Friday 31 October 2025
Advertisement
كتاب الرأي

زكية لعروسي: ملحمة الصحراء المغربية.. تتويج دبلوماسي جديد في الأمم المتحدة 

زكية لعروسي: ملحمة الصحراء المغربية.. تتويج دبلوماسي جديد في الأمم المتحدة  زكية لعروسي
في عالم نصفه ضباب ونصفه رمال، تتحرك الجزائر كظل ضائع يبحث عن شمس لا تعرفه. تحمل على كتفيها حكاية بلا بداية ولا نهاية. تحاول أن تمنح الرمال صوتا والشمس زاوية جديدة، لكنها لا تدري أن الرمال تعرف صاحبها وأن الشمس لا تعود إلى حيث لا يشرق الضوء.
في الأفق، تلوح المملكة المغربية كملكة حقيقية ترتدي تاجها من التاريخ. تمسك بزمام الصحراء بيد ثابتة وعقل راجح. تحكم برؤية واضحة وقرار صائب. كل كثيب وكل نسيم وكل شعاع شمس يسبح في صرح السيادة المغربية يحمل توقيع القيادة الملكية الحكيمة. هذه القيادة تعرف كيف تجعل من الأرض قلبا نابضا ومن السياسة مسارا للحق والعدل.
في قلعة الأمم، حيث المندوبون طيور تتحدث بلغة الرموز، حاول الظل الجزائري أن يقترب من العرش. يطرق الأبواب، يهمس بالأماني، يمد جناحيه على المسودة الأمريكية. يريد أن يعيد رسم الجدران، أن يلون الرمال بما يحب. لكن الطيور لا تصغي إلا للحقائق. والقلعة لا تتحرك إلا بميزان العدالة. والنور لا يلمسه إلا من يعرف الطريق. الجزائر إكتشفت أن الكذب لا يكتب على الحجر وأن الهتاف لا يخلق السلطة وأن الضعف السياسي يصبح علنا تحت عين الحقيقة.
المسودة الأمريكية ظهرت كصخرة ناصعة، محفور عليها إسم الحقيقة: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. الجسر الذي يعبر فوق جدل مفتعل. الحل الواقعي الذي لا يقبل الانحناء. وحين حاولت الجزائر أن تلمس النص، لدغها الحبر. الكلمات لا تكتب على هوى من يرفض أن يرى، بل على ميزان من يزن المواقف لا الأوهام..
 كل بند حكاية، وكل حكاية تبتعد عن الجزائر. كانت تبحث عن فقرة تشبهها، لكنها وجدت البياض فقط، صفحة فارغة لا تحمل سوى الصمت والهزيمة.
عطاف تحدث إلى الصين كمن يلقي حجرا في بحر هادئ. تصغي الصين بلا حراك، كجدار من صخر. تسمع الريح، لا تكسرها، لا تحركها. عاد عطاف من المكالمة محمولا بصدى صوته. الظل الطويل للرفض يلاحقه في كل ممر.
النتيجة كانت مرة لكنها صافية: فشل دبلوماسي مهين، رفض للتعديلات، تجاهل للمطالب، وإنحياز صامت للواقعية. النص الأممي ظل صامدا، يكرر كالصلاة على ألسنة العالم: الحكم الذاتي هو الحل الوحيد.
في الخارج، تتمايل الرمال كأمواج بحر قديم. تهمس لكل من يراقب: أنظروا، أنا هنا منذ الأزل، والماضي لا يعاد. والظل الجزائري يتبعها بلا توقف. يحاول الإمساك بها، لكن كلما إقترب إبتعدت الملكة المغربية أكثر، ثابتة على الحق، متشبثة بسيادتها، متجاهلة كل الصيحات والتهديدات.
الجزائر كظل بلا صاحب تبحث عن صوت يصدقه وعن ضوء يهديه، لكنها تجد فقط صدى نفسها. الصحراء كملكة، تمتد فوق الرمال، ترفع التاج على السيادة المغربية، تهمس للحكمة: أنا هنا ولن أتحرك إلا لمن يعرف حقيقتي. السياسة المغربية كيد حامية وعقل راجح تجعل كل تحرك في الأمم المتحدة متسقا، مضبوطا، موجها. بعكس الظل الجزائري الذي يختنق في الأوهام والهواجس. الأمم المتحدة كقلعة مهيبة تحكمها لغة الرموز والعدالة، لا تتحرك أمام الدهشة أو الضوضاء، بل أمام الحق فقط. المندوبون طيور تحمل الريح، تنقل الحقيقة، لا تصغي للظل، ولا تلتفت للشعارات الهاربة.
الليل يرحل ببطء، والقمر يراقب المشهد من فوق. يرى الظل يختفي في الأفق، والملكة تظل قائمة، والقلعة صامدة، والطيور تحلق حاملة الحقيقة في كل ممر.
وهكذا يكتب الفصل الأخير. الجزائر ما زالت تطرق بابا لا أحد خلفه. والصحراء، بكل اتساعها، تميل بظلها نحو المغرب، ثابتة، صامدة، لا تعرف الوهم، ولا تقبل أن ينسب لها من لا يستحقها.
في هذا المشهد تتلاقى فلسفة السياسة مع أسطورة القوة. أن القوة الحقيقية ليست في الصوت العالي أو الخطاب المرهف، بل في من يعرف حقيقته ويمسك بزمام الواقع. ومن لا يملك إلا الظل لا يغير شيئا. السياسة المغربية بقيادة الملك هي العقل الذي يوجه الزمان والمكان. هو الضوء الذي يرشد في ظلمة الأوهام. هو التاج الذي يجعل الصحراء حقيقة لا يزيغ عنها أحد. أما الجزائر فهي تظل في الظل، تتلمس الممرات، تكرر الخطأ، وتكتب هزيمتها على صفحات الريح.
المغرب هو الملكة الحكيمة، والصحراء هي تاجها، والظل الجزائري لا يملك إلا الرغبة في أن يحل محل من سبقها. منطق القوة والحق والسيادة لا يرحم إلا من عرف كيف يمسك بزمام التاريخ.