الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

المجلس البلدي لبنسليمان يهدر 465 مليون سنتيم على جمعيات "نائمة"

المجلس البلدي لبنسليمان يهدر 465 مليون سنتيم على جمعيات "نائمة" محمد جديرة رئيس بلدية بنسليمان

من استرعى انتباهه تخصيص بلدية بنسليمان دعم مادي لـ 111جمعية، يعتقد أن العمل الجمعوي بهذه المدينة هو قاطرة تنميتها؛ لكن العكس هو ما يتجلى بخصوص هذا الأمر، لكون المال العام هو السبيل الوحيد "لتنمية" السواد الأعظم من هذه الجمعيات، والتي تحولت غالبيتها من تمثيلية المجتمع المدني إلى تمثيلية انتخابية بامتياز. وما سار عليه المجلس البلدي لبنسليمان ينطبق على مجالس عديدة تسيرها حاليا مجالس ذات انتماءات دينية، والتي ترفع عادة شعار منح الصدقة للمقربين... ومن سمع هذا العدد الكبير من الجمعيات يخيل إليه أن المجلس البلدي ببنسليمان قام بإرضاء كل الطلبات. فبعكس ذلك، فإن عدد الجمعيات التي لم تتوصل بالدعم قد توازي تلك التي استفادت منه، ليصبح العمل الجمعوي بهذه المدينة "حرفة" بدلا من  خدمة مقوماتها النبيلة والشريفة.

 

هذه الظاهرة لها عوامل أساسية من وراء تفريخها بهذا الشكل المثير، وتجيب عن التساؤل التالي: ماذا وراء هذه الجيوش من الجمعيات في مدينة صغيرة وذات أنشطة فنية وثقافية ورياضية محدودة؟ الجواب بسيط، وكل ساكنة المدينة تعرفه، لأنه توجه سابق، كان من ورائه العامل السابق لهذا الإقليم، والذي تعامل مع جهات معينه بسخاء كبير بالمال العام، بعدما أقنع رئيس البلدية بالتأشير على طلبات دعم عشرات الجمعيات التي ساندته في دعم برنامجه العام بهذه المدينة والمرتكز على أداء مهامه دون مشاكل ودون وقفات احتجاجية.

 

وارتباطا بهذا التوجه استمر الحال على حاله، ليجد محمد جديرة، رئيس بلدية بنسليمان، نفسه محاصرا وسط مطالب ليس بإمكانه رفضها، وبشكل خاص في هذه السنة التي تسبق المحطة الإنتخابية القادمة. فبدلا من إحراجه بالعديد من المطالب، كان التأشير على طلبات الدعم هو السبيل الأمثل لتحقيق المطلب الأساسي للجمعيات. وكان الكل سيثمن هذه المبادرة، لو كان لكل الجمعيات برنامج سنوي وازن يتضمن أنشطة معينة، بينما واقع الأمر يؤكد أن النشاط السنوي لأكبر نسبة من هذه الجمعيات ينحصر في خطوة وحيدة، وهي المتمثلة في تجديد طلب الاستفادة من الدعم المادي من بلدية بنسليمان.

 

وبالموازاة مع هذه الصورة المخجلة التي ساهمت العديد من الجمعيات في رسمها على واجهة العمل الجمعوي بصفة عامة، فإن المجلس الإقليمي بنفس المدينة خصص صفر درهم للجمعيات، واكتفى بدعم جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي عمالة بنسليمان.. وهذا القرار لم يأت من فراغ، بل جاء من قناعة رئيس المجلس الإقليمي والذي هو الرئيس السابق للبلدية، ويعرف كل التفاصيل الدقيقة عن كل الجمعيات؛ وبدلا من أن يصبح "طالع نازل" مستجيبا لدعوات الفرقة الوطنية، قرر غلق هذا الباب بصفة نهائية.

 

تجدر الإشارة في الأخير، أن هناك جمعيات لا تتعدى في أحسن الأحوال 20 جمعية تستحق الدعم والتشجيع وهي ذات ديناميكية كل اجتهاد وحيوية؛ ومن ذلك فالبقية عليها انتظار البحث عن تبرير حقيقي لكيفية صرف ما توصلت به من دعم، وذلك للإجابة عن استفسارات قضاة جطو الذين من المرتقب أن يحطوا الرحال قريبا بهذه البلدية التي قامت بخطوات تستوجب المساءلة القضائية.