الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد العزيز نداء: من أجل مؤتمر وحدوي هنا والآن 

عبد العزيز نداء: من أجل مؤتمر وحدوي هنا والآن  عبد العزيز نداء
شرعت وزارة الداخلية في حوارها مع الأحزاب حول التعديلات المحتملة للقوانين المنظمة للعمليات الانتخابية التي ستجرى في موعدها القانوني. بهذا المعنى فإن المنظومة السياسية ستركز جل اهتماماتها حول هذه الانتخابات.
لكن هنالك إشكاليات عويصة لا بد من التوقف عندها.
ـ  المعطى الصحي الوبائي
 هل يمكن الركون لسلامة الوضع الصحي، ليس فقط لإجراء عمليات التصويت بل هل سيكون الوضع ملائما لحياة سياسية نشطة ميدانيا بما يجعل المنافسة حقيقة ملموسة على أرض الواقع . وبالتالي أليس الوضع الوبائي عنصر فرملة للنشاط السياسي الانتخابي الذي يواجه تحديات أخرى لا تقل تأثيرا وتعقيدا ؟ 
لقد شهدت العمليات الانتخابية مستويات هائلة ومتزايدة من المقاطعة.
مما يرمي بظلاله وشكوكه حول هذه العمليات وحول الانتخابة وحول الوضع السياسي برمته. فهل استمرار نفس الوضع مضافا إليه التأزيم العميق والمستمر منذ مطلع هذه السنة الجارية سيأثر ويرفع من نسبة المقاطعة خاصة وأن التوجه التقشفي هو اختيار معلن لاستمرارية نفس الاختيارات والتوجهات التي دفعت بالناس نحو العزوف والمقاطعة لكل العمليات الانتخابية؟ تزايد نسبة المقاطعين سيعني مزيدا من ضعف الشرعية الديمقراطية لنظامنا السياسي برمته.
فهل يمكن المغامرة بهكذا توجهات ؟ 
 ماذا يقترح الفاعلون الحزبيون لتجنب سيناريوهات مخيفة كالتي تطل علينا بل أنها قد اقتحمت المشهد بوضوح ؟ 
لا يبدو على أن الاحزاب الكبرى تبدي قدرة على لعب دورها المستقل في هذا المجال. إن التحكم في المشهد الحزبي والسياسي من خارجه هو القاعدة ولا يبدو على أن الاحزاب ستخرج عن الترتيبات التي دأبت نفس الجهات على رسمها وتقويتها بكل السبل.
إذا تأكد هذا المنحى محددا فسيكون تأثيره على العزوف والمقاطعة قويا جدا... فئات عريضة ستنظم لجمهور المقاطعين لأنهم سييأسون نهائيا من إمكانية اجراء انتخابات شفافة ونزيهة خاصة وأن الأوضاع كلها تتطلب ذلك.
في هذه الحال ما موقف قوى اليسار؟ وكيف ستعالج هذه الأوضاع الصعبة جدا والمعقدة فوق ما نتصوّره ؟ 
لقد تأخر اليساريون في حسم أوضاعهم مباشرة بعد انتخابات 2016. لكنهم لم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا.
لن نلتمس لهم الأعذار، لكن من المؤكد أن لهذا التماطل ولهذه الانتظارية كلفة لا بد من دفعها كاملة.  
لن أقول بأن موقف المشاركة في حكومة البيجيدي من طرف التقدم والاستراكية و الاتحاد الاستراكي كان خطأ فادحا ليس فقط بالنسبة للحزبين بل بالنسبة لكل الوضع السياسي بل والمجتمعي. لقد اضطر حزب التقدم والاشتراكية أن يغادر التحالف الحكومي لكن في وقت غير مناسب لأنه جد متأخر.....أما عن الاتحاد الاستراكي فلقد كانت لديه شجاعة كافية ليستمر في خطئه حتى النهاية ليجد نفسه في وضعية من الضعف والشلل لن يستطيع الخروج منها.
