الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

هل ستنتظر ساكنة اليوسفية "لويس جونتي" آخر لتنعم بمياه عذبة من لخوالقة؟

هل ستنتظر ساكنة اليوسفية "لويس جونتي" آخر لتنعم بمياه عذبة من لخوالقة؟ مبروك حنان رئيسة جماعة اليوسفية والنائب البرلماني ميلود مهرية مع صورة الماء الملوث القادم من سبت لمعاريف

تتزامن أزمة الماء بإقليم اليوسفية، مع مرور قرن من الزمن، (أي مائة سنة)، على اكتشاف فرشة بحيرة الماء العذب بمنطقة الخوالقة بقبيلة أحمر، من طرف المهندس الفرنسي الجزائري الأصل، "لويس جونتي"، العالم التوبغرافي والجيولوجي المتخصص في التنقيب عن الماء، قبل أن يكتشف مادة الفوسفاط بأراضي الكنتور، حيث اشتغل على دراسة المجال الجغرافي بين مراكش وموكادور، وأعد خرائط جغرافية الماء بعد أن قام بتدقيق المناطق الغنية بالماء كمادة حيوية للحياة. بل إن لويس جونتي هو الذي انتبه لمعضلة الماء كطاقة حيوية حيث سيقترح سنة 1913، إحداث "معهد علمي شريف" متخصص في الماء، وهو ما تم فعلا سنة 1920 بالمغرب.

 

مائة سنة على منجز "استعماري" لضمان الاستقرار والحياة الطبيعية للإنسان والحيوان بمنطقة أحمر، لم يتم استثماره بالشكل اللائق، حفاظا على فرشة بحيرة الخوالقة المائية التي كانت تعد من أضخم احتياطي مائي على المستوى الوطني، بل تم استنزافها بشكل عشوائي دون تدخل من يعنيهم أمر تخزين رصيد كنز طبيعي وتثمينه وترشيده.

 

"يعتبر ماء بحيرة الخوالقة من أعذب المياه الجوفية التي كانت تغطي حاجيات الساكنة، ولم نكن نشعر بأي مشكل يهدد سلامتنا الصحية إزاء استعمالنا لماء البحيرة، وكنا نعتبرها خزانا مستقبليا غير قابل للنضوب"، يوضح أحد المواطنين الذي شدد على أن "السقي بالأذرع المحورية لإنتاج الذرة من طرف بعض المستثمرين الأوربيين في مجال الفلاحة هو الذي تسبب في بداية كارثة استنزاف احتياطي ماء البحيرة" فضلا عن "توالي فترات الجفاف، وانتشار ظاهرة حفر الآبار العشوائية دون حسيب أو رقيب"،

مع أزمة الماء الملوث، اكتشف اليوسفيون أن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب يستغل الفرشة المائية لبحيرة لخوالقة، دون أن يشغل "عقله" العلمي والمعرفي والإداري والقانوني لتثمين الماء وتحصينه، ودون أن يفكر في تداعيات ما أقدم عليه بقرارات عشوائية تضرب في الصميم حق طبيعي للإنسان اليوسفي، ألا وهو الحق في الحياة وفي ضمان جودة مياه الشرب التي تجود بها أرضه ومجاله منذ مائة سنة. حيث يطرح الناس سؤال: أين ذهب ماء الفرشة المائية ببحيرة الخوالقة؟

 

بين عشية وضحاها وجد المواطنات والمواطنين بمدينة اليوسفية أنفسهم أمام صبيب صنابير مياه ملوثة تنعدم فيها أبسط شروط السلامة الصحية "لقد تغير لون وطعم الماء. لم نصدق أعيننا ونحن نشاهد ماء الصنابير قد تغير لونها وطعمها"، يؤكد العديد من المواطنين لجريدة "أنفاس بريس"، وخصوصا بأحياء الأمل و التقدم والسمارة والسلام والداخلة والريطب...

 

وفي سياق متصل تساءل أحد المواطنين قائلا: "لماذا لم يتغير لون وطعم ماء بعض الأحياء باليوسفية مثل الحي المحمدي وحي الفتح ولبلوك...؟" مجيبا دون تردد "لأن تلك الأحياء هي في الأصل كانت في ملكية قطاع الفوسفاط، والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب لم ولن يجرؤ على مدها بمياهه الجديدة التي استقدمها عبر قنوات من سواقي سبت المعاريف الملوثة، خوفا من مواجهة مع إدارة الفوسفاط".

