الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي : "حزقة القرن" التي "أطلقها" ترامب وباركتها قريش

محمد الشمسي : "حزقة القرن" التي "أطلقها" ترامب وباركتها قريش محمد الشمسي
يؤكد التاريخ بالحجة والبيان أنه ما من احتلال أصبح واقعا، ويشهد التاريخ بالدليل والبرهان عن حالات احتلال عديدة دامت قرنا وقرنين وثلاثا وأكثر من ذلك، لكن حين جاء أجل المحتل انقضى وانتهى، وأزاح أهل الأرض الغزاة المحتلين وأخرجوهم من ديارهم ، وطردوهم شر طردة، وكتبوهم في سجلات التاريخ بغاة جائرين وخاسرين فاشلين، لذلك لا يرتعب ولا يقنط من يتوهم أن السبعين سنة التي مضت على احتلال العدو الصهيوني لأرض فلسطين صار حقيقة مسلما بها، ولا يظن البعض الآخر أن دولا تطمس من الخريطة لأن رئيس دولة قوية استهوته اللعبة، مثلما لا يخال البعض الآخر أن الدول تظهر بلا مقدمات مثل"التوحيمات"، وتولد بالوعود أو الصفقات أو المؤامرات، فالدولة هي مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معين ومتفق عليه فيما بينهم ويتولى شؤون الدولة، لكن الذي لا يسعف الكيان الصهيوني في هذا التعريف أن المجموعة من الأفراد متوفرة وهم أقرب إلى العصابة، والنظام السياسي موجود وهو وحش يقتات من لحم البشر، لكن الرقعة والإقليم الجغرافي مغتصب ومسروق من أهله وأصحابه وملاكه، وهذا ما لا يقوى جيش الاحتلال ومعه "سمساره" و"عربانه" على تزييفه وتزويره.
ولعل جهل الرئيس ترامب بالتاريخ، وغروره الزائد، وتبعيته المطلقة للوبي الصهيوني، وتملق جل الحكام العرب له خوفا على مناصبهم، كل ذلك جعل أقوى دولة يحكمها أغبى سياسي، فهو يجدد الروح للقضية بدل طمسها، وهو يسكب مسحوق البارود في انتظار الشعلة التي لن تبقي ولن تذر، لا من أهل الأرض ولا من الغزاة، لذلك لا تعدو أن تكون"صفقة القرن" مجرد"حزقة" من "حزقاته"، والحزقة في معناها اللغوي مشتقة من حزق يحزق ودلالتها تتغير بتغير سياقها، فنقول "حزق القوم " إذا أحاطوا وتجمعوا، وبالتبعية فإن ما أعلن عنه ترامب يوم الأربعاء في مجلسه الذي ضم زعيم الغزاة، وممثلين عن قبائل قريش المتنكرين للعمائم والمبادئ والروابط ، هو مجرد تجمع واحتشاد للغو وتوهم الحلول.
في الختام فإن"حزقة القرن" سواء بمعناها اللغوي الحقيقي أو العامي المغربي، ستتبخر وتندثر وتتلاشى، وسيبقى خذلان قريش، وسعيهم إلى مباركتها والتبرك بها، و"شمها" والاستطباب بها، ثم الاصطفاف ضد الإخوة وضد الدم ، وصمة عار تنضاف إلى محطات الغدر والانبطاح التي باتت "ماركة عربية مسجلة"، وقد يتأخر تحرير فلسطين قرنا أو قرنين، في انتظار صحوة علمية للأجيال الأبية، وتخلصها من المحتل الأصغر الذي هو تلك الأنظمة اللقيطة التي تحتل شعوبها وأوطانها، نحو المحتل الأكبر ...