الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسن زهور: لماذا انزعجت الجزائر كثيرا من إعادة المغرب لعلاقاته بإسرائيل؟

الحسن زهور: لماذا انزعجت الجزائر كثيرا من إعادة المغرب لعلاقاته بإسرائيل؟ الحسن زهور

عداء الجزائر لإسرائيل يشبه الخصام المبني على ما نقوله بالأمازيغية: "ؤر ار سيس ساوالغ" بمعنى مخاصم معاه، ur ar sis sawslɣ وبلغة الاطفال: پيشت /ppicht

لذلك لا تعير إسرائيل أي اهتمام للجزائر، لأنها تعرف مسبقا أنها لا تشكل أي تهديد لها، لأن الجزائر لا تملك إلا "تاقورت ئكرمن" أي الخطاب الإيديولوجي البارد الذي عفا عنه الزمن. والجزائر بدورها تعرف أن إسرائيل لا تشكل أي تهديد لها لأن الجزائر لا تقوم بأي شيء سوى ترديد خطاب "بردا وسلاما".

لكن ما يزعج الجزائر كثيرا ليس هو إقامة علاقات سياسية بين المغرب وإسرائيل، لأن العلاقات السياسية وتبادل السفراء لا يهم الجزائر إلا في استثماره إيديولوجيا لتدويخ المداويخ، ومنهم بعض مداويخنا الذين استكانوا مؤخرا وسكتوا.

فأخوف ما تخافه الجزائر هو أن تتطور العلاقات المغربية الإسرائيلية إلى علاقات اقتصادية، لأن هذا التطور سيفيد المغرب على المستوى التكنولوجي والأبحاث العلمية والاستثمارات في هذا الميدان، أي الميدان التكنولوجي الذي بدأ يتطور في المغرب.

فما سيستفيد منه المغرب هو التكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة، وقد بدأت أولى تعاونهما على مستوى الطائرات المسيرة الدرون على المستوى الفلاحي والغاباتي، ثم ميدان اللقاح الذي بدأ الاستثمار الإسرائيلي في دعمه بالبدء في بناء مستودعات التبريد والتخزين الذي يتطلب تقنيات تكنولوجية عالية والتي سيصدر المغرب اللقاح إلى افريقيا بتعاون مع الشركات الأجنبية ومنها الصينية... إلى جانب أن يتطور التعاون ليشمل ميادين التكنولوجيا الأخرى بما فيها الميدان الفلاحي... وستستفيد إسرائيل بدورها من علاقات المغرب الإفريقية للدخول إلى أسواق إفريقيا الغربية وبشراكة... (في العلاقات الدولية، فابور ما كاينش).

وإذا ربطنا هذا الأمر بتوصية ألمانية قدمتها سرا للاتحاد الأوروبي بفرملة النمو الاقتصادي في المغرب مخافة أن يطغى على اقتصاديات شمال غرب إفريقيا..

وإذا فهمنا فتح أمريكا لقنصليتها الاقتصادية في الداخلة كقاعدة للتوسع في إفريقيا الغربية اقتصاديا.. (أمريكا لا تقدم على أمر إلا إذا كان في مصلحتها، وبالنسبة للمغرب يدخل ضمن مبدأ: رابح، رابح). إلى جانب بداية المغرب في الاستثمار في صناعة الاسلحة، والدواء...، وتطوير البنية التحتية نحو افريقيا...

لذلك سنفهم جيدا لماذا رفضت الجزائر فتح الحدود مع المغرب منذ عقدين ونيف، ولماذا قطعت الجزائر علاقاتها الآن مع المغرب تحت ذرائع لا تضحك إلا الاطفال، ببساطة لأنها بعد خيباتها المتتالية في الميدان السياسي، تريد الآن فرملة التفوق المغربي الاقتصادي، أي محاصرته من جهة الشرق، لأنها تعرف لو أنها فتحت الحدود فالرابح الأكبر اقتصاديا هو المغرب، وهو ما تخشاه الجزائر، لذلك ستحاول جره إلى سباق التسلح لإنهاكه اقتصاديا، لكنها ستفشل مرة أخرى لأن المغرب سيحاول الاستفادة من سباق التسلح هذا ببناء صناعة حربية للتصدير مما سيساعده على إعادة التوازن بين الاستيراد والتصدير للتخفيف من الثقل المالي لاستيراد الأسلحة المتطورة (ورب ضارة نافعة).

وسنفهم كذلك لماذا تلح إسرائيل إلحاحا على إعادة علاقاتها بالمغرب، لأنها تريد ببساطة أن يكون شريكا اقتصاديا (لأنه المفتاح نحو غرب إفريقيا) أمام شهيتها الاقتصادية للدخول الى أسواق غرب إفريقيا، وقد جربت سابقا التنافس معه في هذه الجهة الإفريقية وفشلت، والآن تريد التعاون معه، إلى جانب التعامل السياسي طبعا لإيجاد حل للقضية الفلسطينية (إسرائيل لا تقدم على أمر إلا إذا كان في مصلحتها السياسية والاقتصادية).

فالعلاقات الدولية تعتمد على المصالح وليس على العواطف. لذلك فالنجاح الاقتصادي لا بد له من قاعدة شعبية لتأمين هذه الانجازات والسير بها نحو الرقي ولمصلحة كافة الشرائح الاجتماعية، وتقوية الجبهة الداخلية عبر تعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان بكافة أشكالها.