الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد فردوس: حزن وحداد في بيت الثقافة والفن في زمن السخافة والعفن

أحمد فردوس: حزن وحداد في بيت الثقافة والفن في زمن السخافة والعفن أحمد فردوس

غناء ورقص وموسيقى زمن كورونا نشاز، أوتار الكمان متوترة، وقوس الرباب حزين، لوتار قلق، جلد البندير والطعريجة بارد ومكمش، صمت الطبل بدون حكمة، وصوت المزمار مخنوق... سواد الحداد يعم كل فضاءات مهرجانات الفرح... ماسورات وأزندة بنادق البارود تسلل لها الصدأ. سنابك الخيل مكبلة، (الخيل مربوطة ولحمير تزعرط) وألبسة الفرسان وسروج الأحصنة أكلتها الأرضية. عيون الفنون تبكي بحرقة، إنه الكساد والبوار يا سادة يا كرام في مأدبة اللئام.

 

أيادي العبث بترت عمق خريطة الفن المغربي الذي أنجب أروع الفنون العصرية والشعبية، وفصلت أجزائها بمقص حكومة الريع "المدعم" مثل "الشعير المدعم" المقدم للمواشي في زمن الجفاف اللعين.

 

أعيرة نارية قاتلة بأسلحة قناص "الثقافة والفن" سددتها أيادي لجن "الدعم" بمسدسات دون كاتم الصوت، لمختلف الفنانين والفنانات الممارسين لمختلف التعبيرات الفنية التراثية التي تعتبر متاريس المقاومة والممانعة لحماية الوطن من هجمات الابتذال والسفالة والسخافة.

 

حزن قاتل وسواد حالك، يعم وسط البيت الفني والثقافي بعد الهجوم الكاسح على صندوق كعكة "الدعم" وأطباقها وفواكهها وكؤوسها في جنة "الفردوس" التي تجري من تحتها دماء براءة اختراع "المشاريع" المبتذلة باسم العفن وبطاقة حافلة نقل المحظوظين التي لا تقبل شكاية إن لم تحضر في وقت "التوزيع الفني" في زمن كورونا.

 

كل أنماط العيطة المغربية في الساحل والبحر والجبل والمرس.. حزينة بعد إعدام روادها أمام الملأ شنقا، الأغنية الشعبية الرائدة قصفت بمدافع الخبث والعهر، جدران أبو الفنون نسفت فوق رؤوس الممثلين بشهادة الجمهور، الشعراء تجرعوا السم القاتل، التشكيليون كسروا ريشاتهم وألواحهم الفنية، فرسان البارود تكبدوا هزائم الخيانة وطعنوا من الخلف... وشبت الحرائق في مخزون كنوز التراث الوطني المادي واللامادي.

 

سيؤرخ الشجعان لهذه المجزرة البشعة في ساحة معاناة الفنان والمثقف، سيكتب الشاعر، و يمثل الممثل، ويغني الفنان والموسيقي، ويصهل الفرس، ويرقص الوطن على إيقاع الأمل.

 

ألم تتساءل رائدة الأغنية المغربية المعاصرة الفنانة لطيفة رأفت بحسرة واستغراب عن معايير التوزيع السخي لـ (مليار و400 مليون)، بعد أن أكدت على أن (المعايير) غير واضحة في توزيع هذه المنح "الدسمة" وتشتيت الدعم يمنة ويسرة في ظل معاناة العديد من الموسيقيين الذين اضطر بعضهم إلى بيع آلاته الموسيقية لمقاومة الجوع.

 

ألم يبعث الفنان التشكيلي سعيد حاجي إلى وزير الثقافة والشباب والرياضة، رسالة تظلم أشار فيها إلى "أنه تخلى عن بطاقة المهنية وإعادتها إلى المصلحة المعنية، وهو الذي اشتغل بالمجال الفني مدة تقارب الـ 40 سنة؛ ورغم ذلك فجميع مشاريعه المقدمة إلى الوزارة تقابل بالرفض غير المبرر؟"

 

ألم يتساءل الشيخ جمال الزرهوني، في رسالته للوزير عثمان الفردوس، قائلا: "كيف يعقل السيد الوزير أن يقصى فن العيطة من هذا الدعم؟ فبقدر ما نحن متشبثون بهذا الفن محافظون عليه، بنفس القدر الذي تنفروننا منه وتقتلون ما تبقى فينا من رغبة لتوريثه للأجيال القادمة.. سيشهد التاريخ أنكم أقصيتم فن العيطة من دعم الوزارة، وأقصيتم رموزها وروادها من دعم، هم في أمس الحاجة إليه في هذه الظرفية الصعبة".