الخميس 25 إبريل 2024
منبر أنفاس

محمد حسيكي: الهجرة من مواقف دولية 

محمد حسيكي: الهجرة من مواقف دولية  محمد حسيكي
الهجرة البشرية من مفهوم عام، هي الحياة الانتقالية من مكان الى آخر، رغبة في الاقامة والرفع من مستوى العيش، وهي من منظور اجتماعي الهجرة الداخلية من القرية الى المدينة بغية الترقي بالحياة المدنية، ومن الوجهة الدولية تتجسد في الجالية الاجنبية من المجتمع، وتصنف شرعا الى الهجرة الشرعية المنظمة من داخل المجتمع وخارجه في إطار اتفاقيات عمالية، أو حرة .
ومن الوجهة التاريخية مرت البشرية بحالة هجرة قارية عهد اكتشاف الأوربيين طريق رأس الرجاء الصالح للإبحارنحو القارة الامريكية بعد ان تطورت المواصلات البحرية، الى سفن بخارية لعبور المحيط بدل الطريق الى الهند بالزوارق الشراعية، عهد التجارة عن طريق الحرير وجلب التوابل الهندية .
وبالرغم مما صاحب تلك الهجرة من حروب بالقارة الجديدة المأهولة، والحاجة الى اليد العاملة، فقد شجعت تلك الهجرة في غياب خروج العرب من اوروبا الأثرياء والمفكرين والمستثمرين على الانخراط فيها، من خلال حياة جديدة بهوية الهجرة الى العالم الجديد.
وعهد الحقبة الاستعمارية والانتشار الأوروبي في اراضي ما وراء البحار، دعت الحاجة الى الهجرة القصرية من المستعمرات نحو اوروبا لتضارب المصالح واندلاع الحروب الدولية، التي استقطبت المجندين للخدمة العسكرية .
بينما استقطبت المستعمرات هجرات المعمرين من اجل الانتاج والاستثمار خارج اراضي البلدان المشاركة في الحرب .
ومن تم كان للمهاجر الخيار الاجتماعي بين الاندماج من محيط هجرته، أو العودة الى وطنه، عهد نهاية الحروب الدولية، واستقلال المستعمرات في ظل المنظومة الاممية .
وعهد اعادة بناء اوروبا، وحاجتها الى اليد العاملة الدولية فتح باب الهجرة العمالية المنظمة، وتكون من ذلك جالية اجنبية، من ترابط في العلاقات الدولية .
وحين انقضت مشاريع البناء في أوروبا، وارتفع المستوى التعليمي للفرد في البلدان المستقلة، بدأت البطالة تلوح في المجال الاجتماعي بأوروبا، ومنه انتقلت الى البلدان التابعة لها، الشيء الذي انعكس على المردودية من المجال التعليمي وأدى الى تراجعات في مستويات الاجيال رغم تحسن المناهج التعليمية، وبروز سلوكيات الانحراف التربوي والوجاهة والمساومات المادية، لإيجاد فرص لتشغل الشباب، كما ساهم ذلك التفشي في إحباط معنويات اجيال المستقبل من التعليم، ورغبتهم في الهجرة من المجتمع مما خرج بالهجرة من المجال الدولي المنظم، الى شبكات تهريب البشر التي اضحت تقامر بالأرواح البشرية، في هجرة سرية تعاني منها اوروبا من بوابات بلدان أوروبا الشرقية وشمال افريقيا ثم تركيا واليونان .
وإن كان التعامل مع هاتين الدولتين الأخيرتين، ليس هو التعامل مع المغرب، الذي يواجه الظاهرة من عرض البحر، ومن اراضيه بنوع من الاندماج، والرعاية الصحية، وتمدرس الاطفال .
ومن جهة القارة الأمريكية، اصبحت الولايات المتحدة الامريكية مستهدفة من بلدان الجوار التي تعج طرقها الحدودية بتسرب مسيرات بشرية، تهجر بلدانها وجهة البلد الامريكي الأكثر تقدما في العالم .
الهجرة السرية :
ظهرت الهجرة السرية خاصة نحو اوروبا، عبر السفن البحرية التي كان يتسلل اليها المتسكعون من الاطفال المشردين، وكانت تلك الحالات تعترض في احيان مؤلمة بإلقاء المتسللين الى سفن النقل البحري في عرض البحر، مما كان يثير الضجة من الساحة الدولية
وحين ظهر النقل الدولي للبضائع عبر الطرقات، تحول التسلل البشري من السفن عبر الشاحنات الدولية، وفي عدة حالات من ذاك القبيل كانت الأرواح تقع عرضة للتجمد .
وفي غفلة من اي اهتمام من المجتمع الدولي، ظهرت قوارب الموت من منطقة شمال افريقيا لنقل المهاجرين السريين نحو اوروبا
واتسع نشاط المتاجرة من شبكات الهجرة نحو بلدان جنوب القارة، وتحول دافع الهجرة من الشباب الباحث عن العمل الى فتيات واسر مهاجرة بأطفالها. 
وبالرغم من ان المهاجرين الأفارقة والعرب ضحية الربيع العربي تكون وجهتهم نحو أوربا، فإن تكتل البلدان الأوروبية لمواجهة افواج المهاجرين، قد ارخت بظلالها على المغرب، الذي يتعايش من منطلق امكانياته مع المهاجرين بنوع من التسوية اللائقة خاصة لدوي الاسر والمهنيين مما يخفف من معاناة ضحايا الهجرة، كما ان جهوده العملية في مجال البحر تحبط العديد من عمليات الهجرة، وتعمل على انقاد العديد من الارواح البشرية وانتشال الجثث من عرض البحر ضحية شبكات التهريب الدولية .
هذا على الصعيد الوطني، وفيما يخص جهوده على الصعيد القاري، فقد تخطى المغرب في عهد الملك محمد السادس الحواجز السياسية مع القارة الافريقية، واتجه لفتح باب التعاون جنوب-جنوب، وزار جلالته جل بلدان القارة وعقد العديد من اتفاقيات التعاون، في مجال مشاريع التنمية البشرية، والاستثمارات المعدنية، والأوراش البيئية والسياحية، فضلا عن التعاون المتعدد المجالات، والاستثمار المشترك بين بلدان القارة في مد انبوب الغاز من نيجريا عبر عدد من البلدان وجهة المغرب نحو اوروبا ، فضلا عن فتح معاهده العلمية وجامعاته المعتمدة أمام افواج الطلبة وتوسيع مجال المنح الدراسية لأجل التكوين في مختلف التخصصات المطلوبة، فضلا عن تكوين المرشدين الدينيين الافارقة لنبذ نزعة التطرف والكراهية من الفكر الديني .
وهكذا كما ساهم المغرب في عقد اتفاقيات للشغل مع اوروبا، عهد اعادة بنائها في إطار مشروع مارشال، ساهم ايضا في التخفيف من معاناتها في مواجهة الهجرة، والعمل على تسوية ومعالجة ملفات اعداد من جماعات الهجرة السرية الافارقة، الذين كانت وجهتهم البلاد الاوروبية، فضلا عن فتح صفحة من التعاون الدولي المثمر مع العديد من بلدان القارة .