الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

علي الغنبوري: عفاف البرناني والواشنطن بوسط!!!

علي الغنبوري: عفاف البرناني والواشنطن بوسط!!! علي الغنبوري
في كثير من الأحيان، لا يستطيع المرء أن يفك شفرات عدد من المفارقات العجيبة والغريبة التي تمر أمامه، ويصبح عاجزا عن الفهم، ويتحول المنطق إلى حاجز يححب عنه ضوء الحقيقة.
ومن بين هذه المفارقات العجيبة التي مرت من أمامي هذه الأيام، هو مقال بالواشنطن بوسط، للسيدة عفاف برناني، تطرح من خلاله تحليلا لقضية الصحافي عمر الراضي باعتبارها صحفية مغربية تنتصب كشاهد نفي، يعرف ألاعيب وأساليب النظام المغربي، في محاصرة الأصوات المعارضة بالبلاد.
بطبيعة الحال لا يتعلق الأمر هنا، باستكثار أو تقليل من شأن عفاف، بقدر ما يتعلق الأمر بتساؤل حول كيف تحولت مستقبلة مكالمات بجريدة مغربية “معربة ”، بعد أن خرجت من المغرب قبل شهور معدودة، إلى صحافية وكاتبة راي دولية، تفيض بلاغة وقدرة على الكتابة بلغة شكسبير.
الكل يعرف "الواشنطن بوسط"، ومن يتحكم فيها، ومن له القدرة على النشر بصفحاتها، وكم يكلف مقال الرأي داخلها، وبطبيعة الحال فعفاف المضطهدة واللاجئة التي تبحث عن لقمة العيش أولا والحرية ثانيا، ليس لها لا القدرة ولا الإمكانيات المادية والمهنية لسلك هذا الدرب الوعر.
هنا تبرز خيوط التجارة الحقوقية كقمر مكتمل الظهور في سماء الحقيقة، فمن دبر خروج عفاف البرناني من المغرب، ومن جعلها تتراجع عن أقوالها في ملف الكنبة، ومن يصر على جعل الصحافة وأهلها مداخل لحرب قذرة على المغرب ومؤسساته ووحدته، هو نفسه من يرسم معالم طريق البرناني، وهو من يفتح الخزائن العابرة للقارات، لجعل أمثال عفاف يتخلون عن أسمائهم لفائدة مشاريع حقوقية ملتبسة ومشبوهة تستعمل هذه الأسماء، اعتمادا إما على طمع وجشع أصحابها أو سذاجتهم أو غبائهم.
للأسف كاتب مقال عفاف برناني بالواشنطن بوسط، يقفز على الحقائق ويدوسها بقلمه، كما يدوس على البالونات الهيدروجينية، فهو يقول باسمها أنها تعرضت للترهيب والقمع والاضطهاد، وفي نفس الوقت يقدمها، كأمرأة حرة، استطاعت مغادرة المغرب والسفر خارجه بكل حرية، فهل من يضطهد ومن يورط في القضايا الكبرى ومن يراقب من المخابرات، يستطيع مغادرة البلاد بهذه الحرية وبهذه الطلاقة؟
ويزيد هذا الكاتب باسم عفاف، من جرعات التزييف ويدعي أنها عاشت نفس تجربة عمر الراضي باعتبارها صحفية مغربية، والواقع أن عفاف لم تكن سوى مستقبلة مكالمات لم تمارس يوما مهنة الصحافة، ورد اسمها في قضية اغتصاب تعرضت له عدد من الصحافيات من طرف مشغلهن، وظهرت صورها بفيديوهات فضيحة الكنبة، وأقرت خلال التحقيق معها بصحة ما ورد في شكايات الضحايا، لتخرج بعد ذلك باتهام غريب وعجيب بتحريف أقوالها، وهو ما تم دحضه بالصوت والصورة.
ولأن تقمص الشخصيات لا يمكنه مطابقة الواقع بكل تفاصيله، فكاتب مقال البرناني، دافع عن كل المضطهدين بإسم الصحافة، إلا سليمان الريسوني حيث مر على ذكر اسمه مرور الكرام، و كان الأمر لا يعنيه أو لا يدخل في الأولويات.
ولا يمكن القول أن الريسوني سقط سهوا من لائحة الاتهام الموجهة للمغرب، بل تم تعمد إسقاطه، فهو متابع بهتك عرض مثلي وليس امراة، وهنا تظهر مرة أخرى النوايا والحسابات الحقوقية التجارية، فالمس بالمثليين والتشكيك بهم يعني قطع “البزولة ” دوليا، وإنهاء الخدمة على الفور، وإغلاق كل منافذ المال المحصلة حقوقيا،
وكما يقال إذا ظهر السبب بطل العجب، لكن الخطورة التي حملها المقال الصادر باسم “البرناني” في الواشنطن بوسط، هو التطبيع مع الاغتصاب وجعله ممارسة عادية لا تستحق العقاب أو المتابعة، وجعل ضحاياه مذنبات ومجرمات، ومنحه للمغتصبين حماية تشرعن أفعالهم وجرائمهم باسم الحقوق والحريات.
ما يعيشه المغرب اليوم من انحراف حقوقي خطير، ومن متاجرة دولية في الحريات داخل ترابه، لا يمكنه بأي حال من الأحوال الاستمرار والتمدد، ولا يمكن للبلاد أن تظل مكتوفة الأيدي أمام هذا الابتزاز، فالمغرب محكوم بقوانين وضوابط تأطيرية وسيادية لايجب السماح بالدوس عليها وتعطيلها، تحت أي ظرف أو مبرر.