إذا كان لكرة القدم فصلان من "الميركاتو"، هما ميركاتو الخريف وميركاتو الصيف، فإن رمضان يعرف بـ"ميركاتو" الأئمة والفقهاء والمرشدين الدينيين والمرشدات الوعاظ والواعظات والمشفعين للتأطير الديني لأبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج وإحياء الطقوس الدينية الرمضانية وفق الثوابت الدينية المغربية. لكن يبدو أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالتنسيق مع مؤسسة الحسن الثاني، القطاعين الوصيين على تنظيم هذا "الميركاتو" الرمضاني وتوزيع "بعثات" الأئمة، لا تضعان في الحسبان مجموعة من الاحترازات كي تقوم هذه البعثة بالدور المنوط بها، وهو نشر الوعي الديني وقيم التسامح ومحاربة الغلو والتطرف في المساجد:
أولا: عشوائية توزيع أعضاء البعثة الذين يتم إرسالهم من طرف وزارة الأوقاف بعد تعيينهم من قبل المجلس العلمي الأعلى باقتراح من المجالس العلمية المحلية، على بلدان أبناء الجالية المغربية، لا تكترث للمؤهلات اللغوية التي يتوفر عليها الأئمة والوعاظ والواعظات، ومن ثمة فالمكون اللغوي عامل أساسي للتواصل مع أفراد الجالية، لأن البلدان الإسكندنافية التي تعتمد اللغة الإنجليزية كلغة ثانية لا يمكن أن تبعث لها وزارة الأوقاف أئمة لا يتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة كي تسهل عملية التلقي بينهم وبين أبناء الجيل الثاني والثالث من المهاجرين بالنرويج والسويد والدنمارك(مثلا) الذين لا يتواصلون في حياتهم اليومية هناك بالفرنسية. نفسرالشيئ يقال عن دولة يتكلم أبناء المهاجرين بها اللغة الهولندية أوالإنجليزية مثلا وترسل اليهم الوزارة أئمة يتقنون لغة أجنبية أخرى، وهو ما يخلق حوار الصم والطرشان بين أبناء الجالية وهؤلاء المرشدين.
ثانيا: استخلاص تأشيرات السفر وكل الوثائق الشخصية المتعلقة بأعضاء البعثة في "الوقت الميت" من شأنه التأثير على السير الطبيعي لهذه العملية التي ينبغي الإعداد لها في وقت مبكر، وليس انتظار الوقت الضائع للوقوف في طوابير الانتظار أمام القنصليات والسفارات بل واحتمال رفض سفارات الدول الأربية بالرباط منح الفيزا في الوقت المحدد فيحرم مغاربة العالم في هذا البلد أو ذاك من حصتهم في التأطير الديني في رمضان.
ثالثا: غياب الإعداد القبلي لمكان إقامة أعضاء البعثة، والاكتفاء بوساطات أهل البر والإحسان من قبل الجمعيات والهيئات المؤطرة للشأن الديني في مختلف بلدان أفراد الجالية المغربي، من شأنه التقليل من قيمة هؤلاء "السفراء الدينيين"، ووضع هيبته في المحك مثل مهاجرين سريين يبحثون عن ملاجئ لقضاء حاجتهم والنوم فيها.
رابعا: رغم ان عدد المغاربة المهاجرين بأوربا الغربية هو الأكبر مقارنة مع قرات أخرى، فإن ذلك لا ينهض كمبرر لتحرم وزارة الأوقاف المغاربة المهاجرين بإفريقيا من حقهم في تأطير ديني على يد أئمة مغاربة خلال رمضان، إذ بتصفح اللائحة المخصصة لكل بلد نجد أن حصة الدول الإفريقية جد هزيلة بل وينعدم وجود أئمة مغاربة ببعض الدول وكان المغاربة المقيمين بهذه الدول غير مدرجين في رادار الحكومة، علما أن التوجه الرسمي للمغرب هو ترسيخ أقدامه أكثر بالقارة السمراء.