الثلاثاء 30 ديسمبر 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: هذا الإعلام حطم الأرقام القياسية في الرداءة والدناءة!

محمد عزيز الوكيلي: هذا الإعلام حطم الأرقام القياسية في الرداءة والدناءة! محمد عزيز الوكيلي
في الواقع، لست مرتاحاً على الإطلاق، وأنا أنجرّ انجِراراً شديداً إلى التعقيب على سلوكيات الإعلاميين الجزائريين المعتمَدين من لدن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) لتغطية فعاليات الدورة 35 للبطولة الإفريقية للأمم، المنظمة بالمملكة المغربية، لأن الموضوع ينزل بالمرء، رغماً عنه، إلى أسفل سافلين، وبالتالي فقد يبدو التعليق والتعقيب على نفس الدرجة من السوء!!
 
بمجرد ما وطأت أرضَ المغرب أقدامُ الإعلاميين الجزائريين المرافقين للمنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم، والوفد المصاحِب له، بدأنا نشاهد ظواهر سلوكية في غاية الغرابة، والدناءة، أقل ما ينبغي أن توصَف به أنها تنم عن مرض عُضال تخطى مرحلة "الماروكوفوبيا"، ليتحوّل إلى "رُهاب جماعي"، بالمفهوم البسيكو - سوسيولوجي، أو بالأحرى، "البسيكوباتي" للمرض، إزاء كل ما هو مغربي، وخاصةً، إزاء كل النجاحات المغربية في مختلف مجالات حياة الدولة والأمّة... فكيف ذلك؟!
 
أوّل ما لفت انتباه الملاحظين والمتتبعين، حالة الانعزال المقصود للصحافيين الجزائريين بعيدا عن كافة صحافيي العالم، وفي منأىً على الخصوص عن الصحافيين العرب والأفارقة، إلاّ قلة قليلة منهم فضلت الاختلاط بالزخم الإعلامي حتى لا ينتبه إليها أحد، وهؤلاء هم الأفضل حالاً لأنهم فضلوا الاختفاء وسط الزحام !!
 
وكما لم يكن منتظراً، رغم احتمال وقوعه بشكل أو بآخر، بدأنا نطالع تصرفات وضيعة من بعض المراسلين الجزائريين، وفي طليعتهم مراسل قناة النهار الجزائرية، الذي كان يرسل ريبورتاجاته ليلاً، بشكل خاص، وبدل أن يفعل ذلك من أي موقع من المواقع التي تبدو فيها مظاهر الاحتفالية، والأضواء، واللقاءات التي تؤثث جميعُها أجواء البطولة، وتحفظ لها ارتباطها بالإنسان، كما يفعل كل المراسلين من مختلف المنابع والمَشارب، يُفضّل ذاك المعتوه أن يبتعد عن تلك الأجواء، بخلاف كل صحافيي العالم المتحضّر، فيختار بعد بحث طويل زوايا مظلمة بعيدا عن فضاءات البطولة، ويفضّل، بشكل خاص ومقصود، الأماكن التي توجد بها حاويات القمامة وبعض الأزبال المتناثرة حولها، ثم يشرع من هناك في توجيه مراسلاته، التي تتلقفها قناة النهار بنهمٍ بالغ وشهية طاغية، ثم تنخرط في بثها في غاية السرعة كما هي، حتى لا يرى المواطن الجزائري أيَّ مظاهرَ من أجواء الفرح والأمل التي تدور فيها المنافسات الكروية الإفريقية، وهوامشها السياحية والثقافية والإنسانية والفنية، وحتى يستمر الشعب، المغلوب على أمره في الجزائر، في الاعتقاد المزروع في مخيلته الجمعية بأن المغرب دولة متخلفة تعيش في العصر الحجري، وأن كل ما يميزها ليس سوى الظلمة، والأزبال والقاذورات... أكرمكم الله !!
 
ولكي لا تمر أطباق ذلك النوع من المراسلات بصُوَرِها السوداء الكالحة دون مُقَبِّلات، ينطلق الصحافي ذاتُه أثناء تنفيذ بثه اليومي في وصف أجواء البطولة بكونها فاترة وباردة، وكذلك الاستقبال المغربي للوفود والمنتخبات، ولا يجد حرجاً في ادعاء خُلًوِّ البرنامج العام للبطولة من أيِّ أنشطة ثقافية أو سياحية أو حتى رياضية، بل يزيد على ذلك بإجراء مقارنات كاذبة هي الأخرى ومُغرضة مع البطولات المماثلة في دوراتها السابقة، في مصر مثلاً، وفي الكوت ديفوار، وفي الجزائر بطبيعة الحال، وينسى وهو منخرط في ذلك العَتَه أنّ الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي النزيهة، والتي تحترم نفسَها وزوارَها ومشاهديها، يلج إليها الجزائريون ويطّلعون من خلالها على واقع الحال بخلاف ما يبثه أمثال ذلك المُراسل، من الحاقدين المرضى !!
 
