الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

إبراهيم الباعمراني: التعليم عن بعد ومبدأ تكافؤ الفرص

إبراهيم الباعمراني: التعليم عن بعد ومبدأ تكافؤ الفرص إبراهيم الباعمراني
داهمت العالم جائحة كورونا،و أجبرته على اعتماد سلسلة من التغييرات شملت مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة والطبية والتعليمية ، حيث فرضت في مجال التعليم المدرسي والجامعي، طرقا تعليمية جديدة، شكل ضمنها التعليم عن بعد الرقمي وسيلة لمتابعة الدراسة بعد إقفال المؤسسات التعليمية المدرسية والمهنية والجامعية.وأصبح هذا الوسيط التكنولوجي بمنصاته مستودعا يضم المعارف والعلوم والأنشطة الموجهة للتلاميذ والطلبة عن بعد. إلاأن هذا التحول المفاجئ في مجال توظيف التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية لم يستفد منه اغلب تلاميذ وطلبة ساكنة البوادي والمناطق النائية ، لعدم توفر متعلمي المناطق النائية في المغرب على إمكانية التواصل في غياب الربط بالانترنيت والحواسيب والهواتف الذكية واللوحات الالكترونية، بل هناك اسر لا تتوفر على جهاز تلفاز وهو ما يعتبر حيفا في حقهم ،وعدم تكافؤ الفرص بينهم وباقي التلاميذ والطلبة بباقي المدن المغربية ،حيث يمكن تسجيل التفاوت الاجتماعي بين التلاميذ على مستوى الجاهزية التقنية ويحرم التلاميذ والطلبة الذين لا تتيح لهم أوضاعهم الاجتماعية المتردية الانخراط في التكنولوجيات الحديثة للتعليم عن بعد
إن من بين الأهداف الرئيسية التي تروم تحقيقَها الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وهي خارطة طريق إصلاح المنظومة التربوية المغربية، هدفُ جعل المدرسة المغربية مدرسة للإنصاف وتكافؤ الفرص، لكن الظروف الاستثنائية التي يعيشها المغرب بيّنت، مرة أخرى، أن هذه الغاية لم تتحقق، خاصة في العالم القروي.
وفي هذا السياق صرح الخبير التربوي "فيليب ميريو " في حوار معه أن التعليم عن بعد كشف الفوارق الاجتماعية وعمقها،لان هناك تلاميذ ليست لهم إمكانات ولوج الانترنيت، وهناك عائلات لا تتوافر إلا على شاشة حاسوب واحدة،علاوة على ذلك لا تسمح شروط السكن لبعض الأطفال بالانعزال لينجزوا أعمالهم ويفكروا في هدوء.
ويبدو أن وزارة التربية الوطنية واعية بهذا التفاوتات الاجتماعية والمجالية وتأثيرها على عملية التعليم عن بعد ،كما صرح بذلك وزير التربية الوطنية، ولاشك أنها تفكر في كيفية تدارك هذا الخلل لتحقيق المساواة التربوية ومبدأ تكافؤ الفرص ، وفي خطوة أولى قدمت للرأي العام الحصيلة المرحلية لعملية التعليم عن بعد وهي حصيلة كمية لاترقى إلى تقويم نوعي يرصد الثغرات والنواقص،ولكنها حصيلة تكشف جهودالأطر التربوية والإدارية المبذولة على مستوى وزارة التربية الوطنية مركزيا وجهويا وإقليميا من اجل إنجاح عملية التعليم عن بعد،وانجاز المقررات الدراسية وهي تجربة أولى عوضت التعليم الحضوري بالمغرب نتيجة تداعيات جائحة كورونا التي حتمت إقفال المؤسسات التعليمية المدرسية والجامعية والمهنية.
وتجدر الإشارة إلى أن واقع ممارسة التعليم عن بعد في تجربة جديدة بايجابياتها ونواقصها يطرح على منظومة التربية والتكوين ببلادنا تحديات تستدعي إصلاحا جذريا للمنظومة وفق توجهات القانون الإطار الذي يدعو الحكومة إلى اتخاذ
جميع التدابير اللازمة والمناسبة لتمكين مؤسسات التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي من تطوير موارد ووسائط التدريس والتعلم وذلك بالعمل على
تعزيزإدماجت كنولوجيا المعلومات والاتصالات في النهوض بجودة التعلمات وتحسين مردوديتها؛وإحداث مختبرات للابتكار وإنتاج الموارد الرقمية، وتكوین مختصین في ھذا المجال؛وتنمیة وتطویرا لتعلم عن بعد،باعتباره مكملا للتعلم الحضوري؛وتنويع أساليب التكوين والدعم الموازية للتربية المدرسية والمساعدة لها؛ وإدماج التعليم الالكتروني تدريجيا في أفق تعميمه.
كما أن من أوليات الإصلاح التربوي والتعليمي ببلادنا العمل على تأهيل الأطر التربوية و الإدارية في مجال التعليم الرقمي للقطع مع الطرق التقليدية البعيدة عن متطلبات العصر وتعميم شبكة الانترنيت وتمكين المتعلمات والمتعلمين في المدن والبوادي من الحواسب على غرار مليون محفظة وتعبئة كل الشركاء أفرادا ومؤسسات كالمكتب الوطني للكهرباء وشركات الاتصال للنهوض بهذا الورش الوطني الذي يعتبر مدخلا للنهضة وسبيلا للتقدم لأنه استثمار في الموارد البشرية المواكبة لحركية العالم الرقمي والمنفتحة على حاجات العصر ومتطلبات التنمية المستدامة.