الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

من يفتي في المغرب مؤسسة إمارة المؤمنين أم إدارة دار القرآن بإنزكان؟

من يفتي في المغرب مؤسسة إمارة المؤمنين أم إدارة دار القرآن بإنزكان؟ الشيخ أبو يونس الفرعني

نقلت جريدة "أنفاس بريس" يوم السبت 28 دجنبر 2019 موقف شعب الفايسبوك من محاضرة "حكم مشاركة الكفار أعيادهم"، التي نظمتها دار القرآن التابعة لجمعية الهدى للثقافة والتربية بإنزكان، والتي ألقاءها أحد شيوخ التعصب والتطرف والتخلف والجهل والانحطاط، حيث أفتى في تحريم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم.

 

وطرحنا سؤال، كيف يعقل أن يتم الترخيص لمثل هكذا محاضرات تعبئ الناس للكراهية والحقد وتخالف توجه المغاربة المؤمنين بإسلام الوسطية والاعتدال، وتشحنهم ضد دستور المملكة الذي ينص على "التعدد والتسامح والإنفتاح على الآخر"؟

 

في هذا السياق انتقدت عدة فعاليات سياسية وجمعوية تقطن بمدينة إنزكان على صفحاتها بموقع التواصل الاجتماعي ما يقع من تلغيم وشحن ضد كل ما هو جميل، حيث كتب أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي مؤكدا أن "السماح بنشر الكراهية من طرف شيوخ بول البعير بجماعة انزكان مؤشر خطير.. سندفع ثمنه جميعا وسنتقاسم كلفته". في إشارة إلى نفس المحاضرة التي ألقاها (الشيخ أبو يونس الفرعني بمدينة انزكان يوم 27 دجنبر 2019 بدار القرآن الكريم بحي تاراست بإنزكان، وليس بحي الموظفين كما هو مضمن في الإعلان المنشور).

 

نفس المدون أضاف قائلا: "أمس بحي تاراست، وبالضبط بالقرب من مركز الصناعة التقليدية، وفي كل مناسبة، سواء تعلق الأمر بعاشوراء أو احتفالات أعياد الميلاد، تجد مقر دار القرآن بالحي المذكور ينظم ندوات تحرض على العنف والكراهية، أمام صمت الجميع سلطات وأحزاب وجمعيات المجتمع المدني ولن يصدر عن أي جهة اي استنكار أو إدانة لما تنشره هاته الدار البعيدة كل البعد عن القرآن وسماحة ديننا الحنيف ..."

 

وختم تدوينته مستغربا أمام هذا الصمت بالقول: "احتفظوا بصمتكم جميعا حتى يتم نحر سائحتين وانشروا صور الإدانة والاستنكار إلى أن يحين موعد نحرنا جميعا".

 

وفي سياق متصل كتب فاعل مدني على صفحته بالفيسبوك قائلا: "اوقفوا هذا الخرف". وتساءل بحرقة موجها خطابه للمؤسسات المعنية "يا وزارة الأوقاف، ويا أعضاء المجالس العلمية.. ويا رئيس المجلس العلمي الأعلى... من يفتي في هذه البلاد؟ أأنتم أم إدارات دور القرآن... ؟؟؟!!". واستطرد مؤكدا بأن "هؤلاء يريدون الإفتاء ويصدرون الأحكام تأملوا معي هذا العنوان: "حكم مشاركة الكفار أعيادهم".. أليس هذا تطاول على اختصاصات المجلس العلمي الأعلى..؟؟ أم تم تفويته لدور القرآن؟؟؟ أفيدونا يا ناس"...

 

ولم يفت أحد المتتبعين لخرجات شيوخ السلفية المتطرفين أن يوجه تدوينته لكل من يحاول أن يفتي في أمور الدين في علاقة مع المحاضرة الملغومة التي نظمت بمدينة إنزكان، حيث كتب قائلا: "أود الإشارة هنا إلى أني أطمح إلى اليوم الذي يهنئ فيه كل الناس بعضهم البعض بأعيادهم ومناسباتهم على اختلافها، بغض النظر عن موافقتها أو مخالفتها لما يؤمنون به، وعن مدى صحتها تاريخياً..". واعتبر في سياق تدوينته المقتبس من الصفحة الرسمية للدكتور محمد شحرور رحمه الله أن "المجوسي والبوذي والزرادشتي والملحد إخوتي في الإنسانية، والمسيحي أخي في الدين، وكذلك اليهودي بالنسبة لي كمغربي، ويمكن أن يكون أخي في القومية والوطن أيضاً، والمسلم المؤمن برسالة محمد (ص) أخي في الملة، وجميعهم ينطبق على علاقتي بهم قوله تعالى "لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ" (المائدة 28)، وكوني لا أتفق مع بعضهم في المعتقد  والدين لا يمنع أن أتمنى له السعادة والصحة والسلام  كما يفعل هو مع جاليتنا  المسلمة هناك"...

 

لهذه الاعتبارات نجدد التأكيد على أنه لم يعد من المستساغ أن تمرر مثل هكذا خطابات من طرف الجهلة والمتعصبين، خطابات تدعو إلى التكفير، واعتبار الآخر كافرا ويجب مقاطعته وعدم مشاركته أفراحه وأعياده.. وملبسه ومأكله.. وعدم التعاطي مع حضارته الإنسانية في كل أبعادها الكونية.. في الوقت الذي يهرول شيوخ وصقور الإسلام السياسي للحصول على تأشيرات السفر نحو "ديار الكفر" للاستمتاع بحرياتهم الفردية وممارستها كيفما أرادوا دون حسيب أو رقيب.