الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

فتيحة تويجر: قصة انسحابي وهربي من مجموعة مفترضة بموقع الفيسبوك

فتيحة تويجر: قصة انسحابي وهربي من مجموعة مفترضة بموقع الفيسبوك فتيحة تويجر

غادرت اللحظة من على الفيسبوك مجموعة (ما) شدني فضولي كي أطلع على ما يتم تقاسمه، وهي بالمناسبة مجموعة نسائية تهم النساء ما بعد الإحالة على التقاعد...

 

غادرتها وأنا ألهث هربا من هول ما أصابني وأنا وافدة جديدة تتخطى عتبة الفضاء بخجل وتردد كزائرة جديدة تعيش دهشة البدايات وتنتظر ترحيبا يرفع الكلفة ويليق بخجل اللحظة.

 

اندهشت منذ أول إطلالة، وقد كنت انتظر "صديقاتي" أن أجدكن تحتفين بالحياة بمرحلة عمرية تفتح لَكُنَّ آفاقا للنضج والحكمة والجمال.

 

كنت أبحث فيكن عن نساء بسحرهن وجاذبيتهن ينافسن من يصغرهن سنا، كنت أنتظر نساء يهتمن بِمَارْكَاتْ عطرهن المسائي، وبتسريحات شعرهن بما يناسب المرحلة، وبأناقتهن... يتقاسمن الفرح والأغنيات والنكت وحصص الرياضة وسويعات المشي والموسيقى مع مطلع كل يوم وهن في أبهى حللهن وبابتسامة رضى أن العمر انضاف له صبح آخر يوم آخر ونفس آخر...

 

كلكن كنتن أمهات عزيزاتي، كنت أبحث فيكن عن فيض الأمل وتدفق الحنان وإشراقة الحياة الذي يصنع منكن شاعرات، ومبدعات، ومخرجات، ورسامات، وبستانيات، ومبدعات في الديكور، ومصممات أزيائكن، وكاتبات...فالعمر رحلة. ألا يستحق أن تكتب وتنسخ وتثمر؟ ألا تستحق أن نجعل لحظاتها ورشات لصنع الفرح والتقاط الصور وترتيب الذكريات حتى ننفخ روحا وجمالا في جماد اللحظات، في جماد الأشياء في روتين اليومي القاتل.

 

أهرب وأنا أنصحكن، وتقبلن نصيحتي، بدل أن نكتب للموت واليأس والمرض والفشل وتبادل وصفات ترهل الجلد وغذاء المفاصل وأعشاب الكوليسترول، وبدل أن نصطبح على تقاسم دعوات المرض وحكايات الغدر والخيانة وبؤس الزواج وقسوة الزمن ونكبات الماضي.... جميل أن نصطبح على ورد وموسيقى وعبق النعناع ورائحة القهوة ولو على سطح البيت.

 

بذل أن نبجل أدوارنا كأمهات ندرك أن الأمومة رسالة وليست عبئا، وليست فضلا نَمُنُّ به على أولادنا، وأن العمل عبادة ومسؤولية لم نكن ننتظر منها ثناء أحد ولا شكورا.

 

وحتى لا أنسى كنت أود أن أعقب على طلب صديقة بالمجموعة طلبت من كل العضوات أن يرفعن أكفهن تضرعا لله أن يأخذ لها حقها ممن جعل شغل البيت من اختصاص النساء ! سأهمس لها في أذنها حتى لا يضحك على حالنا أحد (وَاشْ مَنْ نِّيْتَكْ أَخْتِي؟)

 

رجاء عزيزاتي عشن العمر بسعادة بخمسينها وستينها حتى بكل العمر، بكبرها وتقاعدها، تقاسمن العمر مع من يشبهن ابتسامة طفل حتى تكون مجموعتكن تفوح بعبق ورد وياسمين

 

أقبلن على العمر، على الفرح، على الورد والعطر والشوكولا... فالعمر مثل قصص الحب واحدا لا يتكرر.

 

تفهمن عزيزاتي انسحابي بهدوء واحترام، ليس تنقيصا ولا تقليلا منكن بالمطلق، بل رأفة وخوفا على قلوبكن وعلى أحلامكن حتى لا تشيخ وتذبل، فأنا مثل طائر حر طليق لا يطيب له إلا حسن المقام وجميل الكلام؛ وهذه حكايتي بالكمال والتمام والسلام...

 

- فتيحة تويجر، فاعلة مدنية