 

وأردف متسائلا باستغراب "ألا تربطنا نفس العقدة مع الإدارة؟ ألسنا مواطنين نتمتع بنفس الحقوق والواجبات التي يكفلها القانون والدستور؟ ألا نؤدي فواتير مستحقات استهلاك الماء الصالح للشرب الملتهبة السعر كل شهر مع غرامات الذعائر عن تأخير تسويتها؟"

 

وارتباطا بتلوث مياه الشرب بمدينة اليوسفية علم الموقع أن العشرات من حالات مرضية مفاجئة توافدت على عيادات متخصصة في طب الجهاز الهضمي والطب الباطني، بعد ظهور أعراض اضطرابات ومغص وإسهال حاد، مرتبط بشرب الماء على مستوى الأمعاء والمعدة بعد تشخيص تلك الحالات المتفرقة في مجموعة من الأحياء باليوسفية.

 

المكتب الوطني للماء الصالح للشرب أعاد ساكنة اليوسفية إلى زمن "السقاية والبحث عن الماء بضواحي المدينة، واستعمال الخابية والبرادة، و ثوب حياتي لتصفية مياه الشرب" يقول مواطن يوسفي بسخرية، لكنه يصر على تحميل المسئولية "للحكومة والجهات المعنية لإقامة الحق بين الإدارة والساكنة" على اعتبار أن كل المواطنين "تربطهم عقدة قانونية مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب لمد منازلهم بقنوات الماء الصالح للشرب وليس بماء ملوث وكريه الرائحة والطعم".. وتساءل قائلا: "هل القانون يخول للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب أن يقدم على جلب مياه ملوثة ومسمومة لمواطنين تربطه معهم عقد قانونية لتزويدهم بماء عذب منذ سنوات"؟؟

 

العديد من المواطنين تقاسموا صور على صفحاتهم بالفيسبوك، لمعبر مياه سواقي سبت لمعاريف المكشوفة والتي تظهر خطورة تلوث الماء ولونه "الماء الذي يأتينا اليوم من سبت المعاريف رائحته كريهة ولونه يميل للاصفرار، وطعمه يوحي بأنه اختلط مع بقايا عظام جيف الحيوانات وأشياء أخرى كالسباحة والتبول و حمله لأنواع النفايات السامة" تؤكد ساكنة اليوسفية.

 

هذه الصور المروعة والتدوينات القلقة التي تناقلها رواد منصات مواقع التواصل الاجتماعي بإقليم اليوسفية لم تحرك ساكنا لدى الجهات المعنية بصحة المواطنين، واكتفت إدارة الماء بإصدار بلاغ محتشم يتحدث عن "جودة الماء وتطابقه مع شروط الصحة والسلامة".

 

وردا على البلاغ قال أحد المتتبعين لملف أزمة الماء باليوسفية" ليضعوا رهن إشارتنا نتيجة التحاليل التي أدعوا أنهم أنجزوها، وليخبرونا بما توصلوا إليه حول مكونات هذا الماء، وليطلعونا على المواد التي يستعملونها في المعالجة إلى جانب مادة الكلور، وإن لم يفعلوا، ولن يفعلوا، فليلزموا الصمت، وليتركونا نموت في صمت".

 

بلاغ الإدارة لم يزد الأمر سوى توترا وغليانا في الساحة الاجتماعية نظرا لـ "هجرة الناس للبحث عن مياه أخرى" يقول أحد الفعاليات الجمعوية الذي أكد على أن المواطن اليوسفي التجأ اليوم إلى "شراء المياه المعدنية، أو البحث عن آبار قريبة لجلب مياه الشرب...."

 

وتحمل ساكنة اليوسفية المسئولية للجماعة الترابية ومجلسها الحضري: "نريد موقفا واضحا من المؤسسة الجماعية التي تمثل الساكنة وجوابا صريحا، هل ماء اليوسفية يصلح للشرب؟"، تتساءل العديد من الفعاليات الجمعوية التي استغربت "الغياب التام للبرلمانيين الذين يمثلون ساكنة إقليم اليوسفية؟"