الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

أحداف: على الحكومة أن تمتلك الجرأة للقطع مع اختيارية التلقيح

أحداف: على الحكومة أن تمتلك الجرأة للقطع مع اختيارية التلقيح محمد أحداف

يدعو محمد أحداف، أستاذ العلوم الجنائية بجامعة مولاي إسماعيل أنه ومع الانتشار المخيف للوباء إلى سن نصوص جنائية ترتب عقوبات على كل من لايحمل جواز التلقيح، مضيفا بأنه ينبغي تكون قيمة هذه الغرامات وازنة من أجل دفع المواطنين للتوجه لتلقي التلقيح في ظل استمرار تفشي الوباء بنسب عالية مقارنة مع بدايات الوباء، داعيا الحكومة إلى التحلي بالجرأة للقطع مع اختيارية التلقيح:

 

كيف تنظرون إلى حالة الاستياء التي تسود في صفوف المواطنين الملقحين، والذين يرون أنهم يدفعون ضريبة استهتار البعض الآخر الذي يرفض تلقي جرعات التلقيح، الأمر يفرض - بحسب رأيهم - منحهم التمييز الإيجابي بتمكينهم من الولوج إلى الفضاءات العمومية من ملاعب ومسارح وقاعات السينما ومسابح..بمجرد الإدلاء برخصة التلقيح بدل إغلاق هذه الفضاءات في وجه الجميع ؟

رغم الجهود الرسمية التي بذلتها الدولة منذ بداية جائحة كورونا من إصدار نصوص قانونية منظمة ومؤطرة لحالة الاستثناء التي تفرضها الجائحة والتي تتضمن إغلاق المحلات التجارية وحظر التجول وصولا إلى إحداث مجموعة من البنيات المالية من أجل المواكبة، ومساعدة المواطنين الذين فقدوا مورد عيشهم العادي، ووصولا إلى تبوأ المغرب المكانة الرائدة على الصعيد الدولي في ما يتعلق بوتيرة وسرعة تلقيح الساكنة والحصول على اللقاح رغم شدة التنافس على الصعيد الدولي وضآلة الإنتاج وشح السوق الدولية في هذا الباب، فمع الأسف الشديد فغالبية المجتمع تعكس مستوى خطير من الاستهتار واللامبالاة سواء في ما يتعلق بإجراءات التباعد الاجتماعي في الفضاءات العمومية، وحالة الاكتظاظ في المقاهي، وفي المناسبات العائلية، وفي المسابح، وصولا إلى الظاهرة الخطيرة وهي الامتناع عن التلقيح اعتمادا على أفكار مغلوطة لا نعلم مصدرها، مفادها أن اللقاح له تبعات صحية خطيرة وأن العمر الافتراض لمن يتلقى اللقاح هو سنتين رغم تلقي ملك البلاد جرعة اللقاح أمام وسائل الإعلام لطمأنة الرأي العام، لكن مع ذلك فهناك ثقافة غريبة سائدة ( ثقافة التمرد وعدم الامتثال للقوانين وعلى كل ما يمكن أن يفرض من طرف الدولة أو الحكومة تحقيقا للمصلحة العمومية ) .

مقابل ذلك لم نسجل أية مبادرات حكومية بالترخيص للملقحين بولوج بعض الفضاءات العمومية كما هو الحال مثلا بفرنسا؟

لابد أن نشير أن أحدث الدراسات التي نشرت بالولايات المتحدة الأمريكية والتي تشير أن الملقح الذين يصاب بالعدوى بعد التلقيح تكون أعراضه خفيفة تشبه أعراض الزكام وغالبا لا تتعدى مدة علاجه ثلاثة أيام دون ان يصل إلى الأعراض الخطيرة التي تفرض التنفس الاصطناعي، وهذه الدراسة تؤكد أن التلقيح يعد جدارا عازلا بيننا وبين تفشي الوباء، لأن سرعة تفشي الوباء الآن تمس النسبة التي لم تتلقى الجرعة الأولى أو الثانية أو كليهما، وقد عدمت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض غرامة قدرها 50 دولار عن كل شخص يتم ضبطه غير ملقح، بمعنى أنه أصبح إجباريا الإدلاء بجواز التلقيح ليس من أجل التنقل بل من أجل الإفلات من أداء الغرامة.

