غياب العقل وولادة الوهم
حين يضعف نور العقل، يشتد بريق الخرافة. تتزيّن الأوهام بملامح القداسة، وتُقدَّم للناس على أنها ملاذٌ من الحيرة والضياع. وما إن يعتاد المجتمع على ترديد الموروث دون فحصه، حتى تتحوّل الخرافة إلى نظامٍ من الطمأنينة الزائفة، يُسكّن الخوف لكنه يقتل السؤال.
الجهل حين يُزيَّن بالكلمات الكبرى يصبح سجنًا لا جدران له، يعيش فيه الناس طائعين، مطمئنين إلى أوهامهم، خائفين من النور الذي قد يوقظهم منها.
الجهل حين يُزيَّن بالكلمات الكبرى يصبح سجنًا لا جدران له، يعيش فيه الناس طائعين، مطمئنين إلى أوهامهم، خائفين من النور الذي قد يوقظهم منها.
طقوس بلا وعي
حين تتحول الطقوس إلى غايةٍ في ذاتها، يفقد الإنسان علاقته بالفكرة التي وُجدت من أجلها. تتكرر الأفعال، ويغيب المعنى، فتُختزل القيم في حركاتٍ جسديةٍ بلا وعي. يصبح الناس أسرى عاداتٍ تورَّث لا تُفهم، وتغدو الطاعة أقدس من الفهم.
في مثل هذا الواقع، تتراجع المسؤولية الفردية، ويُستبدل السعي بالاتكال، فينحني الإنسان أمام ما لا يراه، وينسى أنه صانع قدره لا ضحيته.
في مثل هذا الواقع، تتراجع المسؤولية الفردية، ويُستبدل السعي بالاتكال، فينحني الإنسان أمام ما لا يراه، وينسى أنه صانع قدره لا ضحيته.
صناعة الجهل
الجهل ليس غيابًا للمعرفة فقط، بل صناعةٌ لها أسواقها ومروّجوها. هناك من يُتقن تزيين الوهم وتغليفه بشعاراتٍ براقة ليبيعه للناس كدواءٍ للخوف والقلق. تُعرض الخرافة على الشاشات، ويُحتفى بها في الاحتفالات، وتُسوَّق كتراثٍ ينبغي الحفاظ عليه.
بهذا، تتحوّل الأوهام إلى مؤسساتٍ قائمة، تديرها مصالح وأهواء، تستمد قوتها من ضعف التفكير، وتزدهر كلما انطفأ الوعي. إنها تجارةٌ في العقول، ورأسمالها الأكبر هو الخوف من السؤال.
بهذا، تتحوّل الأوهام إلى مؤسساتٍ قائمة، تديرها مصالح وأهواء، تستمد قوتها من ضعف التفكير، وتزدهر كلما انطفأ الوعي. إنها تجارةٌ في العقول، ورأسمالها الأكبر هو الخوف من السؤال.
غياب النقد
حين يُحاصر السؤال، يموت الفكر. التفكير النقدي ليس ترفًا ثقافيًا، بل شرطٌ للحياة العقلية. من دون النقد يتحول المجتمع إلى قطيعٍ متشابه، يخشى الشك كما يخشى الفضيحة.
إن أخطر ما يواجه الإنسان ليس الجهل، بل إيمانه العميق بما لا يفهمه. والوعي لا يولد إلا حين يجرؤ على الشكّ، لأن الحقيقة لا تخاف من عينٍ مفتوحة.
فحين نُعلّم أبناءنا كيف يفكرون، لا ماذا يفكرون، نمنحهم الحرية التي تقتل الوهم من جذوره.
إن أخطر ما يواجه الإنسان ليس الجهل، بل إيمانه العميق بما لا يفهمه. والوعي لا يولد إلا حين يجرؤ على الشكّ، لأن الحقيقة لا تخاف من عينٍ مفتوحة.
فحين نُعلّم أبناءنا كيف يفكرون، لا ماذا يفكرون، نمنحهم الحرية التي تقتل الوهم من جذوره.
بذور التنوير
التنوير ليس تمرّدًا على الموروث، بل إحياءٌ لجوهره النقي. هو استعادة لدور العقل كأداة فهمٍ لا كخطرٍ يجب كتمه.
التعليم هو مهد هذه الروح، والفنّ لسانها، والفلسفة جناحها. وحين يتعلم الناس أن يسألوا، يبدؤون أول خطوة في طريق التحرر من الخرافة.
فلا حرية بلا وعي، ولا وعي بلا سؤال، ولا سؤال بلا شجاعة.
التعليم هو مهد هذه الروح، والفنّ لسانها، والفلسفة جناحها. وحين يتعلم الناس أن يسألوا، يبدؤون أول خطوة في طريق التحرر من الخرافة.
فلا حرية بلا وعي، ولا وعي بلا سؤال، ولا سؤال بلا شجاعة.
متى نرى النور؟
الخرافة ليست ظلًّا عابرًا، بل ظلامٌ متجذر في الوعي الجمعي، يُغذّيه الخوف ويُطيله الصمت. لا تنهض الأمم بالأماني، ولا تتطهر بالعجز، بل بالعقل المستيقظ والإرادة الحرة.
لقد آن لنا أن نعيد الاعتبار للفكر، أن نمنح العقل مكانته الطبيعية، وأن نؤمن بأن الإيمان الحقيقي بالإنسان يبدأ حين يتوقف عن الركوع للوهم.
يبقى السؤال مفتوحًا:
هل نملك الشجاعة لنفكر؟
وهل نجرؤ على أن نرى النور حين يوجع العيون المألوفة على الظلمة؟
لقد آن لنا أن نعيد الاعتبار للفكر، أن نمنح العقل مكانته الطبيعية، وأن نؤمن بأن الإيمان الحقيقي بالإنسان يبدأ حين يتوقف عن الركوع للوهم.
يبقى السؤال مفتوحًا:
هل نملك الشجاعة لنفكر؟
وهل نجرؤ على أن نرى النور حين يوجع العيون المألوفة على الظلمة؟