الثلاثاء 23 إبريل 2024
مجتمع

حنين: معاش البرلمانيين حق مكتسب وليس ريعا وقبل إلغائه يتعين أداء المستحقات لأصحابها

حنين: معاش البرلمانيين حق مكتسب وليس ريعا وقبل إلغائه يتعين أداء المستحقات لأصحابها محمد حنين
في هذا الحوار مع محمد حنين، رئيس المجلس المغربي للبرلمانييين والبرلمانيات السابقين، يؤكد أن معاشات البرلمانيين ليست ريعا كما يُتداول، بل هي استحقاق وفق نص قانوني منشور في الجريدة الرسمية، مؤاخذا الحكومة على تقاعسها في صرف معاشات البرلمانيين، عكس التعجيل بصرف معاشات الوزراء المغادرين للحكومة..

ماهي وضعية تقاعد البرلمانيين اليوم، ولماذا تم توقيف صرفها؟
لابد اولا من تحديد المفاهيم، نحن بصدد معاش وليس تقاعد، فهذا الأخير يخول وفق العمل في الوظيفة العمومية بعد مدة من الزمن، او الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي بالنسبة لأجراء القطاع الخاص، نظام المعاشات هو ذو طابع خاص، أحدث بنص قانوني لفائدة النواب والمستشارين، مقابل أداء مساهمات شهرية تقتطع من تعويضات البرلمانيين تحدد قيمتها في 2900 درهم شهريا، وبعد انتهاء الولاية البرلمانية يصرف معاش عمري لا يحول لذوي الحقوق، بل ينتهي بانتهاء حياة البرلمانيين، وهذا فرق آخر بين معاشات النواب وتقاعد الموظفين والمستخدمين سواء في القطاع العام او الخاص.
المشكل المطروح هو مشكل تدبير وليس مشكل قانون، فهناك نص ساري المفعول، وملزم للجميع، ويشكل جزء لا يتجزأ من المنظومة القانونية للمملكة المغربية. وبالتالي فمسؤولية التنفيذ هي على عاتق الحكومة، وثانيا على مجلس النواب. من 2016 إلى الآن ليس هناك جديد في الأفق، وهناك مستحقات للبرلمانيين لم يتوصلوا بها رغم الاقتطاعات التي كانت من المصدر، وهناك طغيان للحسابات السياسوية على هذا الموضوع، وليس هناك جراة لمعالجته، ولا يمكن الاستمرار في تعطيل قانون واضح للمعاشات، وهذه سابقة خطيرة في تنفيذ القوانين والتزام الحكومة بالنصوص القانونية،  وهو ما يثير الاستغراب في صفوف المجلس المغربي للبرلمانيين السابقين، ويجعلنا نستنكر هذا الوضع. بالتالي لابد من تحمل كل الجهات مسؤوليتها بما فيها الأحزاب السياسية، التي لاحظنا أن مواقفها متذبذبة في الوقت الذي من الواجب عليها أن تمتلك جرأة في معالجة وضعية من كانوا يمثلون الأمة باسمها ويشكلون ترافعا باسم الاحزاب في مجلس النواب، والمعاشات نعتبرها حقا مكتسبا لا يمكن بجرة قلم إلغاؤها، نعم هي مطروحة للنقاش، وعلى الحكومة والسلطة التشريعية الحسم فيها بالإبقاء أو الإلغاء وقبل هذا ينبغي أداء المستحقات لمستحقيها..

