الخميس 25 ديسمبر 2025
فن وثقافة

الحوار الاجتماعي بقطاع الشباب بين وعود الإصلاح وانتظارات شغيلة القطاع

الحوار الاجتماعي بقطاع الشباب بين وعود الإصلاح وانتظارات شغيلة القطاع جانب من اللقاء
في إطار جلسات الحوار الاجتماعي القطاعي، عقدت النقابة الوطنية للشباب والرياضة، النقابة الأكثر تمثيلية بقطاع الشباب والمنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، اجتماعا رسميا مع وزير الشباب والثقافة والتواصل، يوم 24 دجنبر 2025، بحضور مدير الشؤون الإدارية والعامة ووفد نقابي موسع يمثل مختلف الفئات المهنية بالقطاع.

ويأتي هذا اللقاء في سياق اجتماعي وسياسي يتسم بتزايد الاحتقان وتنامي المطالب بالعدالة المهنية، كما يعكس في الآن ذاته مركزية قطاع الشباب داخل النقاش العمومي، باعتباره رافعة أساسية للتنشئة الوطنية والاستقرار المجتمعي.
 
قطاع استراتيجي بإمكانات معطلة:
أكدت النقابة الوطنية للشباب والرياضة أن قطاع الشباب ليس قطاعا هامشيا، بل فضاء استراتيجيا لتأطير الأجيال الصاعدة، وترسيخ قيم المواطنة والمشاركة الديمقراطية. غير أن هذا الدور ظل مكبلا بغياب سياسة عمومية مندمجة، وتعثر إصدار المراسيم التنظيمية العالقة، وضعف التقائية السياسات العمومية الموجهة للشباب.

وشددت النقابة على أن مراكز الاستقبال ومؤسسات الشباب مرافق عمومية أُحدثت بالمال العام، ويتعين فتحها في وجه عموم بنات وأبناء الوطن والحركة الجمعوية الجادة، مع تجويد حكامتها، ورفض أي توجه نحو الخوصصة أو تسليع الخدمات العمومية.

وفي تفاعله مع هذا الملف، أكد الوزير أن مراكز الاستقبال ومؤسسات الشباب ستظل مرافق عمومية، وأن الهدف من الإجراءات المعتمدة هو تجويد نظام تدبيرها وتحسين حكامتها وضمان استدامتها وجودة خدماتها.
 
العاملون بمراكز حماية الطفولة: حق الاختيار لا الإكراه:
ومن بين الملفات التي حظيت باهتمام خاص خلال جلسة الحوار الاجتماعي، وضعية العاملين بمراكز حماية الطفولة، حيث شددت النقابة على ضرورة تمكينهم من حق الاختيار بين الاستمرار في قطاع الشباب أو الانتقال إلى القطاعات أو المؤسسات الجديدة، دون أي إكراه أو مساس بحقوقهم المكتسبة واستقرارهم المهني والاجتماعي.

وقد تفاعل الوزير إيجابيا مع هذا المطلب، مؤكدا تفهمه لوجاهته، واستعداده للتعاطي معه بمنطق يحفظ كرامة العاملين ويضمن حقوقهم.

الحريات النقابية والحوار الاجتماعي: خطوط حمراء:
نقابيا وسياسيا، أكدت النقابة الوطنية للشباب والرياضة أن مأسسة الحوار الاجتماعي وصون الحريات النقابية تشكلان مدخلا أساسيا لأي إصلاح حقيقي، مشددة على أن التعبير عن الرأي والموقف داخل فضاءات الحوار حق مشروع لا يمكن أن يكون موضوع تضييق أو تهديد.
 
وفي هذا السياق، أكد الوزير احترامه التام للحريات النقابية وعدم المساس بأي موظف بسبب انتمائه النقابي، معتبرا الحوار الاجتماعي خيارا استراتيجيا لمعالجة الإشكالات البنيوية للقطاع.
 
النظام الأساسي والتعويضات: جوهر المطلب الاجتماعي:
جددت النقابة مطلبها المركزي بإخراج نظام أساسي خاص بموظفات وموظفي قطاع الشباب، يراعي خصوصية المهن ومجالات التدخل، ويضع حدا للتفاوتات القائمة. كما طالبت بالرفع من التعويضات وتعميمها على أساس معايير عادلة وشفافة، وتحسين شروط العمل داخل المؤسسات.

وفي تفاعله مع هذه المطالب، عبر الوزير عن انفتاح الوزارة على دراسة إمكانية الزيادة في التعويضات وتحسين شروط الاشتغال، في أفق البحث عن حلول عملية تراعي إمكانيات القطاع.
 
الرياضة وقطاع الشباب: نحو إعادة التوازن المؤسساتي:
سياسيا، أثارت النقابة مسألة عودة الرياضة إلى مكانها الطبيعي داخل المنظومة الحكومية، معتبرة أن فصلها عن قطاع الشباب أضعف منطق التقائية السياسات العمومية وأثر سلبا على التأطير المندمج للشباب.

وقد تفاعل الوزير بإيجابية مع هذا الطرح، معبرا عن تفهمه للنقاش المطروح، ومؤكدا أهمية التفكير في صيغ مؤسساتية تعيد الانسجام بين السياسات العمومية الموجهة للشباب والرياضة.
 
بين الانفتاح المعلن ورهان التنفيذ:
ورغم الإشارات الإيجابية التي طبعت هذه الجولة من الحوار الاجتماعي، تؤكد النقابة الوطنية للشباب والرياضة أن المعيار الحقيقي لنجاح الحوار يظل في تحويل الالتزامات المعلنة إلى قرارات عملية وإجراءات ملموسة.

فقطاع الشباب، بما يحمله من أدوار تربوية واجتماعية وسياسية، لا يحتمل مزيدا من الانتظار، وإصلاحه يمر حتما عبر إنصاف موارده البشرية، حماية طابعه العمومي، وإعادة الاعتبار لمؤسساته كفضاءات للمواطنة والعدالة الاجتماعية.