لكن ماذا عن فدرالية اليسار التي اختارت موقف المعارضة ؟ 
لقد اكتشفت الفدرالية محدودية فعلها منذ 2007 على الاقل.
لكنها لم تجرء على القيام بالتغييرات المطلوبة لقد كانت الفدرالية طوال هذه المرحلة تعلن عن مسارها الوحدوي وفي كل محطة كانت تؤكد على هذا الاختيار إلا أنه لم يتحقق ونحن في منتصف سنة 2020 الاستثناىية بكل المقاييس. 
لماذا لم تتحقق إذن ؟ 
طرح السؤال مؤخرا وبشكل مباشر وعلى قنوات التواصل الاجتماعي فاتت الردود فعلا مترددة.
إلا أنها أوضحت كذلك على وجود تقديرات متعارضة مما يعني أن هنالك أزمة يعيشها مشروع الوحدة اليسارية المتمثل في فديرالية اليسار الديمقراطي.
فهل من مخرج؟ 
 لا شك في أن المخرج ممكن حتى لو أن نتائجه الفورية المتوقعة قد تكون ضعيفة عند تحقق عملة الاندماج المنتظر. 
 نتائج ضعيفة ؟ هذا ممكن، لكن ليس ذلك بحتمي.
وقبل هذا وذاك فإن الأمر ليس مطلقا بل هو رهين بالتوقُّعات المعلنة خلال المؤتمر الاندماجي. فالبيان السياسي و
البرنامج المعلن هو المرجع لكل تقييم قادم.  
لماذا لا ينعقد هذا المؤتمر؟ 
إن الصورة التي يرسمها اليسار الفدرالي عن نفسه هي أخطر من أي نتائج قد يخرج بها المؤتمر.
صورة التردد الغير العارف لما يريد، و اليسار الذي تتقاسمه حسابات غير واضحة والواضح منها غير مقنع. 
 بالنسبة لي كفاعل سياسي ينتمي اليوم لـ "مجمموعة البديل أ اجد نفسي في موقع المطالَب بالمساهمة ولو المحدودة في تجاوز حالة الانحباس والتردد التي تكبل كل مكونات فديرالية اليسار الديمقراطي.
مساهمة قد تتحقق أولا من خلال إدراكنا كبديليين أننا قضينا سبع سنوات في البحث بكل الطرق على تأسيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يتسع لكل أو جل الاشتراكيين الديمقراطيين المغاربة، وبأن هذا المسار الصعب هو اليوم اقرب إلى التحقق بالانخراط في فدرالية اليسار الديمقراطي التي هي اليوم بحاجة لتوسيع قاعدتها بمجموعة البديل وأكثر من ذلك توسيع قاعدتها بآلاف بل عشرات الالاف من الاشتراكيين الديمقراطيين الغير النشطين سياسيا الآن. 
لكن الانخراط من أجل ماذا ؟ 
بشكل مباشر الانخراط من أجل تمكين القاعدة الاجتماعية لليسار فورا من إطار سياسي يجمع صفوفها وينظمها لتخوض معاركها الكثيرة والصعبة للدفاع عن مصالحها التي هي مصالح كل الشعب المغربي.
إن المعارك مترابطة ولا فصل بينها إلا شكلا.
فالنضال المطلبي لا ينفصل على النضال الفكري والثقافي ولا ينفصل على المعارك السياسية والانتخابية.
بهذا الشكل سيكون المؤتمر الاندماجي أكبر من مجرد لحظة تنظيمية. إنه عنوان وبداية، مجرد بداية لمرحلة يسارية ووطنية جديدة على كل المستويات.
هذه رؤيتي كواحد من أعضاء مجموعة البديل وكلي استعداد وحماسة للعمل مع كل الصديقات والاصدقاء الاشتراكيين الديمقراطيين من أجل تنظيم هذا الحديث الكبير.

عبد العزيز نداء/ عضو السكرتارية الوطنية لمجموعة البديل