الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق : ويسألونك عن التفويض التشريعي!!

رشيد لزرق : ويسألونك عن التفويض التشريعي!! رشيد لزرق
إن التفويض التشريعي يقصد به أن يعهد البرلمان بممارسة بعض اختصاصاته التشريعية إلى السلطة التنفيذية لمدة زمنية محددة، وبموضوعات محددة في قانون التفويض.
ويشترط لمنح هذا التفويض التشريعي، أن توجد ظروف غير اعتيادية تسوغ ممارسة هذا الاختصاص، حتى وإن لم يشترطه الدستور صراحة.
وعليه فإن تطبيق التفويض التشريعي لابد أن يكون في ظل ظروف غير عادية، واستثنائية.
وقد نص عليه دستور 2011 في الفقرة الثانية من الفصل70 بالقول " للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود، ولغاية معينة، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها.
غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة، عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما. في حين تم التمسك بالفقرة الأولى ومن الفصل 70 التي تنص "يمارس البرلمان السلطة التشريعية. يصوت البرلمان على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية.
والغاية الدستورية من ذلك هو التدرج في اتخاذ القرار احتراما للخيار الديمقراطي بخلاف ما يحاول أن يهرول له البعض في قراءة سطحية للمتن الدستوري بدون تمكن نظري و لا قراءة سياسية.
لأن تفعيل الحكومة للفصل 81 كان المبتغى منه تدارك الارتباك الذي حصل عند بلاغ القرار الإداري المشترك بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة، فيما سمي بقرار الطوارئ الصحية، وذلك من خلال مرسوم على اعتبار أنه جاء في فترة فاصلة بين الدورتين.
وبناء عليه، تم الاتفاق من طرف اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المرسومين، على أن يتم بعد ذلك يتم عرضها وجوبا قصد المصادقة عليها من طرف البرلمان خلال دورته العادية.
منهج التدرج هو احترام الخيار الديمقراطي، أبعد فرضية اللجوء إلى الفصول الدستورية الاستثنائية، مثل الفصل 59 الذي ينص على حالة الاستثناء، أو الفصل 74 الذي ينص حالة الحصار.
والغاية من هذا جعل الجميع أمام مسؤوليته السياسية والدستورية. في احترام الفصل من الدستور الذي ينص على أن "نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية. يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة".
وبالتالي فإن العمل بأحكام الفصول الاستثنائية هو الحرص، على احترام عمل البرلمان و عدم المساس بأدواره الدستورية التي قد تعطلها الظروف الاستثنائية.
والجدير بالذكر، أن الوضعية الوبائية التي نعيشها اليوم، فرضت إحقاق الفاعلية من خلال تدخلات عاجلة، وقرارات مستعجلة على خلاف الطريقة المعتمدة في المصادقة على مشاريع القوانين والتي تستغرق وقتا طويلا.
وتم تفاعل مع هذا الوضع بالحكمة والتدرج، وهذا ما لم يستوعبه بعض المتحدثين على التفويض التشريعي، الذين اتسمت آرائهم بالتسرع وخفة جهل منهم لدقة المرحلة، ولإرادة الصارمة لرئيس الدولة في العمل باحترام أحكام الدستور.
رشيد لزرق، أستاذ جامعي، خبير دستوري