بالنسبة لفرنسا، كما هو معلوم تم سن تدابير مشددة أهمها عدم إمكانية الولوج إلى العديد من المحلات التجارية مثل المحلات التجارية الكبرى، المخابز، المقاهي والمسابح، إلا بعد الإدلاء بجواز التلقيح، وهذا فيه تحقيق لغايتين : الغاية الأولى وهي معاقبة كل من يرفض التلقيح بحرمانه من الولوج إلى هذه المرافق العمومية، والغاية الثانية هي تصريف موقف مفادها أنه من الآن فصاعدا سوف يتم إحداث نظام قائم على التمييز الإيجابي، وكل من يحمل جواز التلقيح يحق له الولوج إلى هذه الخدمات مثل الملاعب الرياضية، المسابح، المقاهي، المخابز، المحلات التجارية، مع إقصاء الشريحة التي ترفض احتراما لحريتها، وهذه المسألة اعتمدتها بلادنا في ما يتعلق بعدم تقييد حرية التنقل بالنسبة للأشخاص الذين يحملون جواز التلقيح، بمعنى أنهم غير معنيين بساعات الإغلاق، وغير معنيين بضرورة الحصول على رخصة التنقل بمختلف أرجاء المملكة، وهذا فيه خطاب موجه لأولئك الذين يحملون ثقافة التمرد والرفض للتلقيح، وهو أنه طالما تضعون أنفسكم على الهامش فأنتم غير معنيين بالاستفادة من حرية التنقل، وهذا التمييز الإيجابي تم اعتماده من أجل دفع شريحة من الناس للامتثال إلى القانون وتلقي التلقيح، لاسيما بعد النسب المرعبة التي سجلتها بلادنا والتي لم تتحقق في بدايات الوباء.

وما رأيك بخصوص الرأي الداعي إلى فرض غرامات على الذين يرفضون تلقي جرعات التلقيح ؟

أعتقد أنه ومع الانتشار المخيف للوباء والذي يفوق خمسة أو ستة أضعاف مقارنة مع بدايات الوباء، حيث كنا نسجل في بدايات الوباء مابين 1200 إلى 1500 إصابة في اليوم على أبعد تقدير، والآن النسبة تتراوح مابين 10 آلاف إلى 12 ألف، وهناك توقعات لبعض الأطباء تشير إلى إمكانية الوصول إلى 30 ألف إصابة، وأمام هذا الوضع لايسعنا إلا الدفاع عن سن نصوص جنائية ترتب عقوبات على كل من لايحمل معه جواز التلقيح، بمعنى أنه يتعين علينا فرض غرامات، وينبغي أن تكون قيمة هذه الغرامات وازنة من أجل دفع المواطنين للتوجه لتلقي التلقيح، فلا يتعين علينا قبول فكرة أن التلقيح أمر اختياري وأمر طوعي، وفي نفس الوقت هناك مخاطر تهدد بلادنا، لا سيما في ما يتعلق بالدورة التجارية والدورة الإنتاجية، علما أن وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي صرح في بحر هذا الأسبوع أن استمرار تفشي الوباء يمكن أن يقودنا إلى تبني التعليم عن بعد للسنة الثالثة على التوالي رغم اقتناعنا بأن نسبة استفادة التلاميذ والطلبة في الجامعات تعد ضئيلة ونسبية ولا ترقى إلى ما يقدمه التعليم الحضوري من قيمة مضافة، فاذا أمام هذه التحديات أعتقد أنه من الوطنية أن ندافع عن فكرة اجبارية التلقيح والمعاقبة عن رفض تلقي التلقيح أو عدم الإدلاء بجواز التلقيح لدفع المواطنين، وعلى الحكومة أن تمتلك الجرأة للقطع مع اختيارية التلقيح.