السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

بوكرمان: الطلبة الأصوليون وحامي الدين كانوا يتنافسون حول من سينال شرف اغتيال أيت الجيد

بوكرمان: الطلبة الأصوليون وحامي الدين كانوا يتنافسون حول من سينال شرف اغتيال أيت الجيد محمد بوكرمان( يمينا)، وعبد العالي حامي الدين، وأيت الجيد ( يسارا)
يرى المحامي، محمد بوكرمان، عضو هيئة دفاع أيت الجيد بنعيسى، أن الدفوع التي أثارها دفاع حامي الدين، خلال الجلسة الأخيرة، تتعلق بمشاجرة، وقعت عام 1993 داخل كلية الحقوق ظهر المهراز بفاس، بينما تم اغتيال أيت الجيد بنعيسى؛ بمنطقة سيدي ابراهيم، قرب معمل "كوكاكولا"، من طرف مجموعة من الطلبة الأصوليين، بعد مرور ساعات على المشاجرة، التي وقعت بكلية الحقوق:
- ماهو تعليقك على آخر تطورات قضية الراحل أيت الجيد، في ضوء ما طرح في الجلسة الأخيرة ؟
الجلسة الأخيرة المنعقدة في 18 يونيو 2019 شكلت بداية إثارة الدفوع الأولية والشكلية من طرف دفاع المتهم، ثم بعد ذلك كان هناك تعقيب الوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف على الدفوع الأولية والشكلية التي قدمت، في حين التمس دفاع المطالبين بالحق المدني مهلة للرد على هذه الدفوع، على اعتبار أن الجلسة استغرقت يوم كامل تقريبا، وثانيا لأن دفاع المتهم قدم مذكرات مكتوبة في آخر مرافعتهم في إطار هذه الدفوع، وبالتالي كان لابد من أخذ مهلة من أجل الإطلاع على تلك المذكرات المكتوبة.
- وماهي أبرز الدفوعات التي تم الاستناد عليها من طرف دفاع المتهم ؟
أهم ما يثيرونه هو الدفاع بسبقية البت في القضية، ويلتمسون من المحكمة القضاء بسقوط الدعوى العمومية وببطلان قرار قاضي التحقيق لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار أن المتهم سبق وأن حوكم على نفس الأفعال التي يحاكم عليها الآن، وأصبح ذاك الحكم نهائي، وهي المحاكمة التي تمت خلال سنتي 1993 و 1994، حيث صدر حكم نهائي في الموضوع، كما صدر خلال عام 1998 قرار محكمة النقض، وبالتالي فهم يعتبرون أن الحكم اصبح مبرما ونهائيا، ولا يمكن متابعة المتهم نهائيا من أجل نفس الأفعال.
كما يعتقد دفاع حامي الدين على قرار سابق للوكيل العام سنة 2012، وهو قرار صدر بعد شكاية تقدم بها المطالبون بالحق المدني، وكان الوكيل العام آنذاك قرر حفظها لسبقية البت، كما أثاروا كذلك قرار سابق لقاضي التحقيق يعود لسنة 2013 على إثر شكاية مباشرة تقدم بها الطرف المدني لأيت الجيد، وكان قرار قاضي التحقيق، آنذاك، يقضي بعدم إمكانية فتح تحقيق لسبقية البت في تلك الوقائع وتلك الأفعال. كما يثير دفاع حامي الدين نقطة أخرى، تتعلق بكون المتهم طلب رد الاعتبار من المحكمة ورد اعتباره وبالتالي فحتى أثر تلك العقوبة السابقة انمحى، وبالتالي لا يمكن إعادة محاكمته بينما تم رد الاعتبار إليه من طرف القضاء، كما يثيرون أيضا قرار ما سمي بلجنة الإنصاف والمصالحة، وهي التي شكلت لجنة للتعويض على الاعتقال التعسفي والتعذيب في ما يتعلق بماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حيث تقدم، آنذاك، حامي الدين بطلب التعويض واستجابت له اللجنة، حيث قررت منحه مبلغ 89 ألف درهم بسبب تعرضه لحالة شطط أثناء محاكمته عام 1993. اذا دفاع حامي الدين ونظرا لكل هذه الاعتبارات يلتمس من المحكمة القضاء بسقوط الدعوى العمومية وبطلان قرار قاضي التحقيق.
