الكتاب أن التراث الأدبي والفني الأروبي لم يخل من "كثير من الأحكام والمواقف المعادية للإسلام، والمناهضة لثقافته، والجاحدة لعطاءاته الحضارية والإنسانية، فانتقلت عبر هذا التراث كثير من الصور النمطية السلبية المشوهة عن شخصية العربي، وطباع المسلم، وكان تدريس بعض الأعمال التراثية طوال عدة قرون في الغرب، كأنشودة (رولان) الفرنسية، و(الكوميديا الإلهية) لدانتي الإيطالي، يكرس العداء، ويعمم الأفكار الخاطئة عن الإسلام والمسلمين".
ويحاول الكتاب ، وفقاً للمؤلف، أن يستجمع أجزاء من تلك الصور والأحكام الغربية المعادية للثقافة الإسلامية، والبحث عن جذورها في أروبا سابقا، وفي الغرب حاليا، فالكنيسة والاستشراق والتراث والإعلام ظلوا يمثلون المعاقل الرئيسية لبناء رؤى ودعوات الصدام الحضاري والثقافي بين الغرب المسيحي والعالم الإسلامي.
وأضاف أن الدافع إلى وضع هذا الكتاب يتمثل في "فهم بعض الأسباب التاريخية في الحملات الراهنة المناهضة للإسلام وقيمه وثقافته في أروبا والولايات المتحدة، وذلك في محاولة للإجابة عن بعض الأسئلة من قبيل؛ هل صحيح أن الحملات الغربية ضد المسلمين اليوم لها ما يبررها سياسيا وأمنيا لمحاربة التطرف والإرهاب، وهل هذه الحملات هي نتيجة طبيعية لما حصل من اعتداءات في الغرب بدء من هجمات نيويورك في 11 شتنبر 2001م، وانتهاء بأحداث مدينة (تولوز) الفرنسية خلال مارس 2012م، أم أن الدوافع في تلك الحملات هي أعمق من ذلك، وأشد ارتباطا وتعبيرا عن تيار تاريخي في الثقافة الغربية معاد للمسلمين وثقافتهم ؟".
وفي ما تعلق برواية "الهرمكة" للكاتب الصحفي سعيد رحيم الذي قدم الأستاذ محمد السالمي قراءة بشأنها ،فتنطلق من أرضٍ لا ظلّ لها، ولا ذاكرة. مساحة خالية إلا من الريح والحصى وأحلام رجل غريب يدعى أنطوان مانيك، هارب من بطش فرانكو، حالم بصناعة بيئية نقيّة في بلدٍ تحت قبضة استعمار مزدوج. كانت "البوز" هامشًا جغرافيًا وتاريخيًا، لكنه في الرواية يصبح مركزًا لدوران مصيري يشبه دوران آلة الطحن: "الهرمكة".
لكن الرواية في الحقيقة لا تبدأ من أنطوان، بل من كمال رشدي، ابن التهميش، المراهق الذي تسحقه آلة "الهرمكة" يومًا ما، ولا تسحق جسده فقط، بل توقظه على أسئلة الوجود والمصير، وتدفعه في دوامة البحث عن معنى الاسم، عن أصل المكان، عن التاريخ الذي جرى في الخلفية بينما انشغل الجميع بخبز اليومي.
"الهرمكة" ، حسب نُقاد ودارسين، ليست فقط آلَةَ طحن، بل "شخصية روائية بذاتها، لها إيقاعها، وقعها، صراخها. تطحن الفلين، لكن أيضًا تطحن الحالمين، العمال، الفقراء الذين انتقلوا من الحياة في ظل الفلاحة إلى زمن الآلة، زمن الأجور المحددة، زمن الذل المؤطَّر بالقانون".
وتقع 'الهرمكة" في 166 صفحة وصدرت شهر أبريل 2025 عن منشورات النورس، مطبعة القلم بالرباط. وتعد العمل الأدبي الثاني لسعيد رحيم بعد "حدائق الجنوب" الصادرة عام 2021.


