الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

حسن العطافي: ارتياح لا يلغي الحذر

حسن العطافي: ارتياح لا يلغي الحذر الزميل حسن العطافي
أكيد أن المتابعة اليومية لوضعية انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 في بلادنا خلال اليومين الأخيرين تبعث على الارتياح، لكنه ارتياح لا يلغي الحذر إطلاقا. 
صحيح أن تأكيد تماثل أكثر من نصف العدد الإجمالي للمصابين للشفاء، وعودة منحنى حالات الإصابة الجديدة للانخفاض بعد صدمة الارتفاع يرفع المعنويات والمناعة الجماعية، لكن هذا لا يمكن إطلاقا أن يخفض منسوب الحذر، أو يدفعنا إلى إطلاق العنان لخرق الطوارئ الصحية، والتخلص من قواعد السلامة، التي كانت رفيقنا منذ انتشار الوباء، ويجب أن تظل كذلك تفاديا لأي انتكاسة.
ينبغي أن نثبت أننا نستوعب الدروس، ولا نلدغ من الجحر مرتين، وعلينا أيضا أن نؤكد أن التراخي الذي رافق ومضات بشائر الأمل في الأسبوع الماضي، وما نجم عنه من ارتفاع حالات الإصابة وظهور بؤر جديدة لن يجد إلينا سبيلا.
نريد أن نخرج من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة وأن تكون عودتنا إلى الحياة التي قد تشبه حياتنا الماضية مستحقة، لا أن نسرقها ونحطم ما تحقق في بلادنا من إنجازات تبعث على الفخر في زمن كورونا، الذي هزم من كانوا يعتبرون كبار العالم قبل تفشي الوباء.
نعم ينبغي أن تكون حياتنا المقبلة شبيهة بالسابقة، لكنها تختلف عنها في الكثير من الأمور، ينبغي أن نثبت أن الكثير من السلوكيات الإيجابية التي أظهرناها ونظهرها حتى هذه اللحظة لم تكن خوفا من كورونا، وأن الضربات التي وجهناها لهذا الوباء، لم تكن ضربات خائفين، بل هي صادرة عن واثقين، مؤمنين بقضيتهم وقادرين على مواجهة كل الموافق بما يلزم من الحزم والثقة.
في كل الأحوال، وحتى في حال تكرار الرقم الحلم "صفر إصابة" لا ينبغي أن نحول مستقبلنا القريب إلى كوابيس مرعبة نتيجة سوء تدبير.
علينا أن نتصور باستمرار أن كوفيد 19 هرب ولم يمت، وأن نضع عودته في الحسبان، لذلك علينا أن نظل حذرين، ومتيقظين، وعلى أتم استعداد لنوجه له المزيد من الضربات من أجل تحصين ذواتنا وأرواحنا التي لا تقدر بثمن.
لقد أثبتت المملكة المغربية بفضل القيادة الرشيدة لجلالة الملك أن صيانة الرأسمال اللامادي وتثمينه لم تكن شعارا فحسب، بل هي مبدأ، وأنه حين يتعلق الأمر بالمواطن نكون بصدد رأسمال حقيقي، يستحق كل التضحيات.
أشعرتنا كل الجهود، التي بذلت أننا لسنا مجرد أرقام في الهرم السكاني، بل نحن أكبر وأغلى من كل الأرقام، لهذا رجحت التدابير الاحترازية والإجراءات الوقائية كفتنا في الميزان مقابل الاقتصاد، رغم أن الاعتقاد الذي كان سائدا قبل زمن كورونا أنه لا شيء يعلو على الاقتصاد.
 لقد شاهدنا كيف غالطت هذه النظرية التي تحولت إلى فرضية، وخدعت الكثير من الدول وأزهقت عشرات الآلاف من الأرواح، وأصبحت رائحة الموت تفوح من مدنها وقراها إلى درجة أنه أصبح هم العالم إحصاء الموتى.
لم يلتمس مغرب الألفية الثالثة لنفسه الأعذار، ولم يقف مكتوف الأيدي وهو ينتظر أن يصدر كورونا أحكامه، بل اتخذ المبادرة وظل سيدا للموقف بسبب القرارات الحكيمة والقبض على جمر الأزمة بيد من حديد وكأنها بلسم.
من أجل هذا كله ينبغي أن نواصل صمودنا والتزامنا الجماعي بكل إصرار، وأن نقاوم أكثر من السابق، لأن الخصم فضلا عن كونه غير مرئي أظهر بعضا من مميزاته وأهمها قدرته على العودة، وتسجيل ضربات كما حدث في الكثير من البلدان، التي أشرنا إلى بعضها في افتتاحيات وتقارير إخبارية سابقة.
نحن في مرحلة في غاية الأهمية مرحلة الشعور بارتياح يرفع المعنوية لكنه لا يضمن الانتصار، ما نحققه حتى الآن يبقى في حاجة إلى تأكيد.
إن القرار بين أيدينا، وهذا لا شك فيه، وعلينا ألا نضيع الفرص الذهبية التي تتاح لنا بالتهور والهرولة نحو المجهول.
حسن العطافي، صحفي