- لكن هذه الدفوعات ليست جديدة، حيث سبق أن طرحت أمام أنظار الرأي العام، كما تم الإدلاء بها في تصريحات لوسائل الإعلام ؟
تماما..طرحت لدى قاضي التحقيق كما طرحت على مستوى وسائل الإعلام، ولكن الآن نحن امام أول جلسة تتعلق بالمحاكمة الفعلية للمتهم، وكان لابد لدفاع المتهم أن يثير هذه الدفوع الشكلية والأولية قبل الشروع في مناقشة الموضوع.
- وكيف يمكن الرد على هذه الدفوعات، علما أن القانون يمنح إمكانية إثارة القضية من جديد في حالة ظهور أدلة جديدة ؟
طبعا، لدينا ردود على الدفوع التي قدمت من طرف دفاع حامي الدين، ويمكن أن أطلعك عليها باختصار. في ما يتعلق بمحاكمة 1993 عرفت هذه السنة أحداث دامية، وبالضبط بعد زوال 25 فبراير، وكان مسرحها بكلية الحقوق الجديدة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، حيث سجلت مواجهة بين طلبة يسمون أنفسهم إسلاميين والفصائل اليسارية..المواجهة لم تتعدى مدتها الزمنية 15 دقيقة داخل كلية الحقوق وانفضت بعدها، وتوجه بعد طلبة الفصائل اليسارية إلى الساحة الجامعية الرئيسية بظهر المهراز في حين انسحب الطلبة الإسلاميون من باب كلية الحقوق في اتجاه معمل " كوكاكولا" بسيدي ابراهيم، وبخصوص المرحوم أيت الجيد ورفقيه الخمار الحديوي فقد كانا بالساحة الجامعية، وبقيا هناك مدة طويلة جدا، قبل أن ينصرفا، حيث استقلا سيارة أجرى صغيرة بالقرب من حي"الليدو" في اتجاه "ليراك" أي بمسافة تقدر ب 2 كلم، ليفاجئا بإيقاف سيارة الأجرة على مستوى معمل "كوكاكولا" بالقرب من مقهى هناك، باعتراض طريقها بسيارة أخرى، وتحمل هذه السيارة لوحة مرقمة بأرقام أجنبية، لتتم الإحاطة بسيارة الأجرة من طرف أكثر من 30 من الطلبة الأصوليين، وقد جاء هذا في شهادة سائق سيارة الأجرة، وهو طرف محايد في هذه القضية، وتم إخراجهما من سيارة الأجرة، وتم تعريضهما للضرب والجرح، كما تنازع طلبة العدل والإحسان وطلبة الإصلاح والتجديد حول من ينال شرف تصفية الطالبين أيت الجيد بنعيسى والخمار الحديوي، حث قام ثلاثة طلاب منهم بحمل طوار محاولين إسقاطه على رأس الهالك أيت الجيد، والذي كان لازال يقاوم وهو تحت أقدامهم على الأرض، في هذه اللحظة تدخل حامي الدين بالضغط على رأس وعنق الهالك لشل حركته وتثبته في الأرض، ليتم إسقاط الرصيف عليه، حيث أصاب في جزء منه الكتف وفي جزء آخر رأس الهالك.
وعودة إلى الدفوع التي أثارها دفاع حامي الدين، فمحاكمته عام 1993 تتعلق بالمشاجرة التي وقعت بكلية الحقوق حوالي الساعة الثانية والنصف بعد الزوال، لكن بعد مرور 4 أيام حيث سجلت وفاة أيت الجيد بعد ذلك، أن الأمر لم يقتصر فقط على مشاجرة، إذ تبين في ما بعد أن طالب توفي إثر الأحداث، دون أن يعرف من أزهق روحه..
