الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

اسمهان عمور: اختل إحصاء ارتفاع النساء ضحايا العنف

اسمهان عمور: اختل إحصاء ارتفاع النساء ضحايا العنف اسمهان عمور

في طريقي إلى إدارة عمومية لاستخلاص وثيقة خلو سيرتي من أي جرم، استوقفتني سيدة مرتدية كمامة ضبطا لقواعد السلامة تعلوها نظارة طبية لتسألني عن أقرب مقهى آمن من تلصص العيون. تفاجأت وهي التي اجتازت واحدة من المقاهي المألوفة والمشهود لها بجودة الخدمات. فأشرت لها بها ظانة أنها لم تنتبه لوجودها. عجبت للرد الذي شابه قلق وتوتر.. لا عامرة بالرجال... انتبهت فجأة للكدمات التي يظهر جزء يسير منها في خدها الأيسر. زرقة مائلة إلى البنفسجي. تأكدت حينها أن المرأة تعمدت الهروب من مجالس الرجال، هي التي ركضت باحثة عن مكان آمن يقيها نظرات السؤال والتعاطف وقد يكون تشفيا من بعضهم.

 

أليس جرما هذا الذي طال السيدة؟؟؟؟ ما الذي سبب ليد ساخطة غاضبة أن تنفلت إلى خد كان ناعما ذات يوم ليصبح رقعة للكم؟ كيف لقلب كان يضخ كلمات العشق والحب أن يصير صلبا حد الصخر فيقذف بالكره إلى وجه كان بالأمس مصدر نور؟ ألم تشفع لليد الظالمة حنو الأصابع التي كانت تقطر شهدا، والخد الذي صيرته اللكمة داكنا حوضا للقبل؟؟؟

 

هي كانت رقما تائها منفلتا ضمن الارقام التي تتضخم بفعل العنف. تتناسل بيوت الإنصات وتفتح سجلات البوح عل العنف يلقى حدا.

 

نبهتني صورة تلك المرأة التي بفضل الكمامة زمن كورونا أن تخفي دليل الجرم للعيان، فنطت إلى ذاكرتي صورة أخرى بعيدة في الزمن حين سمعت طرق الباب باكرا، لأفتحه فأجد أنف الجارة مكسورا ومن فتحتيه ينزف الدم. صرخت في وجهي.... شوفي حالتي... انت صحافية... كتبي... قولي.... دافعي علينا...

 

صدمت لمشهد الجارة ودموعها اختلطت بدمها النازف، ونحيبها الذي لم تستطع معه ترتيب الجمل، أحسستها ترمي ثقل ما أصابها على عاتقي، أن أكون لسانها هي التي أخرسها عنف الزوج.

 

اختل إحصاء ارتفاع ضحايا العنف. تعدى الجرم قوانين الجرم.... وصلات الإشهار واللافتات ضد العنف أصبحت مثيلا لإشهار الاشتراك في شبكات التلفون والإنترنت وإشهار البيوت الاقتصادية!!!

 

موسمية الخطاب ضد العنف تزامنا مع يومه العالمي أضحى فقط كشفا لليد التي أدمت الأنف وصيرت الخد بنفسجيا.