الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

رمضان على الأبواب: صناعة "الدراما" المصرية تعاني الأمرين بسبب "كورونا"

رمضان على الأبواب: صناعة "الدراما" المصرية تعاني الأمرين بسبب "كورونا" إيهاب فهمي، يتوسط، محمود عبد التواب، ومصطفى الكيلاني(يسارا)
يواجه قطاع الإنتاج الدرامي في مصر، في الفترة الأخيرة، إكراهات جمة تتعلق بصعوبة إستكمال تصوير المسلسلات الجديدة التي ستعرض خلال شهر رمضان المبارك، بسبب الإجراءات الإحترازية التي أطلقتها السلطات المصرية للحد من تفشي وباء (كوفيد - 19).
وتكمن هذه الإكراهات في ضيق الوقت اللازم لإنهاء تصوير الأعمال الدرامية التي ستعرض خلال موسم رمضان، خاصة وأن قطاع الدراما يعول كثيرا على شهر الصيام من أجل تسويق أبرز الأعمال الجديدة في المحطات التلفزية والفضائيات العربية، بالنظر إلى إرتفاع نسب المشاهدة، وهو الأمر الذي أصبح بمثابة ظاهرة موسمية، وفي الآن نفسه ضرورة الإلتزام بالإشتراطات الصحية التي تفرضها الدولة مخافة إنتشار الوباء.
وفي ظل حمى الخوف من إنتشار فيروس "كورونا" في استوديوهات التصوير، أصدرت نقابة المهن التمثيلية في مصر مؤخرا بيانا إرشاديا للتحذير من "تفشي الوباء في فضاءات التصوير والتي تضم عددا كبيرا من الممثلين والفنيين".
ودعت النقابة المخرجين ومديري الإنتاج إلى "خفض التجمعات داخل بلاتوهات التصوير، والتقليل من السفر والتنقل إلا للضرورة القصوى".
كما أوصت النقابة بتأجيل تصوير (المجاميع) وهي مشاهد الحركة قدر المستطاع، والإلتزام بكل الإجراءات الطبية الوقائية الصادرة عن وزارة الصحة، وتعقيم أماكن التصوير بشكل دوري، لحين صدور قرار بعبور مرحلة الخطر رسميا.
وفرض هذا الوضع الصعب على الممثلين وفرق التصوير، صعوبات عدة أبرزها الضغوط الكبيرة التي يواجهونها بسبب اضطرارهم إلى البقاء في استوديوهات التصوير لمدة تزيد على 16 ساعة يوميا، للحاق بالموسم الرمضاني المقبل إلى جانب الإستمرار، إن اقتضى الأمر، في تصوير بعض الأعمال حتى نهاية شهر رمضان.
وفي هذا الصدد، أكد الممثل إيهاب فهمي، عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية، أن كل الممثلين معنيون بشكل رئيسي بأخذ الحيطة والحذر خلال عمليات التصوير، مبرزا أن بيان النقابة "إحترازي بالدرجة الأولى".
وشدد في تصريحات صحفية على أن النقابة "ليست جهة رقابية أو صحية ولا تطالب بحجر صحي، لأنها تدعو فقط إلى الإلتزام بالإشتراطات الصحية من أجل المحافظة على المهنة والعاملين بها".
غير أن هذه الضغوط التي باتت تفرض نفسها وبإلحاح على الممثلين وفرق التصوير، والمرتبطة بضيق الوقت، خاصة وأن كل الفضائيات وشركات التوزيع في الوطن العربي تنتظر خروج آخر الإنتاجات الدرامية للتسويق التجاري في رمضان، قد تؤثر على جودة الأعمال المقدمة في هذا الموسم بشكل خاص وعلى قيمتها الفنية.
الناقد السينمائي مصطفى الكيلاني أكد أن صعوبات كبيرة جدا تواجه الممثلين وفرق العمل في تصوير عدة أعمال درامية، وتتمثل أساسا في "إلغاء مشاهد خارجية كثيرة والتركيز على المشاهد الداخلية في بلاتوهات خاصة، لتفادي الإختلاط بعموم الناس في فضاءات التصوير العامة، خوفا من الإصابة بالوباء".
وأوضح الكيلاني في تصريح ل"وكالة المغرب العربي للأنباء"، أن هذا الأمر "سيؤثر حتما على جودة الأعمال الدرامية قيد التصوير، رغم توفير كل الإشتراطات الصحية الضرورية، والإعتماد على عدة فرق تصوير ومخرجين مساعدين في العمل الواحد ربحا للوقت خاصة وأن شهر رمضان على الأبواب".
