الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

الشعار الجديد لبيضاوة: توحشت نكسل عظامي في الحمام!

الشعار الجديد لبيضاوة: توحشت نكسل عظامي في الحمام! يا سلام على حكومتنا التي أجازت الزحام في الأسواق والمراكز التجارية والطوبيسات والترامواي وتركت الحمامات الشعبية تحت رحمة موكا والرتيلا

من منّا لا يفتقد الحمّام الشعبي؟ كاذب من يقول "توحشت نكسّل عظامي في الحمام"!!

 

علاقة المغاربة بالحمام تكاد تكون علاقة روحانية، بغضّ النظر عن اقتران الحمام البلدي بنظافة البدن. المواطن المغربي في الأحياء الشعبية من طقوسه زيارة حمّام الحومة مرتين في الشهر على الأقل، أما بالنسبة للنساء فهي تكاد تكون عادة أسبوعية.

 

الحمّام ليس مكانا للنظافة فحسب، بل هو طقس روحاني، وإرث جماعي، حيث لا يخلو حي وزنقة وحومة ودرب من انتصاب حمام "شعبي" يحمل اسم الحي نفسه أو اسما من الأسماء المأثورة. لهذا يرتبط الحمام بمجموعة من التقاليد والعادات التي توارثها المغاربة عبر الحقب والعصور السحيقة، يكفي أنه طقس أساس من طقوس اكتمال مراسيم الزواج، حيث قبل زفاف العروس تقود موكبا من النساء إلى الحمام كي تتطهر طهارة البدن والروح في احتفالية وموروث شعبي مكمل لأركان الزفاف.

 

استمرار إغلاق الحمامات بمدينة الدار البيضاء، منذ بداية جائحة كورونا، يطرح الكثير من الأسئلة المقلقة، لا علاقة لها بصرامة التدابير الاحترازية والوقائية، مقارنة بقطاعات تجارية منحت لها السلطات الضوء الأخضر لممارسة أنشطتها، بالرغم من انعدام توفر الشروط الوقائية وتوفر قانون التباعد الاجتماعي واحترام المسافة القانونية. استهداف قطاع حيوي مع استثنائه من قوانين "الرحمة" و"الرأفة"، والحكم على مهنييه بالإعدام، هو ما يفضي إلى وجود نوايا مبيتة للإجهاز على فضاء شعبي موروث مغربي بحجج واهية، وتعليق قانون "إعدام" شعب "الحمامات" على شمّاعة كورونا!!

 

لنتساءل: لماذا تشميع حمامات الدار البيضاء، واستثناؤها من قانون الرخص الاستثنائية لمزاولة أنشطتها في قطاع مرتبط أساسا بالهشاشة الاجتماعية؟ فمن يرتاد الحمام الشعبي ينتمون غالبا إلى الأحياء الهامشية التي لا تمتلك حمامات عصرية بالبخار و"الصونا" والسخانات الكهربائية الفاخرة.. ومن يشتغلون بالحمامات لا يقتاتون إلا من "هبات" زوار الحمامات، في إطار حلقة من التكافل والتضامن والتآزر الاجتماعي.

 

والمثير للسخرية أنّ من وقّع على قرار الإعدام يملك حماما تبلغ مساحته شقة في السكن الاقتصادي وأكثر، ويفوق بأضعاف مساحة بيت في حي "بوسبير" أو "الكالوطي" تقطنه عائلة من خمسة أو ستة أفراد تتقاسم "مرحاضا" مع مجموعة من العائلات القاطنة في "علب سردين"!!

 

ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، فهذا المسؤول الذي تأكله الكبدة على شعب بيضاوة، لا يعلم مورفولوجية الأحياء بمدينة كثافتها السكانية تنحصر في هذه "الغيتوهات" بالمدينة القديمة ودرب السلطان ودرب الكبير والحي المحمدي، وسلسلة الأحياء الصفيحية التي لا يجد سكانها من مهرب لسلخ جلدها و"تكسيل" عظامها إلا داخل الحمام الشعبي الذي ينعمون فيه براحة نفسية وصفاء روحي، لذا يتحوّل الحمام في ذهنية هذه الشرائح الفقيرة إلى "ملجأ" لإزالة قشور التعب ووسخ الدنيا!!

 

رحم الله ذلك المواطن الذي قال عبر ميكرو "أنفاس بريس" بتلقائية حزينة: "إيلا عراو فخاذنا غادين يلقاوهم عامرين قشرة"!!

 

فافرجوا عن الحمامات يرحمكم الله، شفقة على هذا المواطن "المحكَور" الذي أوصدتم في وجهه آخر ملجأ يمارس فيها رياضة "اليوغا" الشعبية على الطريقة المغربية!!