- إذن، القضية لم تطرح، آنذاك، على أنظار القضاء ؟
تماما..إذ تم طرح قضية المشاجرة فقط دون أية إشارة تتعلق بوقوع جريمة قتل، حيث وقعت الوفاة في مكان آخر وتم تكييف المتابعة آنذاك، حيث كانت التهمة الضرب والجرح المفضي للموت، وتم تكييفها من طرف المحكمة إلى "مشاجرة أدت إلى وفاة" بمعنى أنه لم يكن معروفا من قتل أيت الجيد، والخلاصة أن الأمكنة مختلفة، فمكان المشاجرة هو كلية الحقوق، في حين أن مكان القتل العمد هو طريق "ليراك" بسيدي ابراهيم، على مستوى معمل"كوكاكولا" والمقهى المتواجد هناك. واختلاف أيضا في الزمان، فالأحداث بكلية الحقوق انتهت في غضون 15 دقيقة، وقضى بعدها أيت الجيد والخمار الحديوي مدة طويلة بالكلية قبل أن يغادرا المكان، ليتم اعتراض سبيلهما وهما على متن سيارة الأجرة، بمعنى أن أيت الجيد لم تتم تصفيته أثناء المشاجرة بل تمت تصفيته في زمان آخر عبر الترصد والإصرار والاعتراض، وتم اغتياله بشكل عمدي، بل أكثر من ذلك كانوا يتنافسون في من سينال شرف اغتياله، وبالتالي فنحن أمام وقائع جديدة، ولدينا شهادة الخمار الحديوي والتي كان دائما يصرح بها دون أن يتم إدراجها في المحاضر لاعتبارات كثيرة لا يسمح المقام بسردها الآن ( فيها ماهو سياسي، والكثير من الأمور) .
- وما هو السند القانوني الذي يخول للنيابة العامة طرح القضية من جديد ؟
اذا اعتبرنا وقائع عام 1993 هي نفسها وقائع الملف الحالي، فالفصل 369 من قانون المسطرة الجنائية والذي ينص على أنه لا يمكن إعادة محاكمة شخص معين سبق وأن حوكم على نفس الوقائع، إذا تمت تبرئته أو إعفائه، ولا يتطرق هذا الفصل إلى حالة الإدانة. اذا في حالة الإدانة يمكن متابعة الشخص بمفهوم المخالفة، لأن المشرع هنا لا يعبث، فلو كان يود منع إعادة المحاكمة بشكل مطلق فسيكتفي بالتنصيص على أنه "يمنع إعادة محاكمة الشخص على نفس الوقائع " دون الدخول في أية تفاصيل، فالمشرع منع إعادة المحاكمة في حالة البراءة وفي حالة الإعفاء، ولم يتطرق لحالة الإدانة، وقد اعتمدنا في توجيه الشكاية من جديد، وكذا قاضي التحقيق على المادة 369 من قانون المسطرة الجنائية. أكثر من ذلك فالأمر لا يتعلق بنفس الوقائع، وبالتالي فمن حق النيابة العامة الشروع في إعادة محاكمته..
- هل يتعلق الأمر يتعلق بخطأ قضائي أدى إلى تبرئة حامي الدين في السابق ؟
ليس خطأ قضائيا، والمحكمة بإمكانها في أية لحظة التدخل لتصحيح مسار أية قضية، إذ ظهر لها من خلال التقصي، واستقصاء الوقائع أن الأمر لا يتعلق بنفس الوقائع.
وفي ما يتعلق بمسألة رد الاعتبار الذي حصل عليه حامي الدين، فرد الاعتبار لا يبرئ أحدا، ونفس الأمر بالنسبة لقرار هيئة الإنصاف والمصالحة، لا يبرئ أحدا، بل هو يدخل في سياق العدالة الانتقالية، إذ يمكن منح تعويضات لمن تعرضوا لشطط في استعمال السلطة، إذ من الممكن الحصول على تعويض لمجرد تجاوز مدة الحراسة النظرية، وقرار الهيئة بمنحه التعويض لا يبرئه فهي ليست هيئة قضائية، أكثر من ذلك يمكنني القول أنه تم النصب على هيئة الإنصاف والمصالحة، وهذه النقطة سنقوم بتدقيقها في ما بعد، حيث طالبنا بالحصول على الملف الأصلي لهيئة الإنصاف والمصالحة. لاحظ معي أن الأحداث وقعت في 25 فبراير، بينما تم اعتقال حامي الدين في 26 فبراير بالمستشفى، بمعنى أن مدة الحراسة النظرية وتبعا لقانون المسطرة الجنائية السابق ( 48 ساعة يمكن تجديدها إلى 48 ساعة ) لم يتم تجاوزها خلافا لما صرح به حامي الدين لهيئة الإنصاف والمصالحة، إذ تم تقديمه أمام أنظار القضاء في 1 مارس 1993 ، علما أن عدد أيام شهر فبراير تتراوح مابين 28 و 29 يوما.