يخرج الرائد الفرنسي توما بيسكيه الأربعاء 16 يونيو 2021من محطة الفضاء الدولية إلى الفراغ الفضائي الشاسع للمرة الثالثة في حياته، وإذا كانت هذه القفزة الكبيرة بمثابة "حلم"، فهي أيضا تحد بدني استثنائي سيشاركه فيه الأميركي شاين كيمبرو.
اعتبارا من الثالثة بعد الظهر بتوقيت غرينيتش، ولست ساعات، سيطفو رائدا الفضاء وزميله الأميركي خارج نطاق الجاذبية على علو 400 كيلومتر فوق الأرض معلقين بمحطة الفضاء الدولية لإقامة لوح شمسي جديد. وهما سيعاودان العملية الأحد لإقامة لوح ثان وزيادة قدرة المركبة المشيدة سنة 1998.
هذا النشاط خارج المركبة هو الأول منذ وصول الرائدين إلى محطة الفضاء الدولية نهاية ابريل، كما أنه غير مسبوق من الناحية التقنية. وأكدت المسؤولة عن الطلعات المدارية في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بوجا جسراني خلال مؤتمر صحافي الاثنين أن هذه العملية تبدو "معقدة بعض الشيء".
وقال توما بيسكيه في تصريحات أوردتها إذاعة "فرانس إنتر" إن "ثمة تعل م، هي سنوات من العمل من مئات الأشخاص، لا نرغب في اقتراف خطأ وتحطيم معدات كلفت مليون دولار".
ويعرف رائد الفضاء الفرنسي المسار جيدا إذ أجرى طلعتين من هذا النوع خلال مهمته السابقة سنة 2017 مع كيمبرو أيضا. لكن هذه المرة الأدوار معكوسة، إذ سيكون الفرنسي في مركز القيادة فيما زميله الأميركي في الموقع المساعد.
وعلق بيسكيه البالغ 43 عاما "الرقم 1 هو القائد الكبير. الآن لم أعد الأصغر سنا". أما زميله البالغ 54 عاما فكتب عبر تويتر "أنا متلهف لرؤية توما يؤدي هذا الدور وسأكون داعما له".
وسيتوزع رائدا الفضاء المهام خلال العملية التي رسمت تفاصيلها وكالة ناسا بعناية. أما الهدف فيقضي بنشر الألواح الشمسية في أقاصي محطة الفضاء الدولية الضخمة التي توازي بحجمها ملعب كرة قدم.
هذه الألواح من "الجيل الجديد" التي ن قلت مضغوطة بواسطة الشحن، و ضعت خارج المركبة. وسيتوجه توما بيسكيه لسحب القطعة البالغة زنتها 350 كيلوغراما ثم سيمضي على طول المحطة لتسليم اللوح لزميله بالاستعانة بذراع آلية.
وسينصب الرائدان اللوح الشمسي البالغ طوله 19 مترا.
وستكون المهمة مضنية، إذ إن"النشاط خارج المركبة يقوم على الركض مئة متر خلال وقت ماراثوني"، على ما أوضح لوكالة فرانس برس إيرفيه ستيفنان المكلف التدريب على هذه الطلعات في وكالة الفضاء الأوروبية.
وقال المدرب إن "العمل بالبزة الفضائية صعب للغاية. القدرات الحسية كلها تصبح محدودة مع نقص في المهارة اليدوية بسبب وضع القفازين: سحب أداة أشبه بالضغط على كرة تنس مئات المرات خلال ست ساعات".
ورغم محدودية حقل الرؤية، على رواد الفضاء المشاركين في مثل هذه المهام أن "يعوا بيئتهم بما يتخطى نطاق المعتاد خلال الحياة اليومية".
وهذا من دون إغفال ذكر الانزعاج الجسدي: فمع وقت التحضير، يبقى رواد الفضاء حوالى عشر ساعات ببزة الفضاء بما يشبه "المعلبات"، مع جيب صغير فقط لشرب الماء.
ويؤكد الخبير عدم وجود أي خطر بأن يهوي رائدا الفضاء في الفراغ بفضل وجود نظام "أمان ثلاثي" بما يشمل سلكا يربطهما باستمرار بالمحطة، ما يقي حصول سيناريو كارثي شبيه بفيلم "غرافيتي".
لكن قد تحصل حوادث مزعجة أو حتى خطرة، مثل فقدان خاصية منع التسرب في بزة الفضاء بحال ارتطام نيزك مصغر.
كما يمكن لنظام التبريد أن يتفكك في نظام التهوية، كما حصل مع الإيطالي لوكا بارميتانو سنة 2013.
ويروي إيرفيه ستيفنان أن "قطرة ماء انسابت وراء رأسه وهو لم يعد يسمع شيئا واضطر لاختصار طلعته خارج المحطة. وكان يواجه خطر الغرق".
ويقول توما بيسكيه "لا نشعر أننا نجازف بحياتنا باستمرار"، معتبرا أن النشاط خارج المركبة يمثل "حلما ضمن الحلم".