الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: على هامش تصريحات مستشاري الملك..  من عقد بيعة الملك إلى التعاقد من أجل تحديث الملكية

مصطفى المنوزي: على هامش تصريحات مستشاري الملك..  من عقد بيعة الملك إلى التعاقد من أجل تحديث الملكية مصطفى المنوزي

البيعة تعاقد بين السلطان وأهل الحل والعقد، يلتزم خلاله المبايع بالدفاع عن الثغور وحماية الدين والملة مقابل المبايعة، وهي عملية تتم مرة واحدة على رأس كل عهد أو ولاية ملك ما.. ولأن الدستور ينظم السلطة الدينية التي تخضع لمدلول وخلفية البيعة تحت اسم  إمارة المؤمنين؛ فإن الإشكال لا يطرح إلا عند رغبة وإرادة بعض أحزاب اليسار التوفيق بين النظام الملكي الوراثي وبين مطلب دمقرطة الدولة والمجتمع، في صيغة ملكية برلمانية؛ وبالنظر إلى أن سؤال الديمقراطية هو المطروح بجدية عوض مطلب الحكم الجمهوري، الذي لم يعد يطرح بنفس الحماس والإصرار "الثوري"، وكذا هذا التحول الجاري في مفاهيم (النضال من أجل السلطة) الذي تغير إلى (النضال من أجل المشاركة في تدبير السلطة)، حيث تم تهذيب الصراع "دمقراطيا" باسم التغيير من داخل المؤسسات، أو العمل على إصلاح الدولة من الداخل، إن صح التقدير، غير  أن الإصلاح وإرادة التغيير اعترضتها تمثلات ماضوية، يرعاها عقل أمني محافظ، تكاد تضحي بكل التحولات الحثيثة.. ولعل فولكلور الولاء لأكبر حاجز نفسي يؤرق  المضاجع، وحان الوقت لإزاحته من طريق العهد الجديد، فهو علة زائدة، لكون المؤسسة الملكية في غنى عنها، مادامت مجرد طقوس، يزعم أنه يعبر من خلالها ممثلو السكان والأعيان وشيوخ القبائل، ومن منتخبين ورؤساء الجماعات الترابية، عن تأكيد مقتضيات عقد البيعة، وتتم خلال كل ذكرى الجلوس على العرش.

 

لقد تطورت طريقة التعبير عن الولاء للملك/ السلاطين سابقا، من تقبيل الزرابي والأقدام (في عهد المرينيين) إلى الانحناء كليا كالقوس (في آخر طبعة)؛ وهي صورة لا تعني سوى أن هناك تكيفا مع مطالب تقليص مظاهر الخنوع، والتي يحرص حراس التقاليد والمحافظة على اختزال هيبة  الدولة فيها، مما يستدعي التذكير بأن سر استمرار الأمور في تحديث وتطوير جواهرها بدل المظاهر، وما ذلك ببعيد، خاصة وأن العهد الجديد استطاع التخلي، بالتدريج، عن مظاهر الاحتفال الباذخة بعيد العرش، بغض النظر عن الثورة على نفس الأعراف، حينما تم تحرير مستخدمي القصور وتأهيل أغلبهم إلى موظفين يعتزون بكرامتهم، وكذا طريقة عقد القران وما رافقها من انفتاح محسوس؛ وككل ذلك في سياق تكريس المشروع المجتمعي الحداثي، الذي لا يتصور تحقيقه في ظل تسييد تقليدانية تتعارض والمشروع المنشود..

 

فما أحوج النظام السياسي إلى تعاقد جديد يكرس الولاء للقانون ودولة المؤسسات، ويرسخ الانتماء للوطن.