وسجل الكيلاني أن مشاكل أخرى فرضت نفسها على مخرجي بعض الأعمال الدرامية كما وقع مثلاً "في مسلسل (لعبة النسيان) حيث اضطر مخرجه هاني خليفة إلى تغيير بعض شخوص العمل، بعد تعذر عودة الممثل والمطرب أحمد فهمي وفريق المسلسل من بيروت إثر الإنتهاء من تصوير مشاهد خارجية، بسبب إلغاء رحلات الطيران".
والأمر نفسه بات يواجه مسلسل (تقاطع طرق) وهو من بطولة الممثلة منى زكي وإخراج تامر محسن، حيث تقرر تأجيل تصوير كافة المشاهد الخارجية في الأماكن العامة والمشاهد التي تتطلب وجود عدد كبير من الممثلين وممثلي الحركة (المجاميع)، وذلك حفاظا على صحة فريق العمل، تماشيا مع قرارات السلطات المصرية من أجل مجابهة فيروس"كورونا"، وكذا لتعذر إلتحاق الممثلة التونسية عائشة بن أحمد بمصر لإستكمال تصوير باقي مشاهد الحلقات المتبقية.
وفي هذا الصدد، أكد محمود عبد التواب، مساعد أول لمخرج العمل، في تصريح صحفي أن "أسرة المسلسل غير مستعدة لتقديم تنازلات أو بدائل تؤثر على جودة العمل منذ بداية تصويره لقناعتها بأنه عمل درامي يحمل قيمة فنية عالية"، مبرزا أن المسلسل "لن يحدد توقيت عرضه إلا بعد الإنتهاء من تصوير كافة حلقاته".
وأشار إلى أن تصوير المشاهد سيستمر في "الأماكن الداخلية الآمنة" بعد إتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة، مع إلغاء تصوير أي مشاهد خارجية تتطلب تجمعات.
من جهة أخرى، أكد الناقد السينمائي طارق الشناوي أن الإنتاجات الدرامية التي ستعرض في موسم رمضان المقبل "ستكون بكل تأكيد مختلفة ومغايرة عن سابقاتها، بالنظر إلى تركيزها في جزء كبير على مشاهد داخلية عوض المشاهد الخارجية التي تفرض تجمعات بشرية و(كومبارس) كافٍ وسفر إلى دول خارجية".
وأشار الشناوي، في تصريح مماثل ل(و.م.ع)، إلى أن أعمال رمضان 2020 "ستختلف تماما عن الإنتاجات السابقة سواء تعلق الأمر بجودتها أو بقيمتها الفنية والدرامية"، مبرزا أن صناع الدراما في مصر "سيراهنون على تسامح الجمهور/المتلقي في هذه الظرفية الصعبة بالذات، واستيعاب فكرة اللجوء إلى المشاهد الداخلية عوض الخارجية لتصوير عدة أعمال".
وعكس تصريحات أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، والتي أكد فيها أن السباق الرمضاني لهذا الموسم "سيعرف فقط عرض 25 في المئة من المسلسلات الجاهزة للتسويق التجاري" بسبب الإكراهات سالفة الذكر، إلا أن الشناوي بدا متفائلا من هذا الأمر، وشدد في المقابل على أن "نصف الأعمال الدرامية الجديدة ستعرف طريقها نحو الشاشة".
وسجل الشناوي أن الموسم الرمضاني الجديد، بغض النظر عن جودة الأعمال المقدمة، سيعرف مسألة في غاية الأهمية "تكمن في إرتفاع نسب المشاهدة من قبل الجمهور بسبب إجراءات الحجر الصحي والمكوث في البيوت، وهو ما سيسهم في إنتعاش سوق الإعلانات بشكل كبير في لحظات الذروة".
وعموما تزداد أعداد المشاهدين في شهر رمضان بشكل لافت حيث ترتفع أسعار الإعلانات في فترتي الإفطار والسحور.
ومهما يكن من أمر، فإن صناع الدراما في مصر سيواجهون في الفترة المقبلة لحظات عصيبة بسبب إصرار عدد منهم على عدم وقف تصوير أعمالهم الفنية، وفي الوقت ذاته توخي الحذر والإلتزام بالشروط الوقائية من فيروس (كوفيد - 19).
لكن المال أحيانا والحرص على الظفر بنصيب وافر في سوق الإعلانات المغرية، سيقوي من عزيمة المنتجين والممثلين على حد سواء لإستكمال أعمالهم الفنية وتجاوز تداعيات هذه الجائحة الخطيرة وغير المسبوقة في العالم برمته.