في الوقت الذي تعتبر المعاشات الخاصة بالبرلمانيين حقا قانونيا، يعتبره الرأي العام نوعا من الريع..
نطلق اسم الريع على مدخول مالي غير منظم قانونيا، وهو امتياز لفائدة فئة دون آخرى رغم نفس الوضعية، أو يمنح عن طريق رخصة من رخص الاستغلال، نقل طرقي أو مقلع للحجارة، أو احتكار نشاط استغلالي معين..الحال هو أن معاشات البرلمانيين هي منظمة بقانون، وفق اقتطاعات إجبارية من مبالغ التعويضات من المصدر،  وكانت الثقة بين البرلمانيين والدولة من خلال الصندوق المغربي للتقاعد والتأمين، الفرع التابع لصندوق الإيداع والتدبير، المكلف بتدبير معاشات البرلمانيين. وبالتالي لا يمكن اليوم وبعد 3 سنوات تتنكر الدولة لمعاشات البرلمانيين بدعوى نفاذ احتياطي الصندوق، أو وجود صعوبات مالية في تمويله، ويجدوا أنفسهم محرومين من الاستفادة من حقوقهم، مع العلم بأن الصعوبات هي ذات طابع تقني، ويمكن التغلب عليها إذا كانت هناك إرادة حقيقية، من خلال الالتزام بالآثار المترتبة عن هذا القانون..

ماهي البدائل المقترحة من قبل مجلسكم للمساهمة في حل هذا الإشكال؟
لقد قدمنا عددا من التدابير والمقترحات، راعينا فيها الوضعية المالية لنظام المعاشات، من بينها الرفع من المساهمات الشهرية للبرلمانيين، تخفيض المعاشات عوض 5 الاف درهم، وعدم الجمع بين معاشي النائب البرلماني والمستشار البرلماني، وألا يفوق السقف ولايتين تشريعيتين.. لكن مع وجود هذه المقترحات المتقدمة لم يكن هناك تفاعل إيجابي مع مقترحاتنا، بل حتى المقترحات التي قدمت من قبل الفرق البرلمانية لم تجد تفاعلا إيجابيا. وكما قلت هناك حسابات ضيقة طاغية على هذا الإشكال، وصراعات سياسوية، وضياع الوقت، ولابد من تحمل الجميع لكل المسؤوليات من اجل الوفاء بالتزامات الدولة تجاه ممثلي الأمة، لقد حاول رئيس الحكومة سعد الدين العثماني التملص من التزاماته في هذا المجال، ولا ندري ما يستند عليه في هذا التملص، في حين أنه رئيس السلطة التتفيذية، والإدارة موضوعة رهن إشارته. وبالتالي لا يمكن بأي مبرر من المبررات إيجاد عذر لعدم صرف معاشات البرلمانيين والبرلمانيات، بل الأكثر من هذا هو رئيس الأغلبية، وهذا أمر سياسي ينبغي أن يحل بخلفية سياسية وبجرأة لازمة.. وإذا كان رئيس الحكومة الحالي يعتبر أن هذا الملف أكبر منه، أو يسعى لإضاعة الوقت فيه، وتركه لرئيس الحكومة المقبل فهذا غير مقبول نهائيا.

كيف تدبرون مشكل معاشات البرلمانيين السابقين في مجلسكم؟
أصدقك القول إننا في المجلس المغربي للبرلمانيين والبرلمانيات السابقين، نؤكد أنه حان الوقت للمحاسبة في هذا الملف، أولا من خلال بحث الأسباب التي أدت لتأزم وضعية الصندوق المغربي للتقاعد والتأمين، سواء من حيث تمويله أو تدبيره، والوفاء بالالتزامات المترتبة عنه، وكيف بلغ هذا الحد من الوضعية، وهذا دور الأجهزة الرقابية التي ينبغي اتخاذ اللازم في بحث مصير هذا الصندوق، لأنه لا يعقل تجميد قانون لثلاث سنوات، فلنتتظر تجميد قوانين أخرى، ولذلك فالأمر معقد ومع طول المدة سيزداد تعقيدا. ويجب أن نعلم أن هناك حقوقا معلقة لبرلمانيين هم مواطنون لديهم حقوق وواجبات ومنهم من أمضى أكثر من عقدين، وكانت هناك اقتطاعات منظمة وإجبارية من تعويضاتهم البرلمانية، ووجدوا أنفسهم محرومين من حقوقهم في المعاش وفق القانون، لا نتحدث عن البرلمانيين الذين لهم وضع اجتماعي معين، بل هناك برلمانيون متاضلون لا مورد لهم من مصادر أخرى، وساهموا في نظام المعاشات من تعويضاتهم.. فإذا بهم وجدوا انفسهم أمام الباب المسدود، وليس هناك أي افق من أجل تسوية الملف..

