الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد حدوتي: منشور رئيس الحكومة الخاص بتأجيل الترقيات انتقائي وتمييزي وإقصائي

محمد حدوتي: منشور رئيس الحكومة الخاص بتأجيل الترقيات انتقائي وتمييزي وإقصائي محمد حدوتي

فاجأنا رئيس الحكومة بمنشوره عدد 3/2020 في موضوع: تأجيل الترقيات وتوقيف التوظيفات.. وهو منشور أقل ما يقال عنه أنه انتقائي وتمييزي وإقصائي في زمن صعب يفترض بمن يتحملون فيه المسؤولية دراسة قراراتهم بشكل دقيق على اعتبار أن الخطأ وقت الأزمات غير مسموح به وغير مبرر. وعلى اعتبار أيضا أن اللحظة تتطلب حشد كل الهمم وتعبئة الكل للمساهمة في التصدي للوباء الجائحة واستبعاد أي تصرف مشوش على جو الإجماع الحاصل ..

 

إن قراءة بسيطة لمحتوى هذا المنشور تعطي الانطباع على التسرع الذي طغى في اتخاذ هذا القرار فموضوعه يشير إلى تأجيل الترقيات وتوقيف التوظيف. في حين أن نص المنشور في فقرته الثانية وفي القرار الأول يتحدث عن تأجيل تسوية الترقيات. والفرق لا لغويا ولاقانونيا شاسع وكبير بين العبارتين.. فهل نتحدث عن تأجيل الترقيات أم عن تأجيل تسوية هذه الترقية في ميزانية 2020 على أن تتم تسويها في الميزانية المقبلة !

 

ثم إن المنشور يتحدث في فقرته الأولى عن اتخاذ قرارات استثنائية لتوجيه كل إمكانيات الدولة لمواجهة هذا الوباء؛ وفي اعتقادي فقرار رئيس الحكومة جانب الصواب أيضا عند استهدافه فقط للترقية والتوظيف. وكان من الأجدر اتخاذ قرارات جريئة تساهم في تحصين الإجماع الحاصل وتساعد على الرفع من التعبئة وتعيد الثقة للمؤسسات من قبيل تخلي الوزراء و البرلمانيين وكبار الموظفين على جزء كبير من مرتباتهم السمينة و تعويضاتهم المتعددة، وكذا تحويل جزء من الحسابات الخصوصية المفتوحة و ميزانيات تسيير الوزارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وفرض ضريبة استثنائية على ثروة كبار الملاكين وكبار التجار والأبناك وشركات التأمين وشركات استيراد البترول وتوزيع مشتقاته.. هذه هي القرارات الاستثنائية التي يحتاجها المغرب والمغاربة اليوم..

 

أما تأجيل التوظيف وتوقيف أو تأجيل تسوية ترقية بعض موظفي القطاع العام والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية فلن يكون له الأثر المادي المطلوب.. إلا ما يفهم منه عدم امتلاك الحكومة للشجاعة الكافية لاتخاذ التدابير الحقيقية التي تفرضها الظرفية الصعبة التي يجتازها المغرب؛ والتي تستلزم من مؤسسات الدولة أولا ومن الذين استفادوا لعقود عديدة من الإعفاءات والامتيازات الضريبية ومن الريع أن يساهموا وبقوة.

 

وتأتي الفقرة الأخيرة من المنشور باستثناءات تكرس التمييز بين أبناء الوظيفة العمومية، وهو تمييز قد يفهم منه تحفيز العاملين بقطاع الصحة والأمن.. ولكن حقيقة الأمر ليست كذلك هي فقرة تتضمن استثناء يبقي فقط على حقهم المشروع في الترقية بموجب القانون وكان الأجدر بالحكومة أن تبقي على حقوق جميع الموظفين في الترقية وتباشر تحفيزات استثنائية لكل المتواجدين في الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة كرونا..

 

إن منشور رئيس الحكومة رقم 3/2020 جاء بمقتضيات تستهدف الحق في الترقي كحق مشروع غير قابل للمس، وأن اللجوء إلى هذا الإجراء تحت ذريعة الإجراءات الاستثنائية بموجب قانون الحجر الصحي هو تعبير عن محدودية العقلية المدبرة للشأن العام وعدم امتلاك الجرأة السياسية لمباشرة إجراءات من شأنها إعادة الثقة للمواطنين وتساهم في تحقيق التضامن الاجتماعي والاجماع الوطني المطلوب لمواجهة جائحة كرونا..

 

محمد حدوتي، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم (ك.د.ش)