السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الإلاه حبيبي: بعض من قراءة تاريخ طويل من الأحلام

عبد الإلاه حبيبي: بعض من قراءة تاريخ طويل من الأحلام عبد الإلاه حبيبي

اليوم أنهيت قراءة تاريخ طويل من الأحلام، اكتشفت شيئا مهما في هذا السفر المتعب والممتع في نفس الوقت، يتعلق الأمر بأن ما يبقي الناس أحياء يهرولون يوميا إلى أعمالهم، وتكرار نفس أشغالهم، وترديد نفس شكاويهم، وتبادل نفس أحاديثهم، هو كونهم يحتفظون في أعماق أنفسهم بحلم ما، كلما تقدموا في العمر كلما ابتعد الحلم وتكدر لونه، وقد يصبح عبارة عن متمنيات مشتركة مع  آخرين، ثم يظل الناس هكذا يلهثون وراء نيل نصيبهم من هذا الحلم الذي يبقيهم أحياء، عاملين دون كلل،  بالخيبات والكوارث التي تصيبهم، ناشطين في انتظار غد أفضل، غير مكترثين بالمرض وموت المقربين والأصدقاء وكثير من الحالمين مثلهم، حيث سرعان  ما سيتزوجون، وينجبون وكأن البيولوجيا  والطبيعة تكيف الأحلام مع الضرورات،  رغم ذلك يستمرون في السعي  والتعب والكد والمرض، ينامون كما تنام كل الكائنات بعد رحلات يومية يتأجل فيها الحلم حسب الحالات والتحولات، ليستيقظوا  صباحا ويعيدوا نفس الحركات، ونفس الخطوات، لكن سرعان ما يخفت الحماس حينما يغيب الجزء المهم من الحلم في قعر افق العمر، وحده بريق ضعيف يظل يقاوم الغروب، ورغم ذلك تظل عيون الناس تراقبه قبل أن تغادر أرواحهم  إلى السماء، ليغيب  حلمهم للتو في سراب العدم...

 

هذا هو سر قضاء فترة طويلة في الحياة دون شعور بالضجر والملل إلا حينما نقضي وقتا دون أن نتحدث إلى أحلامنا الباطنية التي نحملها معنا في أكفاننا وصمت أجسادنا إلى الابد كأسرار حزينة تموت معنا وفينا...

 

ولعل هذه هي هويتنا التراجيدية التي انتجنا بقوتها الأساطير والطقوس والثقافات والأعراس والمواسم والألعاب والاشغال والزواج والملكية والنبيذ والغناء والشعر والفلسفة والمعتقدات لتيسير ابتلاع مرارة الحياة إذا انعدم فيها الحلم...