هل تعتقد بأن هذا التأخر في صرف معاشات البرلمانيين السابقين هو نتيجة ضغط الشارع العام ودفعه في اتجاه إلغاء هذه المعاشات بل وحذف التعويضات؟
الحق في التعبير وإبداء المواقف هي للأفراد كما للجماعات، وطبعا الرأي العام يؤثر في قضايا اجتماعية وسياسية ذات حساسية، لكن على الحكومة أن تشتغل وتوضح الأمور، ألا تبقى في المنطقة الرمادية، وعليها أن توضح ما هي تجليات الريع وما هي تجليات الاستحقاق، وأي نقاش حول الإلغاء أو الإبقاء على معاشات البرلمانيين هو قابل للنقاش العمومي، ثم لماذا تم الإبقاء على معاشات الوزراء ومنح المغادرة وكذا الأجور العليا. لنكن منسجمين في طروحاتنا، وإذا كانت هناك إرادة حقيقية للحكومة في اتجاه محاربة الريع، فإن هناك قانونا واضحا ينظم المعاشات وما عليها سوى الالتزام بتنفيذه، أو الدفع بمقترح قانون يلغي القانون الحالي، ومع ذلك فإن هناك تبعات إذ نحن أمام حقوق الغير، فهل هي قادرة على تحمل عبء الإلغاء الكلي؟
دعني أؤكد أن الحكومة الحالية تتعامل مع ملف معاشات البرلمانيين بنوع من التجزيء، إذ مازال هناك اقتطاعات شهرية للنواب البرلمانيين الحاليين، وفي المقابل هناك غياب لصرف مستحقات زملائهم السابقين، وبالتالي نحن أمام فعل تجزيئي لقانون يعرض الحكومة للمساءلة، أمام إهمالها ولامبالاتها.. ثم كيف يمكن تقبل صرف معاشات الوزراء وصرف منح المغادرة للوزراء السابقين، وهذا يتنافى أمام ضوابط الحكامة المفروضة في تدبير وتسيير الشأن العام، ومع منطق النجاعة والفعالية، وهذا ما نبه له الملك محمد السادس في خطابه البرلماني من عدم السقوط في الصراعات السياسوية والحسابات الضيقة التي تساهم في ضياع الوقت.
بالعودة للرأي العام، فإنه ينبغي أن يعلم بأننا بصدد قانون صادر في الجريدة الرسمية يتعلق بمعاشات البرلمانيين وصدر ظهير ملكي لتنزيله وفق مسطرة التشريع الجاري بها العمل واصبح ملزما سواء للبرلماني من حيث الاقتطاعات  الشهرية، وكذا للحكومة من حيث صرف معاشاتهم، وهو نظام معمول به في عدد من الدول الديمقراطية، وإذا كانت من صعوبات مالية فيمكن التغلب عليها على شاكلة المعاشات المدنية للموظفين التي أصلحت فيما بعد، ووصلنا لتحمل المنخرطين اعباء جديدة وبلغت 14 في المائة من الاقتطاعات، مع العلم بان النقاش حول معاشات الوزراء لا علاقة له تنظيميا بمعاشات البرلمانيين، فهم لايساهمون ماليا في اي صندوق، كل ما في الأمر أن على كل وزير انتهت فترة ولايته، ان يثبت بأن دخله أقل من 39 ألف درهم ليستحق معاشه، وتؤدي له الدولة الفارق، مثلا إذا اثبت وزير سابق بان مدخوله 20 ألف درهم تؤدي له الدولة مبلغ 19 ألف درهم في معاشه، فهو نظام مبني على التصريح بالشرف وليس الاقتطاع الشهري أو انخراطات.