السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

وادي كشكاط باليوسفية: معلمة جغرافية تجر وراءها تاريخا مثقلا بالذكريات (6/6)

وادي كشكاط باليوسفية: معلمة جغرافية تجر وراءها تاريخا مثقلا بالذكريات (6/6) الأستاذ مصطفى حمزة (يسارا) مع الزميل فردوس ومشهدان من الفيضانات

انتبه الباحث المتخصص في التاريخ الجهوي الأستاذ مصطفى حمزة، لخطورة ومشاكل وادي كشكاط الذي يهدد ساكنة منطقة الكنتور خاصة، ومدينة اليوسفية عامة خلال التساقطات المطرية، والفيضانات التي يتسبب فيها، وما تخلفه من أضرار مادية وبشرية وبيئة. حيث أعد الأستاذ حمزة بحثا متكاملا حول منبع ومجرى الوادي، وكيف تعامل معه الفرنسيون خلال فترة الحماية، مستنطقا المجال الجغرافي لتمدد الوادي منذ القدم ونقط مصبه المتعددة واختراقه للمدينة بعد استنبات مساكن وسط مجراه الرئيسي بشكل عشوائي.

 

"أنفاس بريس" تستفرد بنشر سلسلة هذا البحث المتميز على حلقات وتتقاسمه مع القراء والطلبة الباحثين والمؤسسات المنتخبة جهويا وإقليميا ومحليا للعمل على تدارك مجموعة من الأخطاء التقينة والمعمارية وسبل الحد من فيضانات وادي كاشكاط الثائر.

 

أكدنا في الحلقة الخامسة من سلسلة وادي كاشكاط على أن هول الخسائر البشرية والمادية التي عرفتها سنة 2016 بإقليم اليوسفية، وما رافقها من تدخل للسلطات الإقليمية والمحلية، دفع برئيس جهة مراكش ـ أسفي خلال زيارته للمنطقة، إلى التدخل والالتزام أمام المسؤولين الإقليميين والمحليين، والساكنة بحل مشكل وادي كشكاط وذلك بتحمل الجهة تكاليف الدراسة والإعلان عن الصفقة لإنجاز المشروع. ورغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على تدخل رئيس الجهة، فلا زال مواطنو مدينة اليوسفية ينتظرون بشغف كبير وعد أخشيشن رئيس جهة مراكش ـ أسفي.

 

ب ـ فيضانات 2017:

لقد كان لفيضانات 2016 بالغ الأثر على ساكنة كل من مركز سيدي أحمد ومدينة اليوسفية، بما تركته لديهم من هلع وخوف وتدمر، لم يخفف من حدتهم  سوى الوعود التي قدمت لهم من طرف المسؤولين وخاصة المسؤولين الجهويين، الذين كانت كل الآمال معلقة عليهم، بحكم حجم الرصيد المالي الكبير الذي تتوفر عليه جهة مراكش ـ أسفي.

 

وبعد مرور عدة شهور وانتهاء سنة 2016، تبين أن وعود المسؤولين الجهويين كانت عبارة عن مسكنات منشطة لجسم ساكنة أنهكته الوعود الكاذبة وتتلاعب بآماله وأحلامه زمرة من الفاسدين، يبدون مظاهر المحبة للوطن طمعا في  رضا أصحاب التجلة، ويخفون ما تربوا عليه من حقد وكراهية للمدينة والإقليم والوطن.

 

وفي شهر دجنبر من سنة 2017 سيعرف مركز سيدي أحمد ومدينة اليوسفية مظاهر من الخوف والهلع كان سببها فيضانات وادي كشكاط.

 

فقد عرفت جماعة الگنتور يوم الاثنين 12 دجنبر 2017، تساقطات مهمة أدت إلى فيضان وادي كشكاط وخروجه عن مجراه، وزاد من حدة الوضع التساقطات التي عرفتها مدينة اليوسفية، مما تسبب في خسائر مادية للسكان، وشل حركة المرور بالمدينة. فالمياه الجارفة لوادي كشكاط، تسربت إلى المنازل المجاورة للمجرى بكل من حي السعادة، وحي النهضة، وحي الغدير، مما أدى إلى إتلاف وتدمير الكثير من الأغراض المنزلية، وإلحاق الضرر ببعض البنايات.

 

وبرز تأثير فيضانات وادي كشكاط أكثر حينما أدت إلى عزلة عدة أحياء باليوسفية، مثل حي، السلام، السعادة، النهضة، الداخلة، و الزلاقة، عن أحياء أخرى وسط المدينة، فقد أدت المياه الجارفة إلى إغلاق القنطرة الكبيرة للمدخل الجنوبي لمدينة اليوسفية التي تربط مابين الأحياء السالفة الذكر ووسط المدينة. وازدادت حدة المياه عندما غمرت المحطة الطرقية، والجزء الجنوبي من شارع بئر إنزران، وتسببت في قطع الطريق الرابطة ما بين مدينة اليوسفية ومدينة الشماعية.

