الجمعة 19 إبريل 2024
في الصميم

جيبوا لينا العسكر يسير كازابلانكا..عيينا من الخونة !

جيبوا لينا العسكر يسير كازابلانكا..عيينا من الخونة ! عبد الرحيم أريري
من ينتظر أن تتساقط زخات مطرية على الدارالبيضاء كي نحكم على فشل تسيير البيجيدي وشركات التنمية المحلية للشريان الاقتصادي للمغرب، فهو واهم.. غرق أحياء وشوارع الدارالبيضاء ليس سوى تحصيل حاصل ومشاهد تعودنا عليها سنويا، بالرغم من الملايير التي وضعت تحت تصرف عمدة المدينة ومستشاريه ورؤساء مقاطعاته ووضعت تحت تصرف شركات التنمية المحظوظة المنفلتة من كل رقابة شعبية.
البيجيدي (ومعه شركات التنمية المحلية)، طرف متواطئ مع الفشل والفساد، من أعلى الهرم الحكومي الذي يرأسه العثماني. مدينة بوزن البيضاء لا تستحق أن يحكمها أشباح وجهلة بأبجديات التدبير، لذا حان الوقت ليحكم الجيش مدينة البيضاء بعتاده وسواعد رجاله لإنقاذ "أطلانتيس" المغرب المهددة بالغرق، بل غرقت فعليا منذ أن أصيبت بجائحة "البيجيدي" منذ سنوات خلت.  
وجود البيجيدي في مكتب مجلس الدارالبيضاء ومشاركته في التسيير منذ عام 2003، لم يكن ذا قيمة مضافة في الإلمام بالملفات أو تراكم في الخبرة. بدليل أن العمدة عبد العزيز العماري، ما أن تسلم زمام الدار البيضاء عام 2015، حتى اكتشف الرأي العام جهله الفظيع بأبجديات التدبير وغياب الاستشراف والتوقع، فغرقت المدينة في أوحال الارتجال، مما انعكس على تدبير المرافق العامة.
وهكذا لاحظ المواطنون تردي مرفق النقل الحضري واندحار مرفق الأزبال وتعطل المشاريع والتبذير في صرف المال العام على حساب الصالح العام؛ فعادت الدار البيضاء إلى عهد ما قبل خطاب أكتوبر 2013 الذي نعى فيه الملك محمد السادس التسيير الجماعي للعاصمة الاقتصادية كأوسخ و"أكفس"  مدينة مغربية!
وإذا كان طبيعيا أن تتدهور وضعية الدار البيضاء أكثر في عهد البيجيدي، فإن غير الطبيعي هو أن تبقى سلطة الوصاية عاجزة، بل ومتواطئة على هذا "الاغتيال" الذي تتعرض له أكبر مدينة بالمغرب وتتفرج على قتل المواطنين وتبذير ضرائبهم.
كنت، ومازلت، من المدافعين على تعطيل آليات الانتخاب والتعيينات الإدارية التي لم تنتج لنا سوى الاختلالات والأعطاب والخيبات بالمدن المغربية. 
وكنت، ومازلت، من المدافعين على الاستعانة بأطر القوات المسلحة الملكية مؤقتا لتدبير مدننا (طوال ولايتين أو ثلاث ولايات جماعية)، مثلما كان عليه الحال في البداية الأولى للاستقلال، لسببين اثنين: الأول مرتبط بولاء الجيش لللمغرب ولا شئء آخر غير الولاء للمغرب، وثانيا للكفاءة العالية التي تتميز بها الموارد البشرية العسكرية (هندسية او إدارية أو مالية أو اقتصادية أو استراتيجية إلخ...).
ففي التجارب المقارنة لما يحدث التقاعس من طرف السلطة المدنية تتحرك قيادة الجيش بسرعة لتطويق المشكل الكبير حتى لا تنهار الدولة، وحتى يحس المواطن أن هناك عينا تحرص مصالحه ومؤتمنة على أمنه العام.
خذوا نموذج بريطانيا: ألم يتدخل الجيش البريطاني في دجنبر 2010 لإنقاذ قلب بريطانيا من التوقف، بعد أن تقاعست شركة BAA (الشركة التي تتولى تسيير مطار هيثرو بلندن) وعجزت عن تأمين السير العادي للمطار، مما أدى إلى تعطيل رحلات الآلاف من المواطنين؟
 ألم تستنجد حكومة بريطانيا بالجيش في مارس 2018 لطلب تدخله بعد أن فشلت المصالح المدنية في اتخاذ الاحتياطات المطلوبة لمواجهة الثلوج في ليفربول وتعطل حركة المرور في الشريط الجنوبي الغربي للبلاد؟
لنذهب إلى إيطاليا: ألم تلجأ الحكومة في يناير 2018 إلى الجيش لإنقاذ مدينة نابل(NAPLES)  من تراكم الأزبال في شوارعها بعد أن تعطل مرفق جمع النفايات بسبب صراعات المافيا(LA CAMORRA)  مع النخبة السياسية بالمدينة؟ بل ألم يستعن رومانو برودي (رئيس وزراء إيطاليا عام 2008) بالقوات العسكرية لاسترجاع هيبة الدولة الإيطالية التي مرغتها المافيا في مدن الجنوب بإفساد المرافق المحلية وتفويت الصفقات للأقرباء وتبذير ضرائب المواطنين دون أن يحظوا بخدمة بلدية دنيا؟
دعونا نغير الوجهة لبلد عربي في شخص لبنان: هل نسينا قرار الحكومة اللبنانية في يوليوز 2015 القاضي بدعوة الجيش للخروج من ثكناته لإنقاذ سكان بيروت وضواحيها من معضلة النفايات التي تجمعت بالشوارع بعد أن اشتد الحبل بين المنتخبين وشركة سولكين، التي تتولى تدبير الأزبال عقب إغلاق مطرح الأزبال من طرف بلدية برج حمود؟
إذا كانت هذه الأمم الغربية والعربية تسخر الجيش لحماية مواطنيها وتزرع فيهم الإحساس بالأمن وتنتصب لضمان حسن سير المرفق العام في حالة إخلال المنتخبين أو الإدارة الترابية والمعينة وشركات التنمية المحلية بمهامها، فلماذا لا يتمتع المواطن البيضاوي (والمغربي بشكل عام) بهذا الحق: أي الحق في الاحتماء بالقوات المسلحة الملكية ضد فساد المنتخبين وفشل سلطة الوصاية وخيانة شركات التنمية؟
لماذا لا تخرج القوات المسلحة الملكية من ثكناتها لتعيد الأمل للمواطنين وتعيد لهم الإيمان بأن للمغرب رب يحميه من تغول الخونة والفاسدين و"الملهوطين" والوصوليين والأفاقين والمنافقين والجاثمين والساقطين  على صدر المدن يلهفون ريع  المال العام ويبذرونه دون أن يساهموا بقيمة مضافة لتجويد عيش سكان أكبر مدينة بالمغرب؟!