الثلاثاء 7 مايو 2024
كتاب الرأي

عبد الواحد الحطابي:الداخلية .. النقابات .. الانتخابات .. وسؤال تخليق تمثيلية الأجراء

عبد الواحد الحطابي:الداخلية .. النقابات .. الانتخابات .. وسؤال تخليق تمثيلية الأجراء عبد الواحد الحطابي
سؤال كبير يؤرق الحركة النقابية وهي تستعد كقيادة وممثل وناطق رسمي للطبقة العاملة المغربية دخول "غمار" الانتخابات المهنية في سياق وظرفية وتوقيت وطني وإقليمي ودولي يختلف لمحالة، عن سابقه من الاستحقاقات بفعل آثار وتداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد على الحياة الاقتصادية والاجتماعية وانعكاسها جلياً على السير العادي لمؤسسات الانتاج، ومعها بشكل موازٍ، العلاقة الشُّغلية واستدامة نشاطها في ظل حزمة اكراهات وكذا انتظارات سوسيو ـ مهنية بما يحفظ حقوق ومكتسبات الأجراء والموظفين وتجويدها، وتنمية موازاة بذلك، المقاولة الوطنية.
السؤال، نستمد صيغته من أدبيات المركزية النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وذلك لاعتبارين استراتيجيين اثنين يتمثل الأول في كون أن المركزية النقابية، تأسست كتنظيم نقابي جماهيري ديمقراطي لإنجاز مهمة تاريخية تقوم فلسفتها الاجتماعية على تمكين الطبقة العاملة من الاداة النضالية لتحقيق مهمتها التاريخية (1955) من خلال اعادة الارتباط بين الحركة النقابية وحركة التحرر الوطني، أو بما بات يصطلح عليه بعدئذ بالقوى الوطنية التقدمية القائم في مرتكز الثقافي على جدلية ربط السياسي بالنقابي.
الاعتبار الثاني، يأتي من كون أن الكونفدرالية، ظلت ولا تزال منذ مؤتمرها التأسيسي المنعقد يوم 26 نونبر 1978 حاملةً بنفسٍ كفاحي ونضالي وترافعي لمشكل الديمقراطية في مواجهة كل أشكال التسلط السلطوي والتزييف والتزوير للإرادة الشعبية كمدخل سياسي مؤداه في قناعاتها الفكرية والايديولوجية، تمكين الجماهير الشعبية من تحمل مسؤولياتها في إقرار اختياراتها السياسية والاجتماعية الاقتصادية والثقافية، وتنصيب وترسيم في ظل هذا الإقرار، مؤسسات حقيقية وشرعية. ترى الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أنه في تثبيت قواعد لبناته وتحقيقها، مفتاحا مفصليا لتجاوز كل أعطاب السياسات الذي استوطنت بنيويا وهيكليا بلادنا منذ الاستقلال السياسي.
ولعل هذا، ما يترجمه بالملموس، قرار الدولة إحداث يوم 12 ديسمبر 2019 اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، وشددت في شأنه قيادة المركزية النقابية خلال لقائها الأخير مكونات اللجنة، المنعقد يوم 4 يونيو (2021)، على إعادة الثقة للمشهد السياسي والاجتماعي والثقافي، وحددت مداخله الرئيسة في "البناء الديمقراطي"، و"سيادة دولة المؤسسات"، والمعالجة الجذرية لعطب "الفوارق الاجتماعية والمجالية".
لا مندوحة إذن، أن الاستحقاقات المهنية تشكل بما راكمته تاريخيا من ممارسات وسلوكيات وتجاوزات وتدخلات مكشوفة، أساءت بشكل فاضح للعملية الديمقراطية، وإن لم تكن تعكس مظاهرها في واقع الأمر وحقيقته، سوى إرادة المسؤولين في صناعة مشهد نقابي كما "تم" الإعداد لخارطته في مطبخ أصحاب القرار والمتحكمين فيه إلى جانب لوبيات الضغط، بما يحافظ في نتائجه تمشيا مع تقديراتهم السياسوية، على قواعد التمثيلية النقابية قطاعيا، مجاليا ومؤسساتيا، مع ترك هامش ضيق ومكشوف في ذات الآن، لـ "لعبة الديمقراطية"، من خلال إعادة "ترقيم" المركزيات في السلم الترتيب، دون المساس بـ "رأس الهرم" !? ...
الأكيد، وهذا أمر لا جدال فيه، ويدرك تفاصيله المتتبع لصيرورة العمل النقابي والمشهد الاجتماعي بلادنا، ومعها، مسار عملية الانتخابات المهنية منذ أن دخل معركتها السياسية التنظيم النقابي الديمقراطي الوحدوي لتصحيح المسار التاريخي للطبقة العاملة المغربية شهر نونبر 1978، أن المستهدف الرئيس في العملية كلها، هو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
من هنا نستمد جوهر سؤال اللحظة وسياقها وظرفيتها وتحولاتها وانتظاراتها ونطرحه كالتالي: أي موقع لترسيم وتثبيت أسس الديمقراطية التي تشكل الانتخابات المهنية أحد مداخلها الرئيسة .. ماذا تبقى من عيوبها السياسية وتجاوزاتها للقوانين والأعراف والمواثيق والدستور .. هل ستعكس يا ترى هذه المحطة، إرادة المسؤولين الطامح رسم ملامح نموذج تنموي متجدد وفق مقاربة تشاركية .. أم أننا سنجد أنفسنا مرة أخرى، أمام إعادة إنتاج ذات السياسات .. ومعها، نكتشف مرة أخرى، أننا لا زلنا نعيش في ظل مفاهيم وقيم وأطروحات غير ذات صلة بـ" الديمقراطية في شموليتها"، ومعها أيضا، أننا سنعيش هكذا، في ظل "وهم" ماركتينغ / تسويق "النموذج التنموي الجديد!؟ "...
لننتظر النتائج، ونأمل أن نقبض مع الإعلان الرسمي عن نتائجها، على جزء من ضوء ظل لعقود طويلة يمارس عبثا، لعبة الهروب الإرادي الماكر عنّا / منّا .. حينها ستقول الجهة المعنية والتنظيم النقابي المركزي الأكثر استهدافا من العملية الانتخابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، كلمتها.. ومعها نعيد صيغة وبناء السؤال من جديد ..