الخميس 28 مارس 2024
سياسة

إدريس لشكر : اسبانيا غدرت بالشعب المغربي

إدريس لشكر : اسبانيا غدرت بالشعب المغربي إدريس لشكر
القضايا الوطنية لا تقبل الحياد ...التاريخ البشري يقول ذلك ، فالوطن هوية وذات بالتقويم النفسي والثقافي وبالمصالح والجيوستراتيجا أيضا ...لهذا لا يستقيم ان نتعامل مع التوتر الحاصل هذه الايام بين المملكة المغربية واسبانيا وكأنه توتر بين كيانات نقف بينهم بنفس المسافة ....ما يحدث بين المغرب واسبانيا يخصنا بصفتنا مغاربة ...
تفاقمت مجددا وبشكل مفاجئ حدة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ومدريد، وتمحور النزاع هذه المرة حول موضوع وحدتنا الترابية ، الذي لا يقبل الحلول الوسطى لدى المغاربة، لأنه يرتبط بالعلاقات الدستورية والدبلوماسية للدولة والمجتمع، بعد قبول السلطات الإسبانية استقبال زعيم الانفصال بوثائق مزورة ، واسم مزور ، وهوية مزورة وجنسية مزورة ، ليفتح بذلك فصل جديد من فصول سوء الفهم الذي يبدو أنه لن ينتهي هذه المرة ، دون اثبات الجارة الشمالية لحسن نيتها تجاه وحدتنا الترابية ، وتقديم ما يكفي من الاشارات الدالة على احترام وحدتنا الوطنية والتصرف بما يثبت ذلك ، والاعتراف بالخدمات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يقدمها المغرب لحليف يعتبره استراتيجيا إلى أن يثبت العكس .
يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، في حوار صحفي مع صحيفة ABC الإسبانية، تطرق فيه الى اخر التطورات في العلاقات بين الرباط ومدريد، على خلفية استضافة هذه الأخيرة للمدعو ابراهيم غالي على اراضيها بأوراق مزورة ، يقول : ( هذا القرار يؤكد وجود وجود اتفاق بين الحكومتين الإسبانية والجزائرية على نقل زعيم البوليساريو ومنحه طائرة خاصة وتبرير دخوله عبر الحدود بوثائق مزورة دون اعلام الحكومة المغربية بذلك ، بل انكار الأمر وتشكيك الحكومة الإسبانية في الواقعة ، وهو ما أعتبره فضيحة تضر بعلاقات حسن الجوار والثقة والشراكة التي تربط بين بلدينا تاريخيا.
...أقول لمن يحركه وازع انساني، إن الأصح  هو التوجه للاجئين بتندوف الذين يعانون الفقر وغياب الرعاية الصحية ، خاصة في ظروف الجائحة حيث لا تتوفر لديهم أية أدوية أو أدوات طبية ، وبالتأكيد لا يستفيد المحتجزون بمخيمات تندوف من التلقيح ) .
  يقول  إدريس لشكر في ذات الحوار : ( المغرب هو ضحية لهذا الفعل الشنيع ، والشعب المغربي ينتظر من الحكومة الإسبانية موقفا واضحا يرد الاعتبار للشراكة الاستراتيجية بين دولتينا لإعادة الثقة بيننا .
يمكن أن أقول اننا نعيش احدى أصعب الأزمات التي عرفتها العلاقات المغربية _ الإسبانية ، لكنني متفائل أن الأزمة لا يمكن إلا أن تدفعنا لمعالجة جدية وجذرية لعلاقاتنا ، ولذلك لا يجب أن نتجاهلها ولا أن نبخسها ) .
هذه المرة مطلب المغرب واضح وقد عبر عنه وزير الخارجية  بدون لف ولا دوران ، تقديم رد مرضي ومقنع من السلطات الإسبانية بشأن قرار السماح لزعيم جبهة البوليساريو بدخول اراضيها بشكل غير قانوني ، على مسمع ومرأى من السلطة التنفيذية والمؤسسات الأمنية ، فهذه القضية أصبحت تشكل اختبارا لمصداقية علاقاتنا وصدقها ، ومعرفة ما إذا كانت مجرد شعار بسيط أو حقيقة واقعية محمية باجراءات الثقة والقانون .
في هذه القضية بالذات لا يمكن للمغرب أن يقبل لعب الحكومة الإسبانية على الحبلين ، وتلجأ الى سياسة الهروب إلى الأمام بحجة دوافع إنسانية ، في هكذا موضوع ، فلطالما ادعى الاسبان أنهم لن يستطيعوا ان يعيشوا بمعزل عن جار متمسك بكل الاتفاقيات المبرمة بينه وبين الجارة في الضفة الأخرى ، انه لامتحان عسير اليوم للحكومة والقضاء الإسبانيين .
