الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

الحكومة تطبخ قانونا يضع حدا للديناصورات النقابية  

الحكومة تطبخ قانونا يضع حدا للديناصورات النقابية   الميلود موخاريق يتوسط النعم ميارة، و عبد القادر الزاير

ما زال الكل يتذكر على سبيل المثال لا الحصر ما عاشه الاتحاد المغربي للشغل، سنة 2018 من خلافات بعدما نهض تيار معارض ضد ترشح الميلودي مخاريق لولاية ثالثة على رأس أول مركزية نقابية تأسست بعد حصول المغرب على الاستقلال.

ولعب هذا التيار المعارض دور التمرد والعصيان ضد الزعامات الخالدة التي تطبع المشهد النقابي المغربي. وطالب بكفاءات بديلة لها عن طريق تشبيب قيادات الاتحاد المغربي للشغل من جهة، وإتاحة الفرصة للمرأة في قيادة النقابة. وهي مطالب تفرضها ثقافة جديدة تؤسس لقواعد المشاركة والتداول الديمقراطي بعيدا عن الزبونية والتوريث. وكان السؤال الصارخ آنذاك: ألا يوجد داخل أجهزة المجلس الوطني أو اللجنة الإدارية أو الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل؟ من له الكفاءة كي يخلف ميلود مخاريق؟ وأكثر من ذلك ما الذي يجعل مثل هذه القيادات النقابية ترفض منافستها وتبادر بمغادرة الكراسي؟

 

الثابت والمتغير

لعل "الدعم" يبرز كعنصر أول من عناصر الجواب عن الثابت والمتغير في المسألة؛ ذلك أن المركزيات النقابية تحصل على دعم عمومي على غرار الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية، وفي الوقت الذي يعمل المجلس الأعلى للحسابات على إصدار تقارير حول تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وصرف المال العام على الحملات الإنتخابية، نجد أن النقابات مازالت خارج السلطة الرقابية للمجلس. وفي نفس السياق لا تنشر النقابات تقاريرها المالية على مواقعها الالكترونية من أجل تعزيز ثقافة الشفافية وبلورة حق الحصول على المعلومة؛ رغم حديثها عن تعزيز الديمقراطية والنزاهة بالمغرب؛ وذلك للرد على الاتهامات الموجهة للمانحين لدعم حول تبديد أموال دافعي الضرائب. وهذا الوضع جعل النقابات خارج مجهر الرقابة المالية من جهة، وخارج قواعد الديمقراطية التدبيرية من جهة أخرى؛ وهو عامل ظلت تقايض به النقابات الحكومة من أجل سلم اجتماعي متفق عليه؛ ما يفسر تأجيل وتأخير إصدار قانون النقابات.

وفي هذا الإطار سبق للكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل علي لطفي أن أشار إلى وجود مجموعة من النقابات معرقلة لصدور قانون للنقابات، موضحا أن النقابات ترفض قانون النقابات باستثناء نقابته ونقابة الاتحاد الوطني للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل، مشددا على ضرورة تنزيل الدستور في فصله الثامن. وانتقد لطفي تلقي المركزيات النقابية مبالغ مالية من رئاسة الحكومة تقدر ما بين 200 مليون و900 مليون سنتيم في ظل غياب رقم مضبوط دون حسيب ولا رقيب، موضحا أن غياب قانون للنقابات يجعلها تشتغل في ظل ظهير 1958 المتعلق بالجمعيات، مطالبا رئاسة الحكومة بالإفصاح عن التقارير المالية للنقابات!؟ وهو ما أكده من جهته. رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، المحامي بهيئة مراكش محمد الغلوسي، قائلا إن انتشار شعار "سكت علي هنا، نسكت عليك لهيه" ووجود تفاهمات غير معلنة هو ما يحول دون إعمال الرقابة على مالية النقابات، مبرزا أن الجهة الحكومية المانحة لهذا الدعم تتفادى احتجاج النقابات عبر شراء صمتها.

 

وأخيرا مشروع قانون يضع حدا الزعامة ويخضع النقابات للمراقبة

كشف مصدر حكومي لبعض المصادر أن النسخة النهائية من مشروع قانون ينظم عمل النقابات في المغرب جاهزة، وستتم مراسلة النقابات، في غشت 2020 بهدف تلقي ملاحظاتها. وأورد أن المشروع الجديد يتضمن نقاطا جوهرية من شأنها إثارة المزيد من الخلاف والنقاش الحاد مع النقابات، خاصة أن:

1- ما يتعلق بتحديد الولايات في القانون الأساسي، بما فيها تحديد مدة ولاية الأعضاء المكلفين بالإدارة والتسيير داخل الأجهزة، والتأكيد على ضرورة ألا تتجاوز الفترة الفاصلة بين المؤتمرات العادية المدة المنصوص عليها في النظام الأساسي، وهو ما سيقطع الطريق على القيادات. النقابية وسيضع حدا لخلود زعامتها.

2-إخضاع مالية النقابات على غرار الأحزاب لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات حيث ، نصت مسودة مشروع القانون الجديد على إخضاع المنظمات النقابية للمراقبة المالية، من خلال إلزامها بالاحتفاظ بجميع الوثائق المثبتة لمحاسبة المنظمة لمدة عشر سنوات، مشددا على أن كل استخدام كلي أو جزئي للدعم المالي الممنوح من طرف الدولة لأغراض غير التي منح لأجلها يعتبر اختلاسا المال العام.

وكشف مشروع القانون الجديد أنه يتولى المجلس الأعلى للحسابات مراقبة صرف الدعم السنوي الذي تستفيد منه النقابات الأكثر تمثيلا، موردا أنه في حالة عدم استجابة النقابة المعنية لإنذار الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، فإنها تفقد حقها في الاستفادة من الدعم السنوي، كما تفقد حقها في الدعم في حالة عدم عقد مؤتمرها الوطني العادي.

3-وقررت مسودة مشروع القانون الحكومي منع تأسيس نقابات للعمال أو المشغلين على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي أو على أساس الجنس، و ربط مشروع القانون الجديد الحصول على صفة الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني بالحصول على نسبة 6 % من مجموع عدد ممثلي الموظفين والمستخدمين في اللجان الإدارية متساوية الأعضاء بالقطاع العام، والنسبة نفسها من عدد الأجراء في الانتخابات المهنية بالقطاع الخاص على المستوى الوطني، وأن تكون ممثلة بمجلس المستشارين.