الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: حاجتنا لمسطرة "التمويت السياسي"

محمد الشمسي: حاجتنا لمسطرة "التمويت السياسي" محمد الشمسي
وأنا على سفر بسيارتي، رغبت في رفيق يؤنسني في الطريق، ولم يكن الأنيس المنشود غير المذياع، وبالصدفة كانت محطة الإذاعة الوطنية يعني ( الرباط)، وشدني خبر النشرة الداخلية الخاصة بالبرلمان، حيث عددت مقدمة النشرة عدد غيابات البرلمانيين غير المبررة، منهم من غاب سدادسا وآخر سباعا وثاثلون ثمانا، ثم ذكّرت بالاقتطاعات المالية التي طالت السحت الذي يتسلمونه ظلما من عرق الشعب، ومن جملة هؤلاء البرلمانيين الذين تغيبوا لثماني دورات متتالية بلا حياء نجد كائنا سياسيا ظنه الناس قد انقرض وهو حميد شباط ، وآخرون للذكر مثل ما للأنثى في "السْليت السياسي".
تذكرت حينها مسطرة التمويت، وهي دعوى ترفع أمام القاضي لأجل الحكم بتمويت فلان بعدما ثبتت غيبته وغيابه بموجب رسم غيبة، فما المانع من أن يتم التشطيب على هؤلاء البرلمانيين المتغيبين بلا عذر؟، وما الجدوى من نائب برماني يدخل مبنى البرلمان مرة واحدة في السنة بمناسبة افتتاح السنة التشريعية وتحت ضغط الخطاب الملكي، ومن يومها يخرج صاحبنا وهو يلوح للبناية وأهلها "باي ...باي...لباقين تشوفوني ها وجهي ها وجهكم"؟، ألا يعتبر تعمده عدم الحضور غدرا وخيانة للكتلة الناخبة التي انتخبته ـ إن كان صاحبنا قد نجح فعلا بإرادة كتلة ناخبة ـ وكان قد مر من صراط صناديق الاقتراع، لأن هناك شريحة منهم "كتشري السوق"، وتعتبر دوائرها الانتخابية ضايات بط تقتنيها ببطها وإوزها...
واستغربت حين علمت أن هؤلاء الخونة الغدورون يتوصلون من الخزينة العامة بأموال"صحيحة"، ويختمونها بتقاعد محرم عليهم إلى يوم الدين،"ياكلو فيه الجمر"، لذلك فحسابيا هم "ديما ديما رابحين"، يأخذونهم بالملايين "عا المليون على خوه"، ويخصمون منهم دراهم معدودة كغرامات "خاوية"، ثم يختمونها بتقاعد دسم على سنوات الغش والكسل السياسي، وطبعا "اللي معجبو حال" من الشعب فهو مخير بين" شرب البحر" أو ضرب رأسه مع الحائط.
المثير في هذا الخبر أنه مباشرة بعد تلك النشرة الفضيحة، شرع البث المباشر لأشغال جلسة من جلسات البرلمان، فتناول الكلمة برلماني عن حزب الاستقلال، وثار في وجه أعضاء الحكومة من الوزراء الذين يتغيبون عن جلسات البرلمان، ويتهربون من الجواب على أسئلة تبقى عالقة، وتحدث النائب الغاضب عن غياب احترام الحكومة للبرلمان، وعن الدستور وعن حق الشعب، وعن...وعن...حينها لا أدري كيف تبسمت، وكيف نطقت دواخلي بتنهيدة عميقة تقول"الله يعطينا وجهكم"، لو كان لبرلمانكم قيمة لحفظها أهلكم وبني جلدتكم ليس فقط في السياسة بل في الحزب كذلك...خسئتم أنتم ورهط الوزراء الذين يحضرون جلساتكم العبثية، تستهلكون فيها الكلام، وماذا جنا الشعب من لغوكم غير دين خارجي بآلاف الملايير، وجيوش من العاطلين، وبنية تحتية مفككة، ومؤسسات عمومية مشلولة، وأمية تنخر عظام الأجيال...
تأكدت من أن هؤلاء القوم في حاجة ماسة لتفعيل مسطرة "التمويت السياسي"، ولو أن حضورهم مثل غيابهم، بل إن بنايتهم خسارة فيهم ...