الجمعة 26 إبريل 2024
اقتصاد

أحمد أزيرار: على الأبناك الامتثال لإجراءات السياسة المالية ومن اختصاص مجلس المنافسة تتبع القطاع بصرامة

أحمد أزيرار: على الأبناك الامتثال لإجراءات السياسة المالية ومن اختصاص مجلس المنافسة تتبع القطاع بصرامة أحمد أزيرار
في حوار مع "أنفاس بريس"، يوضح أحمد أزيرار، أستاذ جامعي، ومؤسس الجمعية المغربية لاقتصاديي المقاولة، مضامين الخطاب الملكي بالبرلمان، يوم الجمعة11 أكتوبر 2019، والذي تطرق إلى مشاكل الأبناك وصعوبة ولوج الشباب والمقاولات الصغرى للتمويل البنكي.
لماذا عرى الملك عن مشكل الأبناك في هذه اللحظة وتطرق الى وجوب انخراطها في التنمية وتمويل المقاولات؟ 
جاء خطاب الملك الصريح والقوي الموجه في البرلمان لعموم الطبقة السياسية وخصوصا لقطاع الأبناك والمال مكملا لخطاباته السابقة حول المرحلة التنموية الجديدة، وحول الدور الجديد الواجب أن تلعبه بمسؤولية وتناغم كبيرين جميع الفعاليات السياسية والاقتصادية من برلمان وحكومة وإدارة وأحزاب وقطاع خاص وكذا قطاع المال والأبناك.
جاء كذلك مباشرة بعد تنصيب الحكومة ذات الهيكلة الجديدة والمعول عليها كثيرا في إذكاء نفس اقتصادي واجتماعي جديد في نسق النموذج التنموي، الذي ينتظر أن يدخل حيز التطبيق على الأرجح خلال الأشهر المقبلة.
 وكما يعلم الجميع فإنه لا نجاح ممكن لأية تنمية اقتصادية واجتماعية بدون تمويل كاف ومجدد ومتوفر بمساطر مسهلة للمتعاملين العموميين والخواص. ندرة التمويلات وعدم نجاعة استنهاض الادخار الوطني وكذا عدم تسيير التمويلات المتواجدة بدراية، تعد آفات كبيرة تعطل مسلسل التنمية وتبطل مفعول الجهود المبذولة منذ مدة في التجهيزات الأساسية. تلكم التجهيزات الباهظة الثمن والتي يجب أن تعيد أرباحها للمواطن وان تكون رافعة للاستثمار الخاص المنتج والخلاق للثروة ومناصب الشغل.
إذن كان من الضروري في الظرفية الحالية المتميزة بهته التطلعات المستقبلية من جهة، وبتباطؤ في نسب التنمية الاقتصادية وارتفاع حدة الاحتجاجات الشعبية من جهة أخرى أن يسدي الملك توجيهات وملاحظات صريحة للقطاع البنكي لما اخذ يعتريه في السنوات الاخيرة من تقاعس بين في أداء وظيفته التمويلية وتعبئة الادخار. في وقت يتمتع فيه هذا القطاع بصحة مالية صلبة وبتواجد ملفت للنظر خارج الوطن. جاء هذا الإشعار الملكي في وقت شحت فيه التمويلات البنكية خصوصا بالنسبة للمقاولات المتوسطة والصغيرة بعد تمادي بعضها في إغراق بعض شركات العقار في تمويلات سخية أدت إلى صعوبات جمة في هذا القطاع. أما المقاولون الذاتيون والقطاع الغير المهيكل فما زالوا معرضين لشروط بنكية تعجيزية ولمساطر معقدة تعيق مشاريعهم او على الأرجح تجعلهم عرضة لتمويلات ربوية "سوداء" غير مسؤولة. الشيء الذي يفقد البلاد فرص كبيرة ويعقد مشاكل البطالة ويفقد الأبناك نفسها ارقام معاملات ممكنة.
أضف الى كل هذا عدم انصياع الأبناك لبعض التوجهات المهمة التي تعطيها الدولة وبنك المغرب عندما مثلا قررت هاته الاخيرة لمرات متتالية تخفيض نسب الفائدة المرجعية. حيث تقاعست الأبناك في تخفيض نسب الفائدة على المقترضين محتفظة لنفسها بهوامش ربح غير معقولة. لا زال كذلك الكل يتذكر كيف تعاملت بعض الأبناك مع قرار تليين سعر صرف الدرهم الذي أقدم عليه بنك المغرب السنة الماضية. الشيء الذي أدى الى إبطاء سيرورة هذا الإصلاح.