يقول إدريس لشكر : ( هذا التحذير لا يرقى ، بالنسبة لي ، لا يرقى إلى مستوى الغدر الذي أحس به الشعب المغربي من جيرانه الاسبان ، فنحن الذين حرصنا على تحويل البحر الأبيض المتوسط من بحيرة دماء وأموات الى فضاء أمن وسلام ورفاه للضفتين الشمالية والجنوبية ) .
قد تكون للحكومة الإسبانية حساباتها السياسية التي سمحت لها بخرق القانون ، ولكن القضاء الاسباني المعروف بجراته حتى تجاه العائلة الملكية يوجد على المحك تجاه مجرم سجلت في حقه دعاوى لدى المحاكم الإسبانية تتعلق بجرائم الاغتيال والابادة الجماعية ، العنف ، الاعتقال القسري الارهاب ، التعذيب، الاختفاء والاغتصاب الجنسي بمخيمات تندوف ، حيث كان وزيرا للدفاع وبسفارة الانفصاليين بالجزائر ، التي كان يشغل فيها سفيرا لجمهورية الوهم .
  ولذلك فإن اسبانيا اليوم هي أمام تحديات جدية ، تهدد بخسارة حليف استراتيجي لطالما قدم خدمات لأمنها وهدايا لاقتصادها ومواقف لوحدتها الترابية ضد شبح الانفصال الكتالوني ، في ما إذا تجاهلت المطالب المغربية تجاه سلوكها .
  وأضاف إدريس لشكر : ( لا شك أن أية قطيعة بين الطرفين يتضرر منها الشعبان ، ولذلك نحن في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، نأمل ألا نضطر للوصول الى هذه المرحلة خاصة بالنسبة للجهود التي بذلت عبر السنين الماضية من أجل بناء الثقة من طرف المؤسستين الملكيتين وحكومتي البلدين ، وكذا بين الشعبين ) .
بين المغرب واسبانيا صراع قديم يتجدد ، تنطلق فيه اسبانيا من موقع البلد المستعمر السابق الذي لا يمكن أن يفرط في مصلحته ، التي يعتبرها تاريخية . المغرب يرفض منطق اسبانيا المرتبط بالامتداد الاستعماري ويبحث على تشكيل علاقات جديدة بمنطق البلد المالك لسيادته والباحث عن مصلحته دون الخضوع لأي وصاية .
هو صراع يظهر ويختفي حسب المراحل وحسب الشروط والمستجدات وفي الأشهر الأخيرة برز معطى اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء مما خلق ارتباكا في اسبانيا وهي ترى الامور تأخذ منحى جديدا في المنطقة . ويمكن ادراج استقبال زعيم ميليشيا البوليساريو دون اعتبار للمغرب ولديبلوماسيته جزءا من رد الفعل الاسباني .
وتابع إدريس لشكر : ( كل حديث عن المسؤولية التاريخية او الإدارية ما هو الا حنين لماض استعماري شائن . فاسبانيا استعمرت جزءا من شمال المغرب ، وسيدي افني وطرفاية والصحراء ، وبعد استرجاع المغرب لكل جزء من هذه الأقاليم ، واحدا تلو الآخر ، لم تتحدث اسبانيا عن مسؤوليتها تجاه سكان هذه المناطق، فلماذا تتشبث اسبانيا عن مسؤوليتها تجاه سكان هذه  المناطق ، فلماذا تتشبث اسبانيا بادعاء الوصاية والمسؤولية على ساكنة الأقاليم الصحراوية بالذات ، وهي الأقاليم التي يشهد العالم وعلى رأسه الأمين العام الأممي ، انها تنعم بالسلم والأمن والنماء .
وأضيف أن كل حديث عن مسؤولية او وصاية لاسبانيا على الأقاليم الصحراوية انما يعبر عن معاداة للشعب المغربي في قضية تعرف تحولا مهما لدى الرأي العام الدولي " اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء " .
يتعلق الأمر - يقول  لشكر - بمستعمرة اسبانية تأخر تحريرها الى سنة 1975 ، واليوم يمكن أن أقول لكم ان سكان هذه المستعمرة الإسبانية سابقا ، يختارون ممثليهم المحليين والجهوبين والبرلمانيين ويشاركون في السياسات العمومية للوطن؛  لذلك فممثلو الشعب الصحراوي، هم المتواجدون بالعيون والداخلة وغيرهما من الأراضي الصحراوية، وليست الأقلية الموجودة بالجزائر والتي اصبح ضيفكم باسبانيا لا شرعية له في تمثيلها بتعدد الأصوات المناهضة له، والمنددة بأفعاله الجرمية من داخل المخيمات بتندوف).