الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

رقصة حمادة أيقونة ثقافة الصحراء بين التهجين والتحصين

رقصة حمادة أيقونة ثقافة الصحراء بين التهجين والتحصين رقصة حمادة الجماعية بطقوس رحمانية أصيلة

الترافع عن الموروث الثقافي الشعبي بمنطقة الرحامنة في علاقة ببعده الصحراوي والإفريقي يعتبر قضية وملفا آنيا لا يتطلب التأجيل، خصوصا لما يتعلق الأمر بلون فني نابع من الأصول وله جذور وامتدادات تاريخية وحضارية وثقافية وإنسانية. (نشرت جريدة "أنفاس بريس" سلسلة مهمة من حلقاته).

في هذه الورقة ( التابث والمتحول في رقصة حمادة أيقونة ثقافة الصحراء) يستمر الأستاذ عبد العالي بلقايد رفقة مجموعة البحث، في الغوص والنبش في كنه ذخيرة وذاكرة المغاربة، ويسلطون كشافات الضوء على جواهرنا المنسية و المعرضة للانقراض، والتي مستها معاني التشيؤ/التسليع، والتي تعكس فعلا كنوز الوطن الذي راكم الكثير من التنوع على مستوى التراث المادي واللامادي من أجل تحصين معانيه ورموزه ودلالاته. على اعتبار أن الحضارة المغربية هي حضارة التميز، والتفرد فلم تكن تبني أشياءها ومعانيها، وصورها عبر نسخ إنتاج الآخر، بل كانت نسيج لوحده، لكل هذه الأشياء، والصور والمعاني..

من المؤكد أن للجسد أدوار في تشكيل صور وصيغ الرقصات، وكذلك المعاني التي ارتبطت به في سيرورة تاريخية لم تكن تسير على وتيرة واحدة.

لم يكن الجسد قد مسته بعد معاني التشيؤ/ البضاعة خلال فترة البدايات حين تشكلت رقصة حمادة، أو رقص عبيدات الرما، أو حتى بالنسبة لشيخات العيطة، وعندما نقول شيخات العيطة فنقصد ذلك النمط الذي تؤدى فيه عيوط البدايات المتميز بمميزات تطغى عليها قيم الجماعة، التي تشكلت قبل المجتمع الرأسمالي .

في تقديرنا أن التهجين الذي مس صورة رقصة حمادة ، كان ضمن تحولات عرفها العمران البشري، وبالتالي تحولت معه أشكال وصيغ الإحتفال، كما تحولت وظائف الطقوس التي لم تعد تقوم بشكل كلي بتلك الوظائف التي تواضعت الجماعة عليها ضمن التشكيلة الإجتماعية التي يشتغل نظامها وفق طقوس، ووفقا لأعراف، لعل الأرض هي محورها الأساسي، والتي كانت ملكيتها سلالية، أي يتم تملكها جماعيا بالرجوع إلى الإنتساب إلى مصدر واحد أو جد واحد، كما أضيف إليها عنصر المقدس باعتبارها أرض الله.

هذا التداخل بين الوجود الإجتماعي ، والملكية، والمعاني في شكلها المقدس ، جعلت الجسد يتمازج مع الأرض إلى حد الذوبان، باعتبار تملك الأرض يكون عبر الإنحدار من جد مشترك، وبالتالي لا يمكن أن ينتج صورا أو أشكالا خارج المواضعات التي يتم رسمها وفق تصور وانتظارات الجماعة.

هذه الصورة التي ميزت المجتمع المغربي جعلت المستعمر الفرنسي يجد صعوبة في توطن الأرض المتميزة بالخصائص التي ذكرنا، فرغم تواضع سلاح المقاومة إلا أن المشروع كان مشروعا يحمل رؤية، كما أن المعاني شكلت وطنية تقدس الأرض ، وتقدس القائم على الأرض كخليفة لله عليها، هذه التمثلات هي التي جعلت الشعب المغربي يرى صورة المغفور له محمد الخامس في القمر.

فهو تمثل أو اعتقاد، أو عقيدة، التي جعلت البعض يرى فيها وطنية وثنية، ما دفع فرنسا تنعث المفاوضين المغاربة على الإستقلال بالفتيشيين، أو عبدة الأشياء أو الأشخاص، لأنها كانت أمام نمط للإنتاج لا هو بالغربي، أو الشرقي.

هذا التفرد لا يمكن أن يجعلنا نربط الرقص المغربي، أو الغناء ،لا بالغرب، ولا بالشرق، فالحضارة المغربية هي حضارة التميز، والتفرد فلم تكن تبني أشياءها ومعانيها، وصورها عبر نسخ إنتاج الآخر، بل كانت نسيج لوحده، لكل هذه الأشياء، والصور والمعاني..