الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الكريني: هكذا تحاول تركيا البحث عن موطئ قدم لها في منطقة الشرق الأوسط

محمد الكريني: هكذا تحاول تركيا البحث عن موطئ قدم لها في منطقة الشرق الأوسط محمد الكريني

شهدت الأزمة السورية بعد ما فلتت الأوضاع من بين أيدي السوريين تطورا خطيرا، رغم أنه في بداية الأمر كان يسعى الطرفان إلى التوصل إلى اتفاق يرضي الأطراف الداخلية بشكل سلمي بين المعارضة والاتجاه الذي يؤيد نظام الأسد، الأمر الذي سمح بتدخل مجموعة من القوى الدولية الكبرى والصاعدة منها كالولايات المتحدة وروسيا الاتحادية فضلا عن كل من تركيا وإيران..

 

تحاول تركيا بين الفينة والأخرى من خلال سياستها الخارجية البحث عن موطئ قدم لها في منطقة الشرق الأوسط -خصوصا وأن تركيا بعد صعود حزب العدالة والتنمية وهي في تطور مستمر على عدة مستويات-، وهو ما اتضح جليا من خلال التدخل في الأزمة السورية على مرحلتين، المرحلة الأولى كانت تسعى فيها تركيا إلى الحد من الأزمة عبر المدخل الديمقراطي، غير أنه بعد تصاعد الأزمة عبر مواجهات عسكرية بين المعارضة والنظام السوري، لجأت تركيا إلى دعم المعارضة بهدف الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من جهة، ثم من جهة ثانية الرفع من مصالحها الاستراتيجية بالمنطقة.

 

بعد هجوم القوات الحكومية السورية المدعومة من قبل روسيا على القوات التركية في منطقة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة، ترتب عن هذا الهجوم مقتل 33 جندي تركي وإصابة حوالي 35 آخرين يوم الخميس الماضي، بل الأكثر من ذلك شهدت المنطقة نزوحا كبيرا إلى الحدود التركية، فرغم تأكيد الأمين العام الأممي على ضرورة وقف إطلاق النار بين الطرفين إلا أن الوضع يزداد خطورة يوما بعد يوم ويتأكد صعوبة تدبير هذا الملف الذي أصبح يدار من قبل القوى الدولية الكبرى في إطار ما يصطلح عليه بالحروب بالوكالة.

 

تعد منطقة إدلب المكان الخاص بالمعارضة التي تواجه عبرها نظام الرئيس بشار الأسد لسنوات عدة، فبعد هذا الهجوم أكد المتحدث باسم الحزب الحاكم أي حزب العدالة والتنمية التركي عمر جليك، بأن "نظام الأسد وداعموه سيدفعون ثمن الهجوم الغادر غاليًا"، أي أن الأتراك عازمون على الرد على الهجوم الذي تعرّضت له القوات التركية، خصوصا وأن هناك قوى دولية تدعم الطرفين وهو ما سيزيد الأوضاع تعقيدا وسيرفع من حجم الخسائر، وبخاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم تركيا، وفي مقابل ذلك تقف روسيا إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد في حال عدم توصل المباحثات التي ستجرى الخميس المقبل بين الرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أي حل.

 

أكدت تركيا أنها سترد بالمثل على الهجوم الذي تعرضت له من قبل قوات النظام السوري وبطبيعة الحال ينبغي أن يكون هذا الرد مناسبا ومماثلا للهجوم الذي تم القيام به، فضلا عن عدم التأخر في الرد، وفي هذا الصدد دمّرت تركيا إحدى المطارات العسكرية السورية التي لم تعد صالحة للاستعمال، فضلا عن إسقاطها لطائرتين، وبالتالي هناك شروط مرتبطة بالدفاع الشرعي الفردي والجماعي التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة في المادة 51 حتى يمكننا الحديث عن هذه الحالة.

 

اتهم الطرفان بعضهما البعض بعدم احترام اتفاق الهدنة لسنة 2018، والذي كان يهدف إلى مراقبة منطقة إدلب التي تعد اختبارا حقيقيا للعلاقات ما بين الأتراك والروس، فسيطرة النظام السوري على منطقة إدلب يمكنها أن تعرض وجود تركيا للخطر في مناطق درع الفرات وعملية الزيتون والعكس صحيح.

 

محمد لكريني، أستاذ القانون والعلاقات الدوليين بكلية الحقوق أيت ملول - جامعة ابن زهر