الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

غداً فيروس كورونا يعلن عن سقوط إنسانيتنا!!

غداً فيروس كورونا يعلن عن سقوط إنسانيتنا!! هؤلاء لا يخافون من كورونا ويخافون من الجوع والفقر

في زمن كورونا كنت لا أفضل رؤية مثل هذا المشهد المأساوي. وأنا أرمي كيس الأزبال في مطرح النفايات، بكل الحذر اللازم والتقيد بشروط الوقاية، تجمع ثلاثة "بوعارا" ممن يكسبون قوتهم اليومي من جمع فضلات القمامة المنزلية.. أحدهم أدخل نصف جسده في الوعاء الحديدي ينبش الأكياس البلاستيكية. تزامن هذا المشهد مع اليوم الثاني لإعلان حالة الطوارئ الصحية بالبلاد.

 

مشهد قد يتكرر في أحياء أخرى، لمواطنين على حافة الفقر يتحولون إلى "قطط" آدمية للنبش في فضلات القمامة. عضّات الجوع قد تبدو لهم أهون من الإصابة بعدوى فيروس كورونا...

 

مواطنون يلبسون أسمالا بالية، يجرون عربة أو يجرها بغل أو حمار أو يقودون "تريبورتور"، يقترفون أحقر مهنة يمكن أن يختارها "آدمي"!! لا يمكن أن تكون سعيدا وأنت تتغذى على الفضلات، وتكسب قوتك اليومي مثل القطط والجرذان… أوصاف قدحية لابد من الاعتراف بها ليفضح "كورونا" وجوهنا في المرآة.. ويشوّه آدميتنا.. ويحاكم جمعيات حقوق الإنسان التي تدافع عن الأموات أكثر من الأحياء!!

 

من منّا امتلك الجرأة ودفعته إنسانيته إلى الدفاع عن هذه الطبقة التي تجردت من آدميتها في سبيل الحق في الحياة؟

 

أحاكم نفسي أنا أولا، كيف كنت أتظاهر بالعمى حين أرى من ينبش فضلاتي بوجه مرتعش وأصابع مرتعشة؟ أحاسب نفسي وأنا أتجاهل "ظلال" مواطنين بملامح منكسرة وهم يغرقون في أرطال أزبال لا تفوح منها إنسانيتنا المصطنعة، بل روائحنا الخبيثة.

 

هذا ما صنعه بنا كورونا.. جعلنا نعيش يوميا قصصا قصيرة درامية.. لا تكتب بأي مداد، بل تعاش، لتعري سوءاتنا، وتخلع أقنعتنا.

 

هؤلاء لا يخافون من كورونا ويخافون من الجوع والفقر.. أي قلب "شجاع" يحملونه وأي قلب "مذعور" نحمله بين صدورنا!!

 

هؤلاء ملحدون بوطن زرع فيهم العقوق.. ملحدون بأحزاب رمتهم على حافة "الكفر".. ملحدون بفيروس كورونا... لا يؤمنون إلا بالفقر ولا يتّبعون إلاّ "ملّة" الجوع.

 

فلنخجل من أنفسنا.. ونعلن سقوط إنسانيتنا!!