الثلاثاء 30 ديسمبر 2025
كتاب الرأي

اسماعيل الجباري الكرفطي: غياب الأساس الدستوري لسحب مشروع قانون مهنة المحاماة

اسماعيل الجباري الكرفطي: غياب الأساس الدستوري لسحب مشروع قانون مهنة المحاماة اسماعيل الجباري الكرفطي
إن الصيغة التي توصلت بها جمعية هيئات المحامين بالمغرب من الأمانة العامة للحكومة، المتعلقة بالقانون 23/66 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، تتعلق بمجال القانون وليس بالقوانين التنظيمية الموجب إحالتها على المحكمة الدستورية، لأن الأمر يتعلق بالاختيارات التشريعية وليس بالمواقف.
إذن، الأمر لا يتعلق بطلب سحب المشروع حسب ما ورد في بلاغ جمعية هيئات المحامين بالمغرب، لأنه لم يتم إيداعه وإحالته طبقًا لمقتضيات المادة 177 من الدستور، وتطبيقًا لأحكام الفصل 78 من الدستور: "تودع لدى مكتب المجلس: مشاريع القوانين التنظيمية ومشاريع القوانين المقدمة من لدن الحكومة، والمشاريع المحالة على المجلس من قبل مجلس المستشارين بعد تصويته عليها...".
واعتبارًا لكون المشروع لم يتم التداول فيه من قبل مجلس الحكومة طبقًا لمقتضيات الفصل 72 من الدستور، ولم يتم وضع جدول أعمال مجلس الحكومة بشأنه وتحديد زمن انعقاد المجلس الحكومي وقواعد صحة اجتماعاته، ولم يتم إيداع مشروع القانون طبقًا لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، فإنه لا يمكن الحديث عن السحب، بل عن إعمال المقاربة التشاركية الدستورية في صياغة البناء التشريعي، لأنه يقتضي التوافق على المرجعيات قبل الإيداع أو إحالة مشروع القانون، كما هو الشأن في القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.وعلى هذا الأساس، فإن مشروع القانون المنظم لمهنة المحاماة يستدعي الاتفاق بشأنه على المحددات الكبرى المتعلقة بحصانة الدفاع، ومجال عمل المحامي، وطبيعة مؤسسات الهيئة واختصاصاتها: النقيب، المجلس، الجمعية العمومية، المجلس الوطني، وتحديد المجال التنظيمي للحكومة ومجال القانون، خصوصًا فيما يتعلق بالمكاتب الأجنبية، وتدعيم والحفاظ على اختصاصات المجالس في تدبير الشأن المهني، وتقوية مؤسسة النقيب واستقلالية القرار المهني، والحد من تدخل النيابة العامة والمجال التنظيمي للسلطة التنفيذية ومجال القانون (البرلمان) في اختصاصات المجلس الوطني للمحاماة بشأن النظام الداخلي للمجلس، تعزيزًا لمبدأ استقلالية المجالس في التدبير الداخلي، وجعل القرار المهني مستقلاً وليس مشتركًا بين العديد من التعبيرات المؤسساتية: المجال التنظيمي للحكومة، النيابة العامة، وزارة العدل، مجالس الهيئات، المجلس الوطني، النقيب، المكاتب الأجنبية.
إذن، ليست هناك إمكانية دستورية لسحب المشروع، بل إمكانية رسم مسار جديد للتفاوض والتداول بين السلطة التنفيذية (وزارة العدل) والمشرع بفاعليه: الأغلبية، المعارضة، اللجان البرلمانية...