ولا يكفي هذا السلوك المَرَضي أمثالَ ذلك الصحافي الجزائري، بل ظهرت حلقات انفلتت من رقابتهم، يبدو فيها المراسل الجزائري بالصوت والصورة، وهو يجمع حوله بعض المشجعين الجزائريين، بعيدا أن أجواء البطولة، ويلقّن لهم ما ينبغي أن يقولوه كإجابات على أسئلته الغبية، فيمتثلون له ويعبرون عن اشمئزازهم من مجريات هذه الدورة، وقد يكون وعدهم لأجل ذلك بهبة أو إكرامية !!
 
الأخبار تروج بأن واحداً أو اثنين من المراسلين الجزائريين الذين ثبتت في حقهم هذه التجاوزات العدائية والعدوانية توصلا من لدن قنواتها بأوامر بمغادرة المغرب على وجه السرعة، تحسُّباً للمزيد من الافتضاح، ولا شك أن ذلك وقع بعد اتصالات قام بها المسؤولون المغاربة مع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الذي أبرق بدوره لمسؤولي القنوات الجزائرية المعنية، طالباً منهم استرجاع مراسليهم قبل أن يستفحل الأمر ويؤدي إلى ما لا تُحمد عُقباه !!
 
وليت الأمرَ وقف عند حدود التصرفات الخرقاء لمبعوثي قنوات الإعلام الجزائري، الذين لا أشك في كونهم يتصرفون كالروبوت غير قادرين على مخالفة الأوامر الصادرة إليهم من لدن مخابرات بلادهم أو حتى مناقشتها، فبالأحرى التمرد عليها... أقول إن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، إذ نجد القنوات ذاتها، وفي مقدمتها التلفزيون الجزائري الرسمي، تنخرط في نفس الرداءة التي صاحبتها في السابق طيلة منافسات نهائيات كأس العالم الماضية، بدولة قطر، حيث كان يُمنَع ذكرُ اسم المغرب، وبث أي صورة لعلَم المغرب، ولذلك ظهرت على شاشة التلفزة الجزائرية العمومية نتائج مباريات الجولة الثانية من الدور الأول من النهائيات الحالية، ومن بينها نتيجة التعادل التي عرفتها مباراة المغرب ضد منتخب مالي، فبدا على الشاشة اسما البلدين، وبجانب مالي علمه الوطني، بينما ظهرت الحروف الأولى لاسم المغرب بلا راية، وكأن مجرّد ظهور العلَم المغربي فيه مساس بالسيادة الوطنية الجزائرية، وأقسم أن الأمر مأخوذ عندهم بهذه القناعة تحديداً، ليستلقي العالم مرة أخرى وللمرة الأَلْف على قفاه من الضحك، وهو يقارن بين ما خصصه المغرب دولةً وأمّةً من كريم الترحاب بكل الجزائريين الوافدين عليه برسم هذه الدورة من جهة، وما يرتكبه ذلك الإعلام من حماقات وسلوكيات يندى لها جبين كل عاقل من جهة ثانية... والخاسر في كل الحالات هم أولئك المرضى النفسانيين والعقليين الذين يحملون إلى أجل مسمى صفة "حكّام الجزائر" !!
 
بل قد تخطّى الأمر هذه الخطوط أيضاً، عندما وقف محلل رياضي جزائري، من الغريب أنه لاعب سابق لكرة قدم، ليصرخ أمام كاميرا تلفزيون الجزائر بأنه يجب معاقبة كل جزائري يجرؤ على الإدلاء بأي تصريح فيه مدح للمغرب، ولحسن الضيافة الذي خصه به المغاربة، لأن ذلك، كما قال هذا المحلل، فيه إساءة إلى الجزائر وإلى كرامة الدولة الجزائرية ومكانتها... وهلم هلوسةً وعبثاً... عجبي !!!
محمد عزيز الوكيلي،  إطار تربوي متقاعد.