الخميس 18 إبريل 2024
فن وثقافة

اقتراحات موجهة إلى تلفزة دار البريهي: حتى لا تفسدوا علينا شهر رمضان بمرارة كورونا

اقتراحات موجهة إلى تلفزة دار البريهي: حتى لا تفسدوا علينا شهر رمضان بمرارة كورونا محمد عياد، المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة
أعطت الإدارة العامة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعليماتها للإعلان عن شبكة البرامج الرمضانية، حيث سارعت تلفزة البريهي إلى تكليف "شركة جد خاصة" للإعلان عنها، كالمعتاد، لكن هذه المرة باللغة الفرنسية فقط، وليس بالعربية ولا بالأمازيغية، وهي سابقة في تاريخ الإذاعة والتلفزة التي كانت دائما تقدم شبكاتها البرامجية باللغتين العربية والفرنسية، ويتكلف بها أطر من داخل مصالح البرمجة التلفزية بدار البريهي.
شهر رمضان لهذه السنة(2020)، استثنائي بكل المقاييس، ولا يحتمل كثرة الضحك والبهرجة المعتادة للسنوات الماضية، لذلك كان على الإدارة العامة تغيير شبكة البرامج حتى تتماشى مع جائحة كورونا وما تلاه من حجر صحي، لكن يبدو أن سعادة المدير العام له رأي أخر، وسيقدم إنتاجات راهنت عليها دار البريهي لشهر رمضان وكانت في طور التصوير لكن توقفت بسبب الانتشار السريع لفيروس كورونا. فكيف سيتدبر "من الديباناج" هذا الأمر.
قد يكون الإنتاج الرمضاني لهذه السنة هو الأسوأ من نوعه في تاريخ التلفزيون، لهذا أقترح أن تتخلى استثناء عن الضحك علينا هذه السنة وتخصيص الميزانية الضخمة المعتمدة لهذا الإنتاج الحامض، لصندوق الدعم لتدبير ومواجهة فيروس كورونا، للتكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، فلا يعقل أن تصرف الملايير على تفاهات والإدارة العامة لدار البريهي ترى اقتصادا وطنيا متضررا: سياحة جامدة، معامل متوقفة، مطاعم ومقاهي مغلقة ، وما تلا ذلم من تداعيات اجتماعية لهذه الأزمة.
من خلال الاطلاع على شبكة البرامج بالفرنسية، يتبين أنها برمجة لا تستجيب لاحتياجاتنا ورغباتنا كمشاهدين، لأن أولوياتنا هي تأمين حياتنا وحياة أسرنا من خلال توفير الأمن والأكل وأدوات النظافة والتعقيم والكمامات، ومواصلة أبنائنا لدراستهم وممارسة شعائرنا الدينية عن طريق وسائل الإعلام العمومية عن بعد.
لذلك أقترح على الإدارة العامة لدار البريهي عقد مصالحة مع الجمهور في هذه المرحلة الحرجة التي تجتازها البلاد والعباد، وتقبل النصح بصدر رحب وضبط إيقاع قنوات دار البريهي مع الجمهور وارتباط المنتوج بالسيناريو المحكم في بنائه الدرامي المرتبط بالواقع المعاش، للتعبير عن المجتمع وليس الاعتماد على الاقتباس والخيال وإغراقنا بسوق الإعلانات والإشهار.
خلال فترة الحجر الصحي بدأنا ننسى بعضا من الحموضة التي هيمنت وتفشت بالتلفزيون سنوات طويلة. بالمقابل بدأنا نسمع بأهمية من هم في الصفوف الأمامية في مواجهة فيروس كورونا، من أطباء وممرضين عسكريين ومدنيين ورجال الامن والقوات المساعدة والدرك وأعوان السلطة والوقاية المدنية والجيش ممن يعرضون أنفسهم للموت ليحيى الوطن. كما نسينا أخطر المجرمين، ومسلسلات الخردة التركية والمكسيكية، ووجوه السياسيين والبرلمانيين الذين "استعمروا"  قنوات دار البريهي، وبدأنا في الاستماع للأستاذ "الذي بهدلتموه في قنواتكم" ولاحظنا الجهد الذي يقوم به نساء و رجال التعليم في الدراسة عن بعد، وأنستنا كورونا كذلك التشرميل، والجريمة والرشوة وغيرها من الآفات الفتاكة، وعدنا نسمع تفضيل الشعب عن الاقتصاد، والتضامن الاجتماعي والتكافل وابتكارات الشباب كصنع طائرات الدرون وأجهزة التنفس، والتعقيم وصناعة الكمامات، وبناء أكبر مستشفى بإفريقيا في ظرف قياسي وجيز وغيرها من الإبداعات الجميلة التي أعادت فينا بصيص الأمل الذي بدأ يلوح في الأفق لهذا الوطن الجريح.
بناء على ما سبق، فإن تقديم أي عمل في عهد الإدارة العامة الحالية شبيه بالخردة التي ألفت تقديمها كل شهر رمضان، ستعيدنا إلى الوراء، إلى ذلك الحزن والأسى الذي ألفت أن تمارسه علينا. وبذلك تكون قد قضت على كل المجهودات التي بذلت إلى حدود اليوم من أجل بناء الدولة الوطنية.
فلا تفسدوا علينا في هذا الشهر الفضيل يا سعادة المدير العام !