مطالبة الملك للأبناك بالاعتناء بالمقاولة المتوسطة والصغيرة وبالمقاولين الذاتيين أمر جد محبب يجب على الأبناك ان تمتثل له بسرعة قصد تسريع التنمية ومحاربة الانكماش والبطالة. خصوصا وان الأبناك المغربية تتوفر حاليا على هامش من الإمكانيات وظرفية مواتية لدعم الاستثمار عامة والمقاولة الذاتية خاصة.
 إن توفير رساميل مخاطرة وتسهيل المساطر لصالح المشاريع الواعدة من الأمور المستعجلة. نعم معلوم أن مردودية الابناك واجبة والمحافظة على التوازنات العامة مهمة، لكن مع إذكاء هامش معين اكبرمن المخاطرة لتشجيع الاستثمار. يمكن اليوم للأبناك تمويل صندوق وطني لتشجيع المقاولة الصغرى والتصدير وتأمين هاته المشاريع على نحو أعمق من التمويلات الموجودة حاليا، المعقدة المساطر والباهظة الثمن.
ما السبب الذي جعل الأبناك تتسم بتلك الصورة القببحة لدى المواطن المغربي كأبناك غير مواطنة وأبناك مفترسة؟
الصورة القبيحة للأبناك ليست حصرا على المغرب. فالغنى والمال تذكي الحسد وعدم الرضى لدى عامة الناس سواءا عندنا او حتى في البلاد الأوروبية اللاتينية. عكس الانجلوساكسونيون المشجعون للغنى والمعاملات البنكية والمالية.
تسعى الأبناك كمقاولات مسؤولة اجتماعيا الى استمالة الرأي العام وذلك بتمويل برامج إنسانية وتربوية مثل دعم التمدرس وتوزيع منح للدراسة... أمور يستحسنها العامة. لكن يجب أن تقوي فاعلية هاته الاعمال بتعامل بنكي لائق من الناحية المسطرية ومن ناحية أسعار القروض والنصح السديد.
 للتذكير ومنذ شهور دخلت حيز العمل أبناك جديدة تسمى أبناك تشاركية أخذت في استقطاب عينة معينة من الزبناء وفق معايير ومساطر قد تغير النظرة الى الابناك.
على أي يجب على كل واحد أن يعي بأن الأبناك التجارية هي مقاولات ربحية لا يمكن لها ان تقوم بأعمال ليست من اختصاصها مثل تمويل الاستثمار الطويل الأمد. أبناك الاستثمار وهيئات التمويل في سوق الرساميل الطويلة الأمد هي المسؤولة عن الاستثمار. لذا يجب على القطاع بمساعدة من الدولة تطوير سوق الرساميل الذي لا يزال هشا في بلادنا.
كيف السبيل لضمان دمقرطة التمويل للمشاريع الصغرى من جهة وتجنب خسران المشاريع وضياع الموارد من جهة ثانية؟
دمقرطة التمويل مصطلح غير واضح. المال سلعة لها ثمن. يجب أن تعمل الدولة على تخفيض هذا الثمن قدر المستطاع وان تعيد للسوق سيولته العادية مع زجر صارم لكل تصرف ينم عن وجود مواجهة للتنافسية. إذ لا مكان للسيطرة على السوق من طرف شركات تمويلية كبيرة محتكرة او من طرف بعض الشركات الرائدة التي تتحد  فيما بينها لاستغلال السوق وفقا لمصالحها "الاوليغوبولية". إن مجلس المنافسة واع بالأمر ومن اختصاصه تتبع الموضوع بصرامة. ويجب كذلك على قطاع الأبناك الامتثال للترتيبات القانونية وإجراءات السياسة المالية. 
أضف إلى كل هذا فإن بأيدي الدولة كل الصلاحيات لتشجيع الاستثمار خصوصا من طرف المقاولات الصغيرة والمقاولين الذاتيين. يجب على المغرب ان يتوفر على منظومة تشجيعية متكاملة على الصعيد الوطني والجهوي لهته العينة من المستثمرين المهمين اقتصاديا واجتماعيا. الشيء الذي لا يوجد إلى حد الآن ما دامت هناك تسهيلات وتحفيزات متعددة لكنها متفرقة وغير منسجمة وغير ناجعة كلها وغير معروفة لدى من يهمهم الامر.