الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

سعيد بعزيز: التراخي المزدوج في مواصلة المعركة ضد كورونا

سعيد بعزيز: التراخي المزدوج في مواصلة المعركة ضد كورونا سعيد بعزيز
في مقالتي السابقة المعنونة بـ "مهن في الواجهة"، تطرقت إلى كون نساء ورجال مجموعة من المهن رفع لها المجتمع قبعة التقدير والاحترام، واقتصرت في الحديث عن الأطر والموظفين والمستخدمين العاملين في الميدان، دون تجاوز ذلك إلى الحديث عن رتب أخرى في صفوف هاته الفئات، لأنه كان لدي اليقين أن العديد من المسؤولين لن يواصلوا المعركة إلى نهايتها بنفس الحماس، حتما سيكون هناك تراخ وتراجع في أدائهم بعد انتهاء مرحلة تجييش الصفحات الالكترونية لنقل تحركاتهم، والنفخ فيها أحيانا، حيث عجل تسجيل إصابات بمناطق تواجدهم في تراخيهم.
فالبقاء دائما للأصلح، لذلك نرى اليوم الفئات المتواجدة في القاعدة هي التي ما تزال في مواجهة الجائحة، تسهر ليل نهار من أجل تنزيل الإجراءات والتدابير الاحترازية التي أمر بها جلالة الملك، للمرور ببلادنا إلى بر الأمان.
نعم، لا نعمم، فلابد من تحية كل مسؤول عرف قدره، ونفذ واجبه، وسمح في حقه، وناضل خدمة لوطنه، من أجل أن يساهم في الحفاظ على فعالية الإجراءات والتدابير المتخذة لمواجهة تفشي فيروس كورونا ـ كوفيد 19، بعيدا عن الفرجة التي اختارها البعض شعارا لهم، وهي فئة كبيرة تتواجد في مختلف أرجاء التراب الوطني.
كما أنه على مستوى الحكومة برمتها، يمكن الحديث على أربع قطاعات حكومية مع استحضار مصالحها المركزية، هي التي ماتزال تواصل أداءها في ظل هذه الظرفية الحرجة بكل تفان، الصحة، الداخلية، الصناعة والمالية، بتصور ينطلق من القمة إلى القاعدة مباشرة، مما يجعلنا أمام فوج كبير من المسؤولين في وضعية تراخ تجاه هذه الجائحة.
وتراخي الحكومة، واضح ومكشوف للعيان، ومسؤوليتها ثابتة في عدة ملفات، منها المغاربة العالقين بالخارج، وانتشار الفيروس في البؤر المهنية، وتقديم الدعم لمؤسسات التعليم الخصوصي، وحرمان العديد من الأسر الهشة والفقيرة والعاملين في القطاع غير المهيكل من الدعم، واختلالات عملية التعليم عن بعد...إلخ.
إن تراخي الجهات المسؤولة على المستويين المركزي والمحلي، ساهم بشكل كبير في تراخي الطرف الأخر، أي المواطنات والمواطنين، فتهاونوا في تنفيذ الأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية بمناسبة فترة حالة الطوارئ الصحية، وعدم إيصال الدعم الذي يخصصه الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا "كوفيد ـ19"، إلى جميع الأسر الهشة والفقيرة، مما أدى إلى الاستياء من البقاء في المنازل، ودفعهم إلى الخروج بحثا عن لقمة العيش.
وهذا النوع من التراخي، يترجمه الواقع من جهة، والتحول الطارئ فيما يكتب بالفضاء الأزرق من جهة ثانية، حيث انتقل العديد من المدونين من المطالبة بالانضباط للحجر الصحي والتنزيل الحرفي للقوانين المعمول بها والإشادة بما تقوم به السلطات العمومية، إلى إعلان مطالب اجتماعية ترتبط بشكل مباشر بضرورة رفع الحجر والسماح بالخروج للعمل من أجل كسب القوت.
إن إعادة الثقة في المؤسسات رهان استراتيجي، ساهمت القرارات الحكيمة لجلالة الملك في كسبه، وهو ما يجب الحفاظ عليه، عبر استمرار فعالية الأداء في مواجهة هذه الجائحة، من قبل المسؤولين بمختلف رتبهم، والمواطنات والمواطنين، فليتذكر الجميع أنه إلى حد قريب كان ينظر إلى بعض المهن بالقمع والترهيب، وبعض المؤسسات بالزائدة، لكن سرعان ما أبانت عن إنسانيتها، ورفعت لها تحية الاحترام والتقدير.
فالمعركة ماتزال مستمرة في محاصرة تفشي جائحة كورونا ـ كوفيد 19، والتعايش مع الواقع أصبح يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى، وإعادة ترتيب الأمور مسألة أساسية، من أجل التعجيل بالعودة إلى الحياة العادية، والتوجه إلى مغرب ما بعد أزمة جائحة كورنا، بأقل الخسائر.
فالمغاربة شعب وفي لوطنه ومتلاحم، بكل عنفوان، وكل واحد يعرف كيف يختار ويحدد مصيره ويرتب أولويته، في سياق الحفاظ على فعالية الإجراءات والتدابير المتخذة لمواجهة تفشي فيروس كورونا ـ كوفيد 19، وتجنب السقوط في الأسوأ، والهلع السائد من العودة إلى الصفر وظهور موجة ثانية أكثر خطورة وحدة.
فالمعركة ماتزال مستمرة، والحكومة مسؤولة على توفير أرضية مواصلتها.