وعلى مستوى الجزء الشمالي للمدينة أدت التساقطات إلى إغلاق قنطرة حي التقدم، المنفذ الوحيد للسكان القاطنين خلف السكة الحديدية، بالأحياء التالية: التقدم، الأمل، أجنديس، القدس، النيور، السمارة.

 

ج ـ فيضانات 2018:

لم تكن فيضانات وادي كشكاط سنة 2018، أقل خطورة من السنوات السابقة، وذلك رغم أن التساقطات التي عرفها الإقليم خلال هذه السنة بصفة عامة، كانت أقل من المتوسط السنوي الذي هو 210 ملم/ السنة، فقد زارت السيول الجارفة لوادي كشكاط المدينة ليلة الخميس 13 شتنبر، وأيام الجمعة، السبت، والأحد 28، 29، و30 من نفس الشهر 2018، معلنة عن استمرار نفس المشاكل المتمثلة في:

ـ إغلاق القنطرتين الكبيرتين: قنطرة حي التقدم، وقنطرة المدخل الجنوبي للمدينة، مع ما يرافق ذلك من تأثير على عملية التراقص ما بين أطراف المدينة.

ـ عزل الأحياء الواقعة خلف السكة الحديدية، عن وسط المدينة مع ما يترتب عن ذلك من إخلال بمواعيد الدراسة، التقاضي، التبضع...

ـ إغراق شوارع المدينة (المحيط، بئر إنزران...) وبعض المنازل بحي الستينات الذي حاصرته المياه والأتربة.

ـ تدمر المواطنين من هذا الوضع المسترسل، مع ما يرافق ذلك من حركات احتجاجية على الوعود الكاذبة للمسؤولين المحليين والجهويين.

ـ ضعف قدرة المسؤولين المحليين عن حل المشاكل المطروحة على المدينة منذ أمد طويل.

 

4ـ 3: السبل المقترحة لتجاوز فيضانات وادي كشكاط ومخلفاتها:

يبدو من خلال ما قدمناه عن وادي كشكاط، أن سبل تجاوز مشكل فيضاناته يتطلب مجموعة من الإجراءات العملية والبسيطة نوجزها في ما يلي:

 

1ـ الإجراء الأول: تحيين الدراسة التي أنجزتها الجماعة القروية لسيدي أحمد في منتصف تسعينيات القرن الماضي، لتشييد "سد الشهيدات" الذي كلف الجماعة مئات الملايين من الدراهم، وهو موجود اليوم، إلا أن مياه وادي كشكاط لم تصله بسبب الخلل الذي عرفته القناة التي كان من المفروض أن تربط ما بين الوادي والسد، والمطلوب اليوم هو تصحيح مسار القناة وهو غير مكلف، ومن شأن هذا الاقتراح أن يمكن من تجاوز مشكل المدينة بصفة عامة، وبالمقابل ستمكن مياه سد الشهيدات من تغذية الفرشة المائية بمنطقة الشهيدات، ومن سقي المساحات الخضراء بالمدينة، هذا إلى جانب توفير فضاء سياحي لساكنة مدينة اليوسفية.

2ـ الإجراء الثاني: ترميم المجرى الحالي لوادي كشكاط ـ الذي شيده الفرنسيون ـ وتنقيته من النفايات والأتربة التي تملؤه، لكي لا تخرج المياه عن المجرى، ووضع قناة تحت أرضية انطلاقا من قرب الثانوية الإعدادية المختار السوسي، مرورا من أسفل القنطرة الكبرى للجزء الجنوبي للمدينة، في اتجاه  المصب، وهو إجراء يمكنه أن يجنب المدينة آفة الفيضانات ونتائجها.

3ـ الإجراء الثالث: برمجة سد تلي بالقرب من دوار القاضي، تكون مهمته الأساسية تجاوز مشكل وادي كشكاط، وتغذية الفرشة المائية، وتوفير مياه السقي للأراضي المجاوزة، خاصة وأن سياسة السدود التلية التي تبناها العامل السابق لإقليم أسفي الشيخ بيد الله، كان لها الأثر الطيب بمنطقة أحمر، وساهمت بشكل كبير في توفير كميات مهمة من المياه، وما يقارب أكثر من 600 هكتار من الأراضي المسقية، رغم التعثر الذي تعرفه بعض المشاريع.