ما الذي يدفع "دولة" لتُسخر جميع إمكانياتها لتشويه صورة شخص واحد، كما فعل نظام الدوحة في هجمته الشرسة على السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، والذي استهدف الرجل في شخصه، وكرست لهذا الغرض مجمل وسائل الإعلام القطرية العربية والأجنبية؟
معلوم أن الاعلام القطري الغارق في وحل التلفيق وجد في السفير العتيبة ما توهمه قشة يتشبث بها لتبقيه على قيد النذالة صيادا خائبا في المياه العكرة.
"يبدو أن قطر لم تجد في البضاعة الإلكترونية المسروقة ما يمكن أن تبني عليه استراتيجية الدفاع عن نفسها لتشويه الدولة التي يمثلها العتيبة في مركز دبلوماسية العالم؛واكتشفت متأخرا أن هذه التسريبات رفعت من أسهم السفير العتيبة في العالم"
ومنذ أن امتدت يد مجهولة تشتم منها رائحة الريال القطري للبريد الإلكتروني للسفير العتيبة، عاش إعلام قطر على مائدة مسروقة مطبوخة مع الكثير من بهارات الافتراء، نظيرها في التراث ما تسترقه الشياطين من سمع فيضيفون له من كذبهم ثم يلقونه على الكهنة فيضيفون له من أخيلتهم ثم يحدثون به الناس.
وإن كان الطعن في مصداقية تلك التلفيقات مفروغا منه، فمن الوارد جدا التساؤل بعد أن نضع جانبا كل القرائن التي تكاد تجزم بهوية المتلصص والمتلصص له، لماذا طبّل الإعلام القطري وزمّر لهذه التسريبات، وبكل تلك الصفاقة؟
يبدو أن قطر لم تجد في البضاعة الإلكترونية المسروقة ما يمكن أن تبني عليه استراتيجية الدفاع عن نفسها لتشويه الدولة التي يمثلها العتيبة في مركز دبلوماسية العالم، واكتشفت متأخرا أن هذه التسريبات رفعت من أسهم السفير العتيبة في العالم، ولذلك بدأت في تشويه صورة الرجل شخصيا.
إن المتفحص المحايد للتسريبات التي ادّعى الإعلام القطري أنها من بريد العتيبة لن يجد سوى معلومات عادية جدا متوقعة في أي بريد إلكتروني لأي سفير خصوصا إذا كان سفيرا لدولة تسخر جميع إمكانياتها لوأد فيروس الإرهاب.. ومركز هذا السفير في العاصمة التي تدار منها الدبلوماسية العالمية.
لكن ما أزعج قطر حقيقة من العتيبة هو أنه استطاع أن يكشف الستار عن علاقة قطر بالإرهاب ويفضح الحليف القطري الذي صرفت الدوحة مليارات الدولارات لتقنع الغرب أنه اليد الآمنة لاستلام دفة الحكم في الدول العربية والإسلامية.
ليس سرا أن نظام الدوحة استطاع إقناع الإدارة الأمريكية في عهد أوباما بجماعة الإخوان، وقد كلف الدوحة هذا الهدف الاستراتيجي مليارات الدولارات، كما أنه ليس سرا العلاقة الحميمية التي تربط هذا التنظيم ببعض الدول في أوروبا وخصوصا بريطانيا، وقد كلف ذلك أيضا الكثير من المال القطري وبالإضافة للجهود القطرية لا شك أن هناك بعض الجهات الغربية التي لا تريد للدول العربية والإسلامية أن تعيش الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الذي سيمكنها من الاستغناء عن الكثير من الخدمات اللوجستية التي تؤمنها لها دول غربية.
لقد تماهى الدور القطري مع نظرة بعض الجماعات الراديكالية في الغرب ترى الإسلام دين إرهاب وتلصق تهمة الإرهاب بكل مسلم، وهكذا كرس نظام الدوحة هذه النظرة الغربية المشوهة للإسلام والمسلمين، وأقنع دوائر صنع القرار الغربي أن الحركات المتشددة في الدول العربية والإسلامية تزداد يوما بعد يوم، وأن الحل بتمكين جماعة الإخوان المعتدلة في نظر الدوحة.
ورغم أن الدوحة نجحت إلى حد ما في إقناع الغرب بمشروعها في المنطقة إلا أنها كانت تتوجس من إلصاق تهمة الإرهاب بها وذلك من كثرة الأعمال الإرهابية المشينة التي يرتكبها حلفاؤها.
وعلى جهة أخرى كان يؤرق الدوحة العمل المستنير للدبلوماسية الإماراتية أن تكشف عن المشروع القطري المدمر للمنطقة والعالم، وأن تشرح للغرب أن يد الإرهاب التي امتدت لمواطنيه الآمنين هي بسبب تسامحهم مع هذا المشروع المدمر، وأن الإرهابيين الجدد الذين يحملون جنسياتهم وتربوا وترعرعوا في ديارهم ليس لديهم من الإسلام إلا ما زرعت فيهم الجماعة في مساجدها التي غضوا عنها الطرف ووثقوا بتزكية قطر لهم..
بُح صوت الإمارات وهي تنادي في جميع المحافل الدولية أن الإرهاب لا دين له، وكلنا نذكر اللهجة الصريحة التي تحدث بها رأس الدبلوماسية الإماراتية الشيخ عبد الله بن زايد في منتدى "مغردون" في الرياض خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الأمريكي ترامب.
إذا فالهجوم على السفير يوسف العتيبة يأتي ضمن استراتيجية قطرية للنيل من دولة الإمارات العربية المتحدة هادمة الحلم القطري وناصرة مشروع التسامح في العالم.